وأكد البيان الختامي للمؤتمر، الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، أن المعارضة تطالب "بإبعاد كل المسؤولين المتورطين في الفساد والتزوير الانتخابي خلال حكم النظام البائد وأولئك الذين دعوا للعهدة الخامسة ودعموها".
كذلك أعلنت رفضها انفراد السلطة بصياغة وتشكيل الهيئة المستقلة العليا للانتخابات، وطالبت في المقابل بإنشاء "لجنة وطنية تقنية توافقية، لصياغة الإطار القانوني للهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم والإشراف على الانتخابات".
وأجمعت فعاليات المعارضة على ضرورة "تأسيس هيئة وطنية مستقلة لتنظيم والإشراف على الانتخابات وعلى رزمة من الإجراءات المتعلقة بإنشائها ومهامها وتشكيلتها، وضرورة استقلاليتها السياسية والإدارية والمالية، وكذلك على آليات تسيير مرحلة التحضير للانتخابات الرئاسية".
وثمن المؤتمرون ما وصفوه بـ"الدور الدستوري الحيوي للجيش، والتعهد الذي عبرت عنه قيادة الجيش في عدة مناسبات والمتمثل في مرافقة ومساعدة الشعب في تحقيق مطالب الثورة السلمية والهبة الشعبية"، وطالبوا باستمرار الجيش في أداء دور مساعد ومسهل لعملية الانتقال الديمقراطي.
وطرح البيان موافقة مبدئية من قبل قوى المعارضة إزاء "المقاربة السياسية للسلطة التي تضمنها خطاب رئيس الدولة والتدابير التي عرضتها"، لكنهم طالبوا بتدابير إضافية و"إثرائها لكي تكون في انسجام أكثر مع مطالب الشعب ومع مقتضيات ما تضمنته رؤية المنتدى الوطني للحوار، حتى يمكن تجاوز الانسداد ولكي تكون معبراً يؤدي إلى تسوية سريعة ونهائية للأزمة القائمة".
وكان بن صالح قد طرح الأربعاء الماضي خطة سياسية جديدة تتضمن إقامة حوار غير مباشر بين السلطة والمعارضة عبر فريق من الشخصيات المستقلة وغير المتحزبة. ووافقت المعارضة على تسيير الحوار من قبل هيئة مستقلة وسيدة ضمن اشتراطات بأن "تتكون من شخصيات توافقية مقبولة شعبياً، ولم تكن من رموز النظام الفاسد". ودعت إلى أن "تشارك في الحوار كل القوى السياسية والشخصيات الوطنية والوساطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والشباب والشخصيات المنخرطة والمواكبة للثورة السلمية والهبة الشعبية والتي لم تنخرط في فرض العهدة الخامسة، أو محاولة تمديد العهدة الرابعة".
ودعا بيان المعارضة السلطة إلى إجراءات تهدئة إضافية، و"اتخاذ جملة من الإجراءات لبعث الثقة وتهيئة الأجواء الملائمة للحوار، واستبعاد رموز النظام السياسي السابق، وفتح الحقل السياسيّ والإعلاميّ، والالتزام بمواصلة تأمين المسيرات والتظاهرات الشعبية السلمية، وعدم التضييق عليها، مع ضرورة احترام حرية التعبير ورفض كل أشكال الحد منها أو الاعتقال على أساسها".
واعتبر المصدر نفسه أن "شروط نجاح أي مسعى للحوار لا يمكنها أن تكون بمعزل عن الإرادة السياسية الصادقة، واحترام الإرادة الشعبية، وضرورة إرساء أجواء الثقة بين مختلف الفاعلين، ورفع كل أشكال التردد والشك، واتخاذ إجراءات تهدئة من طرف السلطات، والتكفل بالتطلعات المشروعة للشعب الجزائري باعتباره مصدر كل الشرعيات المؤسساتية". وجددت قوى المعارضة "مساندتها التامة للحراك الشعبي السّلمي الرافض لنظام فاسد وتسلّطي وأحادي وإقصائي".
وعبّر المشاركون في مبادرة المنتدى الوطني للحوار عن أن هذه الخطوط السياسية تمثل التوافقات الكبرى على "الرؤية وخريطة الطريق المعلنة ويلتزمون بالدفاع على مضمونها والترويج لها بكل الطرق والوسائل المتاحة ويتوجّهون بها إلى الرأي العام الوطني بمختلف فئاته وأطيافه وفعالياته، لتكون أرضية للنقاش الجاد والبناء، والسلطة الفعلية في البلاد (الجيش)، الملتزمة والمقتنعة بضرورة تحقيق خيارات ومطالب الشعب المشروعة، لتكون أرضية لحوار وطني سيّد، وكل الشخصيات والإطارات الخيرة في جميع المستويات لتكون ورقة عمل قابلة للإثراء".
إلى ذلك، طالبت قوى المعارضة بإدراج مطلب رحيل حكومة بدوي ضمن أجندة الحوار غير مباشر المرتقب مع السلطة عبر هيئة حوار مستقلة.
وقال رئيس الحكومة السابق ورئيس حزب "طلائع الحريات"، علي بن فليس، لـ"العربي الجديد" إن "مطلب رحيل حكومة نور الدين بدوي يجب أن يدرج ضمن أجندة الحوار القادم"، وأضاف أن "إقامة أي حوار ناجح وصادق يشترط توفير شروط أساسية ثلاثة، من يحاور ومن يُحاوَر، ولأجل أي هدف".
من جهته، قال رئيس حزب "جيل جديد"، جيلالي سفيان، لـ"العربي الجديد" إن "رحيل الحكومة مسألة تدخل ضمن التدابير والإجراءات التي يتوجب تنفيذها لتوفير اشتراطات الحوار"، مشيرا إلى أن هناك توافقاً على ضرورة رحيل جميع الرموز التي تمثل النظام السابق.
وشارك في المؤتمر أكثر من 800 مشارك يمثلون مختلف القوى السياسية والمدنية والنقابات وتنظيمات مهنية والشخصيات المستقلة والشباب والطلبة، في مؤتمر هو الأكبر لقوى المعارضة منذ مؤتمر يونيو/ حزيران 2014، لوضع تصور مشترك يحقق مطالب الشعب وخياراته المتمثلة أساسا في التغيير الجذري لنظام الحكم، وبناء دولته بالعودة إلى مرجعتيه التاريخية الموحِّدة المنصوص عليها في بيان أول نوفمبر/ تشرين الثاني 1954.
كذلك تم التأكيد أن البلاد تشهد أزمة شاملة بكل أبعادها السياسية والمؤسساتية والدستورية والاقتصادية والاجتماعية؛ ودعوا كل القوى إلى التجند من أجل الدفاع عن الدولة الوطنية المهددة في عمقها، والسعي للاستجابة لمطالب الشعب المشروعة.