لن يغفل المغرب عن مراقبة تطورات أسعار النفط في السوق الدولية، بعد صعودها بشكل حاد، ما يطرح تساؤلات حول فاتورة الطاقة والعجز التجاري، في بلد يستورد تقريبا مجمل حاجياته من المشتقات النفطية.
ويخشى مراقبون من أن تتسبب الضربات الجوية التي استهدفت منشآت نفطية سعودية، في زعزعة التوازن في الأسواق، خاصة أن تقارير تشير إلى أن أسعار الخام شهدت ارتفاعا كبيرا لم يحدث منذ 3 عقود.
ويتأثر سعر المنتجات البترولية في المغرب بسعر النفط الخام في السوق الدولية وسعر صرف الدولار. علما أن المغرب يستورد كل احتياجاته تقريبا منذ إغلاق مصفاته الوحيدة، في أغسطس/آب 2015. وقفزت أسعار النفط، أول من أمس، نحو 20 بالمائة في رد فعل على الهجمات، وهي أكبر قفزة في نحو 30 عاماً، قبل أن تغلق مرتفعة نحو 15 بالمائة عند أعلى مستوى في أربعة أشهر.
ورغم تراجع الأسعار، أمس، إلى نحو 68 دولارا، إلا أنها ظلت في أعلى مستوى منذ أربعة شهور.
ويرى الحسين اليمني، رئيس نقابة البترول والغاز في شركة سامير التي تدير مصفاة النفط الوحيدة في البلاد، أن سعر المنتجات النفطية التي تستهلك في المغرب، يتأثر بسعر البترول الخام، وكلفة التكرير والنقل والتأمينات.
ويضيف اليمني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ذلك السعر يتأثر أكثر بسلوك الموزعين المحليين، خصوصاً إذا ما كانوا يسعون إلى توسيع هوامش أرباحهم في سياق متسم بارتفاع الأسعار في السوق الدولية.
ويتصور أن الموزعين يتريثون في خفض الأسعار عندما تتراجع في السوق الدولية، بينما يسارعون إلى زيادة الأسعار عندما يرتفع سعر الخام.
وكان القانون يفرض على المصفاة الوحيدة في المغرب توفير شهرين من المخزون، نصفه من المكرر ونصفه من الخام ونصف الخام، علما أن خزانات البترول كانت وسّعت طاقتها من أجل ذلك من 400 ألف طن إلى 700 ألف طن.
وهدأت أسعار السولار والبنزين في الفترة الأخيرة، واستقرت في حدود 9.40 و11.15 درهماً للتر الواحد في الدار البيضاء، علما أن تلك الأسعار تتجاوز ذلك المستوى كلما تم التوغل نحو المدن الداخلية والجنوب، في ظل تحرير سعر هذين المنتجين من قبل الحكومة منذ ديسمبر/كانون الأول 2015.
ويعتبر عمر الفطواكي، الخبير المغربي في قطاع الطاقة، أن فرضية عدم استقرار أسعار النفط في السوق الدولية، في ظل احتمال تأجيج أزمة ذات بعد دولي، كما في الشرق الأوسط، تستدعي العمل على تكوين مخزون استراتيجي من النفط.
وحسب حديث الفطواكي لـ"العربي الجديد"، يمكن أن يساهم ارتفاع سعر النفط في السوق الدولية، في تفاقم العجز التجاري للمغرب ويؤثر سلبا على رصيد المملكة من النقد الأجنبي، خصوصاً أنها تستورد كل حاجياتها من منتجات الطاقة.
وتجلى من بيانات أصدرها مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية في الأسبوع الماضي، أن مشتريات المملكة من منتجات الطاقة تراجعت في نهاية يوليو/تموز الماضي، بنسبة 2.1 في المائة، لتصل إلى حوالي 4.7 مليارات دولار، ما خفض حصة الطاقة ضمن مجمل واردات المملكة من 16.4 في المائة إلى 15.5 في المائة.
ووصلت فاتورة الطاقة في العام الماضي، حسب بيانات مكتب الصرف، إلى 8.4 مليارات دولار، مرتفعة بنسبة 18.3 في المائة، مقارنة بالمستوى الذي بلغته في 2017، حين استقرت في حدود 7 مليارات دولار.
وكانت الحكومة كشفت عن الاتجاه نحو إبرام تأمين من أجل التحوط في العام المقبل، تحسبا لتأثيرات تقلبات أسعار النفط في السوق الدولي على فاتورة مشترياته الخارجية من المنتجات، وهو توجه يرى مراقبون أنه تمليه التوترات في الشرق الأوسط، وما يمكن أن تقود إليه من احتمالات ارتفاع أسعار النفط والغاز.
ويعود آخر اكتتاب للمغرب في التأمين من أجل تفادي ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية إلى صيف 2013، حيث كان يفترض تغطية الارتفاعات في أسعار النفط عندما تتجاوز 120 دولارا للبرميل.