يكفي أن نعلم أن مصر تعتمد على السلع والمواد الخام المستوردة من الخارج لتأمين 80% من احتياجاتها من الغذاء والدواء والمعدات والملابس، حتى نُدرك حجم التأثير المرتقب على المواطنين إثر الانخفاض القوي والسريع للجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي. هذا بعد أن سمح البنك المركزي المصري بوصول الجنيه إلى أدنى مستوى تاريخي له بالسوق الرسمية عند 7.43 جنيهات.
السوق السوداء
السوق السوداء
ويأتي ذلك التطور السريع في السياسية النقدية للبلاد بهدف إغلاق الفجوة بين سعر صرف الدولار في السوق الرسمية ونظيرتها السوداء. غير أنه يبدو أن هذه السياسة لن تجني ثمارها. وهو ما يؤكده خبير الاستثمار والتمويل أيمن إسماعيل لـ "العربي الجديد"، قائلاً إنه طالما بقي الاحتياطي من العملات الأجنبية عند حدود منخفضة لا تسمح بإبرام عقود مستقبلية طويلة الأجل للسلع الرئيسية، من المؤكد سيزداد الطلب على السوق السوداء نتيجة تراجع الثقة في قدرة البنك المركزي على توفير كافة احتياجات البلاد من النقد الأجنبي. وحين نطابق هذا الرأي مع تطورات سعر الدولار في السوق الموازية خلال الأيام القليلة الماضية، سنكتشف أنه يتحقق عملياً إذ انخفضت قيمة الجنيه سريعاً في السوق السوداء طردياً مع السعر الرسمي حتى وصلت قيمة الدولار إلى 7.95 جنيهات.
انهيار الجنيه المصري
وفي تقرير لبنك الاستثمار "فاروس"، يتوقع أن يواصل الجنيه المصري الاتجاه الهابط مقابل الدولار حتى يصل إلى مستوى 8 جنيهات خلال عام 2015، أملاً في إغلاق الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية.
وعن آثار هذا التراجع الملحوظ في قيمة الجنيه، قال إسماعيل: "إنه من المتوقع أن تشهد مصر موجة غلاء قوية في أسعار السلع الاستهلاكية والمُعمرة والخدمات، نظراً لاستيراد 80% من احتياجات البلاد من الخارج طبقاً للبيانات الصادرة عن الاتحاد العام للغرف التجارية. ويشرح أن دخول المواطنين لا تستوعب الزيادات المتتالية في الأسعار، ما ينعكس في تراجع حجم الاستهلاك الذي يساهم حتى الآن بقرابة 40% من الناتج المحلي الإجمالي الذي يقيس كافة ما يتم إنتاجه داخل مصر.
تضرر الاقتصاد
وباستعراض بسيط لبيانات تاريخية صادرة عن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، يمكننا رصد تأثير تراجع قيمة الجنيه على أسعار الاحتياجات السلعية ومن ثم حياة المواطنين خلال العامين الماضيين. فخلال عام 2012 بلغت واردات مصر 58 مليار دولار، ثم انخفضت إلى 57.2 مليار دولار في 2013. وعند مقارنة نفس الواردات، ولكن مع ترجمتها إلى الجنيه سنكتشف أن قيمتها ترتفع من 352.8 مليار جنيه في 2012 إلى 393.8 مليار جنيه في 2013 نتيجة الانخفاض المستمر في قيمة الجنيه مقابل الدولار منذ الثورة المصرية.
هذا وتصل فاتورة الواردات من الصناعات الغذائية الى 20.6 مليار جنيه، بخلاف 8.3 مليارات جنيه للمحاصيل الزراعية التي لا يدخل ضمنها مخصصات استيراد الحبوب وتحديداً القمح، وهي حجم واردات مصر الغذائية خلال أول سبعة أشهر من 2014، بحسب بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وبجانب هذه الواردات المباشرة هناك 65.1 مليار جنيه واردات أسمدة وكيماويات مخصصة لاستزراع الأراضي. هذه الفاتورة سترتفع بالتأكيد مع الصعود اللافت لسعر الدولار مقابل الجنيه، طبقاً لمدير علاقات المستثمرين في الشركة العامة للصوامع والتخزين، محمد عبد اللطيف، الذي يؤكد أن الحبوب وفي مقدمتها القمح ستأتي على رأس السلع المرشح ارتفاع مخصصات استيرادها.
الصحة في خطر
إلى ذلك فقد رصد مركز الحق في الدواء اختفاء 700 صنف دواء، حيث واجهت شركات الأدوية صعوبة في توفير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد المواد الخام المستخدمة في التصنيع. ورغم ذلك النقص الحاد في الأدوية، يرى رئيس القطاعات المالية بشركة "إيبيكو" علي راغب أن شركات الأدوية العاملة في السوق المحلية تتعرض لخسائر فادحة، نتيجة موجة هبوط سعر الجنيه نظراً لاستيرادها 90% من المواد الخام الأساسية.
ووسط حالة القلق التي تنتاب شركات الأدوية المحلية، تقف نظيرتها الصناعية في منطقة آمنة إذ تمرر أي زيادة في تكلفة إلى المستهلك. وتقول رئيسة قطاع الاستثمار بإحدى شركات السيارات منة صادق، لـ "العربي الجديد" إن المؤسسات الصناعية ومنها المتخصصة في تجميع السيارات لن تتحمل أي تكاليف إضافية ناتجة عن انخفاض قيمة الجنيه، فالمستهلك هو من يتحمل هذه التكلفة.
انهيار الجنيه المصري
وفي تقرير لبنك الاستثمار "فاروس"، يتوقع أن يواصل الجنيه المصري الاتجاه الهابط مقابل الدولار حتى يصل إلى مستوى 8 جنيهات خلال عام 2015، أملاً في إغلاق الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية.
وعن آثار هذا التراجع الملحوظ في قيمة الجنيه، قال إسماعيل: "إنه من المتوقع أن تشهد مصر موجة غلاء قوية في أسعار السلع الاستهلاكية والمُعمرة والخدمات، نظراً لاستيراد 80% من احتياجات البلاد من الخارج طبقاً للبيانات الصادرة عن الاتحاد العام للغرف التجارية. ويشرح أن دخول المواطنين لا تستوعب الزيادات المتتالية في الأسعار، ما ينعكس في تراجع حجم الاستهلاك الذي يساهم حتى الآن بقرابة 40% من الناتج المحلي الإجمالي الذي يقيس كافة ما يتم إنتاجه داخل مصر.
تضرر الاقتصاد
وباستعراض بسيط لبيانات تاريخية صادرة عن الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، يمكننا رصد تأثير تراجع قيمة الجنيه على أسعار الاحتياجات السلعية ومن ثم حياة المواطنين خلال العامين الماضيين. فخلال عام 2012 بلغت واردات مصر 58 مليار دولار، ثم انخفضت إلى 57.2 مليار دولار في 2013. وعند مقارنة نفس الواردات، ولكن مع ترجمتها إلى الجنيه سنكتشف أن قيمتها ترتفع من 352.8 مليار جنيه في 2012 إلى 393.8 مليار جنيه في 2013 نتيجة الانخفاض المستمر في قيمة الجنيه مقابل الدولار منذ الثورة المصرية.
هذا وتصل فاتورة الواردات من الصناعات الغذائية الى 20.6 مليار جنيه، بخلاف 8.3 مليارات جنيه للمحاصيل الزراعية التي لا يدخل ضمنها مخصصات استيراد الحبوب وتحديداً القمح، وهي حجم واردات مصر الغذائية خلال أول سبعة أشهر من 2014، بحسب بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وبجانب هذه الواردات المباشرة هناك 65.1 مليار جنيه واردات أسمدة وكيماويات مخصصة لاستزراع الأراضي. هذه الفاتورة سترتفع بالتأكيد مع الصعود اللافت لسعر الدولار مقابل الجنيه، طبقاً لمدير علاقات المستثمرين في الشركة العامة للصوامع والتخزين، محمد عبد اللطيف، الذي يؤكد أن الحبوب وفي مقدمتها القمح ستأتي على رأس السلع المرشح ارتفاع مخصصات استيرادها.
الصحة في خطر
إلى ذلك فقد رصد مركز الحق في الدواء اختفاء 700 صنف دواء، حيث واجهت شركات الأدوية صعوبة في توفير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد المواد الخام المستخدمة في التصنيع. ورغم ذلك النقص الحاد في الأدوية، يرى رئيس القطاعات المالية بشركة "إيبيكو" علي راغب أن شركات الأدوية العاملة في السوق المحلية تتعرض لخسائر فادحة، نتيجة موجة هبوط سعر الجنيه نظراً لاستيرادها 90% من المواد الخام الأساسية.
ووسط حالة القلق التي تنتاب شركات الأدوية المحلية، تقف نظيرتها الصناعية في منطقة آمنة إذ تمرر أي زيادة في تكلفة إلى المستهلك. وتقول رئيسة قطاع الاستثمار بإحدى شركات السيارات منة صادق، لـ "العربي الجديد" إن المؤسسات الصناعية ومنها المتخصصة في تجميع السيارات لن تتحمل أي تكاليف إضافية ناتجة عن انخفاض قيمة الجنيه، فالمستهلك هو من يتحمل هذه التكلفة.