المصالحة الوطنيّة في العراق مشروع معطّل

25 أكتوبر 2014
تقدّمت المصلحة السياسية على مصلحة المواطن (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
يدفع المواطن العراقي ضريبة أزمة الثقة المتجذّرة بين الكتل السياسية المتصارعة على المصالح الشخصية والحزبية في البلاد، ولم يراعِ السياسيون، في أحلك الظروف، مصيره حين يُقتل ويُهجّر ويُخطف ويُلقى خلف القضبان، فيما يشكّك مراقبون في قدرة البلاد على تجاوز إرساء دعائم المصالحة الوطنية وتجاوز المصالحة الأخرى.

وتبنّى نائب رئيس الجمهورية، إياد علاوي، إعادة صياغة ملف "المصالحة الوطنية"، والذي صُرفت عليه أموال طائلة خلال فترة حكومة نوري المالكي، لكنّه لم يُفعَّل لأسباب "غامضة".

ويقول الخبير السياسي، محمد القاسم، لـ"العربي الجديد"، إنّه "على الرغم من حاجة البلاد إلى المصالحة الوطنية، فإنّ السياسيين يعطّلون من تفعيلها، وذلك لأزمة الثقة المتصاعدة في ما بينهم".

ويضيف القاسم أنّ "السياسيين لا يبالون بما يعانيه المواطنون، فمصلحتهم ومصالح أحزابهم ومصالح الدول التي دفعت بهم إلى سدّة الحكم، تحتّم عليهم تجاوز كل شيء في سبيل تحقيقها".

من جهتها، تقول النائبة في "ائتلاف الوطنية"، ميسون الدملوجي، لـ"العربي الجديد"، إنّه "لم يتم حتى الآن تكليف علاوي رسمياً بملف المصالحة الوطنية". وكشفت أنّ "علاوي لديه خطة عمل متكاملة سيباشر بها فور حصول التكليف، وتوفير الإمكانيات اللازمة".

وتشير الدملوجي إلى أنّ "هناك عملية إعادة للثقة تجري اليوم بين الكتل السياسية، ولا سيما أنّ الخطر الذي تواجهه البلاد المتمثل بداعش، هو تهديد للجميع"، وأوضحت أنّ "المصالحة الوطنية جاهزة، لأن العراق عاش مصالحة منذ قرون، فهو بلد متكيّف مع المصالحة، وأنّ السياسات السابقة لم تستطع أن تنهي هذا التعايش السلمي بين مكوّنات الشعب".

وتعتبر النائبة في الائتلاف أنّ "القرارات السياسية هي المؤثر الرئيسي بتفعيل المصالحة، وأنّ برنامج العبادي الحكومي في حال نُفّذ، سيحلّ الكثير من المشاكل العالقة".

وكانت انتصار علاوي، المتحدثة باسم "ائتلاف الوطنية" الذي يتزعّمه علاوي، أكّدت لـ"العربي الجديد"، أنّ "نائب رئيس الجمهورية بدأ بالتحرّك في اتجاه تفعيل ملف المصالحة الوطنية، ضمن خطة وضعها من ثلاثة محاور؛ الأول نقل بعض القوانين، كالمساءلة والعدالة، والإرهاب، والمخبر السرّي من الخانة السياسية الى السلطة القضائية".

بدورها، ترى النائبة عن التحالف "الكردستاني"، أشواق الجاف، أنّ "تفعيل المصالحة الوطنية يكمن في تفعيل الدستور العراقي دون تحريف أو انتقائية".

وتوضح الجاف، خلال حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ "باب الحقوق والحريات في الدستور العراقي قد أعطى جميع هذه الأمور، والفصول الأخرى قد كفلت حل جميع المشاكل الأخرى، التي تعصف بالساحة السياسية".

وتشير الجاف، في الوقت نفسه، إلى أنّه "في العراق لم تفعّل هذه البنود الدستورية، وبالتالي حدث تمييز بين فئات الشعب العراقي، ما أدى إلى أن يكون الولاء للأحزاب والشخصيات، دون الوطن"، غير أنها ترى أنه "لو تساوى الجميع في الحقوق والواجبات، فإنّ المصالحة الوطنية ستفعّل تلقائياً".

وتشدد النائبة في "الائتلاف الكردستاني"، على أنّ "العراق الآن بأمسّ الحاجة لتفعيل المصالحة، وأنّ الأبرياء هم مَن يحتاجون لها، لأننّا نشهد كل يوم قتلاً وخطفاً وتكريساً للطائفية في البلاد"، ولفتت إلى أنّ "هناك مَن يحاول تمزيق نسيج الشعب العراقي، ويعتاش على الفتنة والاضطرابات الأمنية. لذا فإن المصالحة أصبحت واجباً ومسؤوليةً وطنيةً على السياسيين كافة دون استثناء".

من جهته، يرى النائب عن تحالف "القوى العراقية"، علي المتيوتي، أنّ "المرحلة الحرجة التي يمرّ بها العراق، تحتّم على الجميع السعي إلى تفعيل المصالحة الوطنيّة"، وأشار إلى أنّه "إذا لم نستطع أن نغفر ونصفح عن بعضنا في هذه الظروف الصعبة، فمتى نستطيع؟ هل بعد انهيار البلاد بالكامل؟".

ويؤكّد المتيوتي، لـ"العربي الجديد"، أنّ "البوادر الأولى لرئيس الوزراء حيدر العبادي تشير إلى توجهه نحو تفعيل الملف"، ودعا جميع السياسيين إلى "تناسي متعلقات الماضي وأزماته والانطلاق نحو مشروع يخدم المواطنين".

ولم تتحقّق المصالحة الوطنية في العراق خلال فترة حكم المالكي، على الرغم من الأموال الطائلة التي خصصت له، وعلى الرغم أيضاً من العناوين العديدة للمشروع، ومنها إنشاء وزارة للمصالحة الوطنية، وهيئة عليا للمصالحة، ولجان تنفيذ ومتابعة للمشروع في كل مناطق العراق، وتعيين مستشار لرئيس الوزراء خاص بالمصالحة الوطنية.

وكانت مستشارة رئيس مجلس النواب لشؤون المصالحة الوطنية، وحدة الجميلي، قد كشفت عن حصول حالات فساد بأموال طائلة، أُنفقت ضمن تنفيذ مشروع المصالحة الوطنية.