المغرب تحلّق بصناعة الطيران

24 اغسطس 2015
نمو ضخم في صادرات أجزاء الطائرات (فرانس برس)
+ الخط -
يعرف قطاع صناعة الطائرات في المغرب تطوراً لافتاً خلال العقد الأخير، فقبل عشر سنوات خلت، كان القطاع يتكوّن من عشر شركات فقط، بينما تفيد الأرقام الصادرة عن تجمع الصناعيين المغاربة للطيران بأن رقم معاملات القطاع حالياً أصبح يبلغ 900 مليون دولار وأصبح مكوناً من أكثر من 100 شركة عالمية بما فيها شركة بوينغ العملاقة.

وباتت صادرات صناعة الطائرات تساهم في تقليص عجز الميزان التجاري، بعدما بلغت حوالي 300 مليون دولار خلال الأشهر الماضية من العام الحالي، وهو ما يجعل صناعة الطيران إلى جانب صناعة السيارات من أبطال الصادرات المغربية.


ويعود الفضل لنجاح المغرب في استقطاب أكثر من 100 شركة عالمية مصنّعة لأجزاء الطائرات، إلى اليد العاملة المغربية ذات الكلفة المنخفضة، بالإضافة إلى التحفيزات الضريبية التي أقرتها الدولة لفائدة الشركات الأجنبية حتى تفتتح فروعاً لها بالمغرب. وتقضي هذه التحفيزات، وفق المعلومات الرسمية، بأن تفتتح الشركة فرعاً في إحدى المناطق الحرة بالمغرب سواء في مدينة طنجة، شمال المغرب، أو في منطقة النواصر الواقعة بضواحي مدينة الدار البيضاء، على أن تستفيد من إعفاء ضريبي لمدة خمس سنوات. كما أن الدولة قد تقدم جزءاً من المبلغ الاستثماري وذلك عن طريق الصندوق الاستثماري "الحسن الثاني" زيادة على التكوين الذي توفره الدولة لفائدة العاملين في هذه الشركات.

اقرأ أيضا: طفرة صناعة السيارات في المغرب

وفسّر أستاذ الاقتصاد الدولي، محمد كريم، النجاح الذي يعرفه قطاع صناعة الطائرات في المغرب بارتفاع الطلب على الطائرات وبالتالي أصبحت الشركات العالمية تبحث عن دول توفر لها جودة الإنتاج وتقليص الكلفة، منبّهاً في الوقت ذاته إلى ضرورة الحذر من إعادة سيناريو صناعة النسيج بالمغرب الذي استفاد من ارتفاع الإقبال الأوروبي على النسيج وما إن ضربت الأزمة الاقتصادية القارة العجوز حتى وجد آلاف العمال المغاربة أنفسهم بلا وظائف.
وأكد محمد كريم أنه في صناعة الطائرات لا يوجد نقل للتكنولوجيا نحو المغرب وإنما كل ما يتم في المغرب هو توفير يد عاملة تقوم بعملية تجميعية وتركيبية، بينما البلد الأم لشركة صناعة الطائرات يحتكر التكنولوجيا العالية.

وتحدث الخبير الاقتصادي عن أن ما يحدث في المغرب هو ترحيل للصناعة من المغرب مقابل خلق "مناصب الشغل" وتوزيع الأجور "رغم أن هذه الأجور تبقى هزيلة".

وتشير البيانات الرسمية إلى أنه عندما أطلقت الحكومة المغربية استراتيجية الإقلاع الصناعي بداية العام الحالي والتي تهدف إلى خلق 500 ألف فرصة عمل في أفق سنة 2020، بدا واضحاً من معالم هذه الاستراتيجية أنها تراهن على المهن العالمية، أي صناعة السيارات وصناعة الطائرات، هذه الأخيرة من المرتقب أن تخلق حوالي 23 ألف فرصة عمل بحلول سنة 2020.


اقرأ أيضا: المغرب يحوّل السفر إلى تجارة مربحة 

وتراهن الحكومة على مضاعفة رقم المعاملات الخاص بتصدير أجزاء الطائرات إلى 1.6 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، بحسب ما تشير تصريحات رسمية لمطلعين على القطاع، هذا بالإضافة إلى أن التحفيزات التي أقرتها الحكومة المغربية لفائدة شركات الطيران ستساهم في استقطاب 100 فاعل جديد في صناعة الطائرات، حسب التوقعات الحكومية.

ولعلّ التفاؤل الذي تتحدث به الحكومة المغربية يجد تفسيره في كون المغرب استطاع لحدود الآن استقطاب أكبر الشركات المصنّعة للطائرات، ذلك أن 80% من طائرات الخطوط الجوية الفرنسية تتم صيانتها وإصلاحها بالمغرب وذلك نظراً للقرب الجغرافي.

ودعا الخبير في القطاع الصناعي إدريس إفنا، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى الاستفادة من تجارب الدول الصاعدة كالبرازيل وكوريا في صناعة الطائرات، حيث حصلت على التكنولوجيا والخبرة الضرورية وأصبحت هي الأخرى من الدول المصنعة للطائرات "لذلك يجب أن نسعى لخلق صناعة طائرات محلية".

اقرأ أيضا: المغرب يستعد لاستثمارات فندقية نوعيّة

وطلب إفنا من رجال الأعمال المغاربة، خصوصاً الصناعيين منهم، الإقدام بالشجاعة الكافية على استثمار رؤوس أموالهم في هذا القطاع، حتى وإن اعتبرها مغامرة "إلا أنها مغامرة ستعود بالربح عليهم وعلى البلد بشكل عام".

وانتقد إفنا كيف أن الشركات المصنعة للطائرات تحوّل أرباحها إلى الخارج والمغرب لا يستفيد إلا في الجزء المتعلق بخلق فرص عمل لليد العاملة البسيطة.
المساهمون