المعارضة السورية تثبّت المكتسبات... وعينها على غرب حلب

08 اغسطس 2016
أحياء حلب الغربية هدف المعارضة (عبدالرحمن سيد/الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن قوات المعارضة السورية تخطط جيداً لمرحلة ما بعد فك الحصار عن مدينة حلب، كما خططت سابقاً للسيطرة على مواقع استراتيجية، تُشكّل ثقل النظام السوري في الشمال عموماً وحلب خصوصاً، كما حصل في كلية المدفعية في منطقة الراموسة. وفي سبيل ذلك، تسعى قوات المعارضة لتثبيت مواقعها في المناطق التي سيطرت عليها، ثم الانطلاق منها إلى مناطق سيطرة قوات النظام غرب حلب.

في هذا السياق، يشير الناشط الإعلامي عمر عرب، المقيم في الجزء الشرقي من حلب، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الاشتباكات تدور الآن في منطقة العامرية، جنوبي المدينة. وقد أعطى مقاتلو المعارضة هناك بعض جيوب النظام التي ما زالت تقاوم، مهلة لتسليم أنفسهم"، مشيراً إلى أن "قوات النظام ما زالت تسيطر على بعض المواقع في المنطقة ومنها معمل الإسمنت".

ويعتبر معمل الإسمنت من النقاط الهامة التي تتمركز بها قوات النظام في محيط كراجات الراموسة، وتساعد السيطرة عليه في تأمين مساحات إضافية على طريق الراموسة المؤدي إلى مدينة حلب، وبالتالي جعل الطريق أكثر أمناً.

ويوضح عرب أن "قوات المعارضة تقوم بتمشيط بعض المناطق هناك، بغية تأمين طريق الراموسة، وجعله آمناً للحركة وإمكانية دخول مزيد من قوافل المساعدات الإنسانية عبر هذا الطريق". ويلفت إلى أنه "خلال عمليات التمشيط تمّ أسر عدد من عناصر قوات النظام، بينهم عميد، وذلك قرب الكلية الفنية الجوية".

ويضيف أن "الخطوة التالية التي أعلن جيش الفتح عنها، ستكون باتجاه منطقتي الحمدانية وصلاح الدين، اللتين باتتا منطقتين عسكريتين. وطلب جيش الفتح من السكان عدم الاقتراب من مواقع قوات النظام فيهما". ويردف عرب أن "اشتباكات تدور بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة، على أطراف مشروع الـ 3000 شقّة، في حي الحمدانية، غربي حلب".





وفي هذا الإطار، تُشدّد غرفة عمليات فتح حلب، على استمرار الحملة العسكرية لتحرير كامل المدينة، مطمئنةً أهالي حلب وعارضة عليهم خيارات عدة لضمان سلامتهم. وتوضح الغرفة أن "من دخل بيته من المدنيين أو دخل مسجداً أو كنيسةً أو ألقى السلاح فهو آمن"، مشيرةً إلى أن "الثوار جاؤوا لتحرير المدنيين من إجرام الأسد، وهم دعاة حرية وطلاب رحمة لا دعاة جور". وتشهد الأحياء الخاضعة لسيطرة قوات النظام في الحمدانية وصلاح الدين والـ3000 شقة، حركة نزوح كبيرة لعمق مناطق سيطرة النظام في المدينة.

غير أن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، يشير على صفحة المرصد على "فيسبوك"، إلى أن "الممرّ الذي جرى فتحه في الراموسة، غير آمن للمدنيين، وهو ممر عسكري، في حين أن قوات النظام حوصرت في أحياء حلب الغربية". ويرى أن "ما حصل في جنوبي حلب، ضربة قاصمة للنظام السوري ولروسيا وإيران وحزب الله اللبناني بسبب رهانهم على حلب، وهذه معركة كسر إرادة. كما أن أكثر من 600 ضربة جوية روسية لم تتمكن من إيقاف تقدم الفصائل".

ويرى مراقبون أن "اللافت في معركة حلب، كان سرعة تقدم قوات المعارضة والانهيار المفاجئ والسريع لقوات النظام، إذ لم تستغرق السيطرة على مدرسة المدفعية، التي تُعدّ ثاني أهم موقع عسكري للنظام في حلب، إلا ساعة واحدة".

من جهتها، أقرّت قوات النظام بتمكن مقاتلي المعارضة من التقدم في جنوبي حلب، وفي هذا الإطار، ينقل التلفزيون الرسمي عن مصدر عسكري قوله إن "قوات الجيش تراجعت عن بعض النقاط جنوب غرب حلب، وتموضعت في خطوط دفاعية جديدة". وكانت وكالة الأنباء الحكومية (سانا) قد نقلت عن مصدر عسكري قوله إن "المجموعات الإرهابية، لم تتمكن من كسر الطوق المفروض على الإرهابيين في الأحياء الشرقية من مدينة حلب". وأضاف المصدر أن "وحدات من الجيش والقوات المسلحة بالتعاون مع القوات الرديفة، تواصل عملياتها القتالية على جميع المحاور إلى الجنوب وجنوب غربي حلب".

كما تكشف مصادر إعلامية من النظام والمعارضة، أن "حزب الله أرسل تعزيزات إلى حلب، في محاولة لوقف تقدم قوات المعارضة في المدينة". وتتحدث تلك المصادر عن توجّه نحو 400 من عناصر الحزب إلى المدينة. وتشير مصادر المعارضة إلى أن "نحو 400 عنصر من النظام والمليشيات الأجنبية، قُتلوا منذ إعلان بدء معركة فك الحصار عن حلب، قبل حوالي الأسبوع، وجرى تدمير العديد من الدبابات والآليات العسكرية، إضافة لأسر عدد من عناصر النظام". من جهتها تفيد صفحة "فتح الشام" على موقع "تويتر"، أن "نحو 150 قتيلاً من النظام، سقطوا في معارك كلية المدفعية وحدها".





وقد شهدت مدينة حلب نفسها تظاهرات عدة ابتهاجاً بفك الحصار عن المدينة، وترحيباً بمقاتلي المعارضة الآتين من خارج المدينة، وقد ذبح الأهالي الخراف وأطلقوا النار في الهواء تعبيراً عن فرحتهم. كما بث ناشطون مقاطع فيديو تظهر فرحة المدنيين في أحياء حلب الشرقية، بفك الحصار. ورفع المتظاهرون علم الثورة وجابوا معظم أحياء المدينة وسط التكبيرات ورفع الآذان. لكن التظاهرات سرعان ما تفرّقت، بعد تحليق الطائرات الحربية السورية والروسية في سماء المدينة، والتي نفذت بالفعل غارات عدة داخل المدينة وفي ريفها.

وذكر ناشطون أن "الطيران الحربي استهدف بعشرات الغارات، منطقة الراموسة، وتجمّع الكليات العسكرية، جنوب غرب حلب، إضافة إلى قصف حيي المعادي وقاضي عسكر داخل المدينة، فيما طاولت غارات أخرى بلدات كفرناها وأورم الكبرى وخان العسل بريف حلب الغربي. وقد سقط قتيل وعدد من الجرحى في مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي، جراء استهدافها بالبراميل المتفجرة".

في هذه الأثناء، دخلت أول شاحنة محمّلة بالخضر إلى شرقي حلب، عبر حي الراموسة، قادمة من مدينة إدلب، وذلك بعد أن أمّن مقاتلو المعارضة هذا الطريق بعرض كيلومترين. وقد جهّزت المساعدات فعاليات ومؤسسات أهلية من إدلب، وهي مكونة من مواد غذائية بالدرجة الأولى.

بدوره، وصف رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، أنس العبدة فك الحصار عن حلب، بأنه "رسالة واضحة لنظام بشار الأسد وإيران وروسيا في عدم قدرتهم على حسم المعركة عسكرياً، وفرض إملاءاتهم على الشعب السوري".

ولفت العبدة في تصريحات صحفية إلى أن "روسيا كانت تسعى لتفريغ حلب الشرقية من سكّانها بشكل قسري، من خلال استهداف المرافق الطبية والخدمية، والترويج لما يُسمّى بممرات آمنة لإجبار المدنيين على المغادرة، وهو ما تم توثيقه بشكل كامل من قبل المنظمات الحقوقية". وأكد أهمية الانتصارات التي حققتها الفصائل المقاتلة، والتوحّد في وجه النظام لهزيمته معتبراً أنها "تعبّد الطريق لولادة سورية كوطن للسوريين والأحرار".

وبالتزامن مع معركة حلب، تسعى قوات النظام منذ أيام عدة للسيطرة على محور قلعة شلف بجبل الأكراد بريف اللاذقية، مدعومة بالمليشيات الأجنبية. وقال ناشطون إن "قوات النظام تسعى لإحراز نصر إعلامي أمام مؤيديها، حيث تقصف الطائرات الروسية المنطقة بعنف، إضافة إلى القصف المدفعي والصاروخي، في محاولة للسيطرة على قلعة شلف، والتقدّم إلى بلدة كنسبا، أهم معاقل المعارضة في جبل الأكراد، وسط أنباء عن تمكن قوات النظام من السيطرة فعلاً عليها وعلى بلدة شلف وقلعتها.