تبدو المصارف "كعب أخيل"، أو نقطة ضعف، في الاقتصاد الإيراني، حيث تعد من أكثر القطاعات التي ستتأثر بالحظر، نظراً لضعف رساميلها وقاعدة عملائها وعدم قدرتها على تحقيق أرباح كبيرة منذ خروج البلاد من الحظر.
وظلت المصارف الإيرانية لحوالى عقد من الزمان معزولة بشكل شبه تام عن النظام المالي العالمي، ويتحكم فيها بدرجة كبيرة الحرس الثوري الإيراني.
وحسب تقديرات معهد التمويل الدولي الأخيرة، فإن حجم الديون التي تحملها محافظ المصارف تقدر بحوالى 283 مليار دولار. كما تقدر نسبة الديون غير العاملة، أي تلك التي لا تدر أرباحا بحوالى 12.5%، أي أكثر من 30 مليار دولار. لكن مشكلة المصارف الإيرانية لم تبدأ مع قرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني.
وتواجه إيران حتى قبل صدور قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي، أزمة مصرفية مستفحلة هددت بإفلاس العديد من البنوك، حسب ما ذكر مصرفيون.
في هذا الصدد، أبلغ المدير التنفيذي بمصرف "ميدل إيست بانك آند كو"، بارفيز اغيلي كرماني، مجموعة من المستثمرين ومدراء المصارف في مؤتمر مغلق بسويسرا، بأن البنوك الإيرانية محتاجة إلى إعادة هيكلة ورسملة تقدر بحوالى 200 مليار دولار.
وكان البنك المركزي قد طلب من المصارف زيادة رأس المال في بداية العام الجاري.
وفي بداية مارس/ آذار الماضي، وقع المركزي الإيراني اتفاقات تمويل مع مجموعة من البنوك الأوروبية والآسيوية قيمتها 55.3 مليار دولار، وذلك وفقاً لما ذكر المتحدث باسم المركزي الإيراني محمد كريمي، في مارس الماضي. لكن هذه الاتفاقات ربما لا ترى النور مع الحظر الأميركي المقبل الذي سيشدد الرقابة المالية على المصارف العالمية.
وكان صندوق النقد الدولي قد دعا الحكومة الإيرانية قبل صدور قرار ترامب بيومين، إلى إعادة هيكلة البنوك وزيادة رأس مالها، كما طلب منها الاحتفاظ بجزء من أرباحها، لكن المشكلة أن هذه البنوك لا تحقق أرباحاً، وحتى حينما سعت إلى بيع جزء من موجوداتها للحصول على التمويل لم تتمكن من الحصول على مشترين، وذلك حسب تصريحات نقلتها وكالة رويترز.
أما المشكلة الأخرى التي تعاني منها البنوك الإيرانية، فهي مواصلة سحب الإيرانيين لأموالهم منها.
وبدأ بعض الإيرانيين بسحب مدخراتهم حتى قبل إعلان ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي العالمي الموقع مع إيران، وهو ما فرض ضغوطاً على النظام المصرفي الذي يعاني بالفعل من القروض المتعثرة وسنوات العزلة.
وحسب رويترز، قال مسؤول في بنك ملي، أكبر بنك إيراني مملوك للدولة، إن المدخرات انخفضت بشكل ملحوظ.
كما تعاني المصارف الإيرانية من غياب الثقة، حيث تقل الاستثمارات، مع فرض البنوك حداً أقصى للإقراض بينما يتباطأ النمو ويبلغ معدل البطالة مستوى قياسياً مرتفعاً.
وفقد الريال الإيراني ما يقرب من نصف قيمته خلال ستة أشهر حتى إبريل/ نيسان الماضي، ما اضطر طهران لفرض حظر على تداول العملات الأجنبية محلياً وفرض سقف لحيازات العملة الأجنبية عند 12 ألف دولار.
لكن خبراء يرون أن هذا لم يمنع الإيرانيين من محاولة شراء العملة الصعبة، وهو ما أدى لمزيد من الانخفاض في سعر الريال.
وقال مسؤول مصرفي إيراني إن الإيرانيين يسحبون أموالهم. وأضاف لرويترز، أنه نتيجة "الخوف من الحرب وفرض المزيد من العقوبات سحب الكثير من الإيرانيين نقودهم من البنوك".
ونقلت وكالة إبينا الإيرانية، عن محمد رضا بور إبراهيمي، رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان، قوله إن كميات الأموال التي قام إيرانيون بتهريبها عبر العملات الافتراضية بلغت 2.5 مليار دولار.
وذكر إبراهيمي، في مارس/ آذار الماضي، أن تدفقات رؤوس الأموال النازحة للخارج بلغت 30 مليار دولار في الأشهر الماضية.
وقال صندوق النقد الدولي إن احتياطيات إيران بلغت نحو 112 مليار دولار في السنة المالية 2017-2018.
ومن المتوقع أن تواجه المصارف الإيرانية، بعد تطبيق الحظر، قيوداً على عملياتها المالية، خاصة التحويلات الخارجية. وتشمل العقوبات الأميركية أي تحويلات مالية بين المؤسسات المالية الأجنبية والبنك المركزي الإيراني وخدمات التأمين.