14 ديسمبر 2022
المسافة بين مصر الجديدة وسرت... بعيدة جداً (2)
"دار القائد" وأشياء أخرى!
عود على بدء، كان أسبوعا حافلا بالأنشطة في سرت فلم يدعونا نغادر، حتى أقاموا لنا جولات يومي الأربعاء والخميس، أبرزها، بحسبهم، زيارة غرفة، قالوا إنها "غرفة القائد"، والحقيقة أن سرت وقت ميلاد "القائد" لم يك بها غرف مطلقا، وأخذونا في جولة شملت خزان القرضابية العملاق، الذي يتغذى من أنابيب قادمة أساسا من السرير جنوب شرق ليبيا. وختمت بمأدبة عشاء على شرف "العلماء" كما كانوا يسمونهم، من قبل "الأديب" سيد قذاف الدم، في دارته الفخمة، وكانت على ما أعتقد في الحي واحد أو اثنين.
كان في سرت فندقان كبيران مرصعان بالنجوم، أتذكر أن أحدهما كان اسمه المهاري، غرب سرت، والآخر لا أتذكر اسمه، لكنه في وسط سرت. كنت قد تعرفت منذ عام إلى من عرف بعد فبراير بأنه "بلال الليبي"، ذاك الشاب الذي قبضت عليه كتائب القذافي وحاولت إجباره على قول عاش الفاتح عاش معمر، فقال الله أكبر ولا إله إلا الله فأردوه قتيلا. ولطالما تفاخر سكان مدينة المرج به أيام فبراير، والده رحمه الله صديق عزيز رغم أنه أكبر من والدي.
كانت هناك مشكلة في غرف التحكم بمجمع واغادوغوا للقاعات، الذي لم أر له مثيلا حتى في أكبر حواضر أميركا. وكلف خزينة الدولة مليارات. كان "المينفريم"، جهاز الكمبيوتر المركزي الكبير للمجمع، يظهر العروض المكتوبة بالعربي على هيئة رموز غريبة. هذا المجمع العملاق لو بني في بنغازي أو طرابلس لكان ذا فائدة عظيمة.
لا أعرف من اقترحني من مجموعة بنغازي، لأحل هذه المشكلة، كوني اختصاصي كمبيوتر ومهتماً وقتها بالإنترنت والشبكات، وفي قرارة نفسي كنت ناقما على هذا "المقلب". اتصل بي مدير الصيانة بغرفتي في المجمع الرئاسي، مبلغا إياي بأنه سيرسل لي سيارة تقلني حسب الوقت الذي يريحني في ذاك اليوم. وافقت بعد أن عرفت خلاصة الموضوع.
كنت خائفا، وحانقا على من وضعني في مأزق كهذا. ركبت إلى غرفة التحكم بالقاعة الكبرى، وجدت إيطاليا يتحدث الإنكليزية بركاكة حديثي الإيطالية، فاستطعنا أن نعمل قاعدة لغة مشتركة تفاهمنا من خلالها.
لحسن الحظ لم يك الموضوع معقدا، طلبت نسختي ويندوز ومايكروسوفت أوفيس تدعم العربي، فأخبرني أن ما يتوفر لديهم هي نسخ لا تدعم العربي، في ذلك الوقت لم يكن الويندوز يدعم جميع اللغات.
إشكالية أخرى.. هذا الفني لم يسمح لي بتغيير أي شيء. كان متنفذا، يؤمر فيطاع. لجأت لمدير الصيانة، فكان في حرج، وأخبرني بأن الموضوع يتطلب مستوى أعلى، سيتصل به، وأخبرته أني أرغب في الذهاب للفندق بوسط البلد. أوصلوني فالتقيت بذلك الصديق الشهيد وكان مهندسا بشركة العمارة الاستشارية، طلبت منه أن يحصل لي على نسخة ويندوز من شركتهم أو يدلني على محل مختص بالكمبيوترات وملحقاتها.
ذهبنا إلى مكان قريب يعرفه، فأعطانا صاحبه ما نريد مجانا حين عرف أننا لسنا من سكان المنطقة. حقيقة أن الصين أكبر سوق لـ"نسخ" المنتجات دون تراخيص، وعلى مستوى العرب يأتي العراق أولا وليبيا ثانيا.. وقتها كان ترخيص الويندوز والأوفيس يفوق الألف دولار، ولكن عندنا يباع بعشرة دنانير للرخصة الواحدة، ما يعادل وقتها 3 دولارات.
سمح لي بتجريب هذا في قاعة صغيرة، فيها أكثر من خمسمئة مقعد. نجحت التجربة، حيث اخترت القاعة المقرر إلقاء ورقتي فيها. عرض عليّ أن أعمل معهم، ويوفروا لي سكنا، شكرتهم على العرض، بما يحمله من أهمية، ومازحتهم بأنني لا أعرف أن أسبح خارج بنغازي.
حقيقة، كان العرض مغريا جدا، على كل الأصعدة، لكن أسرتي وقتها كانت مكونة مني وزوجتي وابنتي، ولا أستطيع أن أوقف زوجتي بعد كل الجهود المضنية في الدراسة عن العمل، ولا يصلح أبدا أن تعمل ولو طبيبة بمستشفى (ريفي) في سرت، لو كانت معلمة لفكرت، إذ إن المعلمات يعملن في الغالب لوحدهن في مدارسهن الخاصة.
سألني الدكتور عمر ممازحاً: "لم أجد ورقة تتناول الموارد في مجال الكمبيوتر، فلم "تزاحموننا" على مؤتمراتنا القليلة، يا أخي وأنتم لديكم الكثير؟"، قلت له: "هل تعرف القصيدة اليتيمة، هي هذه الورقة (اليتيمة)".
يوم مأدبة قذاف الدم، علمت من مصادري أننا سنلتقيه مكسورا في رجله، إن التقيناه وقدر على استقبالنا. عزا من أطلعني ذلك إلى أنهم كانوا ساهرين لساعة متأخرة يعدون للحفلة، وزعم أنه "سكر حتى فقد"، ولا أعرف الرجل ولا أعرف هل هو يسكر أم لا. المهم أنه انزلق. فعلا في اليوم التالي وصلنا بالباصات إلى بيته المجاور لبيت أخيه أحمد قذاف الدم، قائد "جبهة النضال الوطني"، حاليا.
زرنا قذاف الدم فوجدنا طابور شرف طويلاً جدا، صافحناهم واحداً واحداً، وكان هو في المنتصف، حين صافحته قلت له الحمد لله على السلامة، نظر إلي باستغراب، واصلت وجلسنا في سرادق ضخم فيه 700 ضيف، ومثلهم من سكان سرت، وقد بالغوا للأمانة في إكرام وفادتنا.
جلس إلى جانبي شباب من مدن مختلفة يكتبون أوراقاً، ناولني الذي بجواري ورقة وقال لي اكتب. قلت له: ماذا أكتب؟ قال: طلب بالحصول على إيفاد لدرجة أعلى. أجبته مبتسما: "ما أنا بكاتب". وفعلا معظم الشباب الصغار كتبوا "مية مكتوب" ولا أعرف حتى الآن هل حصلوا على مبتغاهم، أم لا؟
"جبهة النضال الوطني"
حاول أكثر من شخص، عام 2015، الاتصال بي في أميركا لمحاولة استقطابي.
عبر السكايب، اتصل بي مديري السابق، وبعد أن أطال في السؤال عن الحال والأحوال والأسرة والمعيشة، أرسل لي بوست بنحو 10 نقاط. هذه النقاط هي ملخص لعمل الجبهة، قرأتها واختلفت معه في معظمهما. قال لي لا فاتح لا فبراير البلد ضاعت ونريد "انقاضها"، كتبها هكذا، ضحكت وقلت له مثلًا عاميًا "اللي في عقلك اتخرب وجابك" ها أنت "جبتها" على بلاط وقلت إنكم تريدون "انقاض" البلد والواقع لم تقصروا، فالفارق بين الإنقاذ والإنقاض حرف لكنه وفق "أبو الحروف" وتغييراته المريعة يفعل الأعاجيب.
وكان مديري وقتها يعيش بين مصر وإيطاليا، لا يستطيع دخول ليبيا. ضحكت مرة أخرى، وأخبرته لو أنقذتموها منذ البداية ما كانت فبراير. يبدو أنه يراودك حنين إلى المناصب التي منذ بضع سنين مبتعدة عنك. يا أخي أنتم تريدون إنقاذ أنفسكم ولو على حساب "انقاض" هذا البلد. أما فبراير فقد "جبت ما قبلها"، سبتمبر، ولكي تعودوا لـ"تنقذوا" عليكم أولاً الانتصار كممثلين لسبتمبر على فبراير لنتعادل. كنت وقتها واثقاً من فبراير رغم خلافاتي مع ثلثي من ركبها.
لم يعجبه كلامي، فغير دفة الحديث، سألني عن المعيشة في أميركا وصعوبتها وغلائها، قلت له إننا لسنا في رغد من العيش لكننا ما زلنا نقاوم. سألني، ولم لا تعمل زوجتك طبيبة، وهو يريد أن يتأكد، فلو حصلت على ترخيص عمل في أميركا كطبيبة، حينها في سنوات سنصبح من أصحاب الملايين. أخبرته أنها لا تعمل لأنها تحتاج إلى ترخيص وقصة الترخيص طويلة "أطول من ليلة شتاء بلا عشاء". أجاب بأن كان الله في عونكم فضحكت، وقلت نعم كان الله في عوننا، خاصة أن لدي ابنة ستتخرج من "الهاي سكول" هذا العام وسترهقنا بمصاريفها.
-هؤلاء من قراء الخطابات وكتبة التقارير، يشكون في أصابع أيديهم-، بسرعة أجاب، والله (ولا تحلفني) أنا أيضا أعاني كثيراً وأجد نفسي عاجزاً عن الصرف على الأولاد ومصاريف الدراسة وعوائل الأولاد (أيضاً)، أعتقد أني بعد فترة قصيرة سأعود إلى ليبيا مهما حصل فالظروف هنا صعبة.
ضحكت مرة أخرى، وقلت له: أنت الآن في مصر، أعتقد أن الدولار يناطح الاثني عشر جنيهاً. ألف دولار تعدل اثني عشر ألف جنيه مصري. أعتقد أن بإمكاني إقراضك ألفي دولار طالما أنت تكابد ظروفاً صعبة. طبعاً رفض، وأنا لم أكن جاداً ولا هو كان محتاجاً، إنما هو رد على رده. من ذاك الرد، والمصائب تترى، ترف على رأسي وأنا ثابت إن شاء الله.
كان في سرت فندقان كبيران مرصعان بالنجوم، أتذكر أن أحدهما كان اسمه المهاري، غرب سرت، والآخر لا أتذكر اسمه، لكنه في وسط سرت. كنت قد تعرفت منذ عام إلى من عرف بعد فبراير بأنه "بلال الليبي"، ذاك الشاب الذي قبضت عليه كتائب القذافي وحاولت إجباره على قول عاش الفاتح عاش معمر، فقال الله أكبر ولا إله إلا الله فأردوه قتيلا. ولطالما تفاخر سكان مدينة المرج به أيام فبراير، والده رحمه الله صديق عزيز رغم أنه أكبر من والدي.
كانت هناك مشكلة في غرف التحكم بمجمع واغادوغوا للقاعات، الذي لم أر له مثيلا حتى في أكبر حواضر أميركا. وكلف خزينة الدولة مليارات. كان "المينفريم"، جهاز الكمبيوتر المركزي الكبير للمجمع، يظهر العروض المكتوبة بالعربي على هيئة رموز غريبة. هذا المجمع العملاق لو بني في بنغازي أو طرابلس لكان ذا فائدة عظيمة.
لا أعرف من اقترحني من مجموعة بنغازي، لأحل هذه المشكلة، كوني اختصاصي كمبيوتر ومهتماً وقتها بالإنترنت والشبكات، وفي قرارة نفسي كنت ناقما على هذا "المقلب". اتصل بي مدير الصيانة بغرفتي في المجمع الرئاسي، مبلغا إياي بأنه سيرسل لي سيارة تقلني حسب الوقت الذي يريحني في ذاك اليوم. وافقت بعد أن عرفت خلاصة الموضوع.
كنت خائفا، وحانقا على من وضعني في مأزق كهذا. ركبت إلى غرفة التحكم بالقاعة الكبرى، وجدت إيطاليا يتحدث الإنكليزية بركاكة حديثي الإيطالية، فاستطعنا أن نعمل قاعدة لغة مشتركة تفاهمنا من خلالها.
لحسن الحظ لم يك الموضوع معقدا، طلبت نسختي ويندوز ومايكروسوفت أوفيس تدعم العربي، فأخبرني أن ما يتوفر لديهم هي نسخ لا تدعم العربي، في ذلك الوقت لم يكن الويندوز يدعم جميع اللغات.
إشكالية أخرى.. هذا الفني لم يسمح لي بتغيير أي شيء. كان متنفذا، يؤمر فيطاع. لجأت لمدير الصيانة، فكان في حرج، وأخبرني بأن الموضوع يتطلب مستوى أعلى، سيتصل به، وأخبرته أني أرغب في الذهاب للفندق بوسط البلد. أوصلوني فالتقيت بذلك الصديق الشهيد وكان مهندسا بشركة العمارة الاستشارية، طلبت منه أن يحصل لي على نسخة ويندوز من شركتهم أو يدلني على محل مختص بالكمبيوترات وملحقاتها.
ذهبنا إلى مكان قريب يعرفه، فأعطانا صاحبه ما نريد مجانا حين عرف أننا لسنا من سكان المنطقة. حقيقة أن الصين أكبر سوق لـ"نسخ" المنتجات دون تراخيص، وعلى مستوى العرب يأتي العراق أولا وليبيا ثانيا.. وقتها كان ترخيص الويندوز والأوفيس يفوق الألف دولار، ولكن عندنا يباع بعشرة دنانير للرخصة الواحدة، ما يعادل وقتها 3 دولارات.
سمح لي بتجريب هذا في قاعة صغيرة، فيها أكثر من خمسمئة مقعد. نجحت التجربة، حيث اخترت القاعة المقرر إلقاء ورقتي فيها. عرض عليّ أن أعمل معهم، ويوفروا لي سكنا، شكرتهم على العرض، بما يحمله من أهمية، ومازحتهم بأنني لا أعرف أن أسبح خارج بنغازي.
حقيقة، كان العرض مغريا جدا، على كل الأصعدة، لكن أسرتي وقتها كانت مكونة مني وزوجتي وابنتي، ولا أستطيع أن أوقف زوجتي بعد كل الجهود المضنية في الدراسة عن العمل، ولا يصلح أبدا أن تعمل ولو طبيبة بمستشفى (ريفي) في سرت، لو كانت معلمة لفكرت، إذ إن المعلمات يعملن في الغالب لوحدهن في مدارسهن الخاصة.
سألني الدكتور عمر ممازحاً: "لم أجد ورقة تتناول الموارد في مجال الكمبيوتر، فلم "تزاحموننا" على مؤتمراتنا القليلة، يا أخي وأنتم لديكم الكثير؟"، قلت له: "هل تعرف القصيدة اليتيمة، هي هذه الورقة (اليتيمة)".
يوم مأدبة قذاف الدم، علمت من مصادري أننا سنلتقيه مكسورا في رجله، إن التقيناه وقدر على استقبالنا. عزا من أطلعني ذلك إلى أنهم كانوا ساهرين لساعة متأخرة يعدون للحفلة، وزعم أنه "سكر حتى فقد"، ولا أعرف الرجل ولا أعرف هل هو يسكر أم لا. المهم أنه انزلق. فعلا في اليوم التالي وصلنا بالباصات إلى بيته المجاور لبيت أخيه أحمد قذاف الدم، قائد "جبهة النضال الوطني"، حاليا.
زرنا قذاف الدم فوجدنا طابور شرف طويلاً جدا، صافحناهم واحداً واحداً، وكان هو في المنتصف، حين صافحته قلت له الحمد لله على السلامة، نظر إلي باستغراب، واصلت وجلسنا في سرادق ضخم فيه 700 ضيف، ومثلهم من سكان سرت، وقد بالغوا للأمانة في إكرام وفادتنا.
جلس إلى جانبي شباب من مدن مختلفة يكتبون أوراقاً، ناولني الذي بجواري ورقة وقال لي اكتب. قلت له: ماذا أكتب؟ قال: طلب بالحصول على إيفاد لدرجة أعلى. أجبته مبتسما: "ما أنا بكاتب". وفعلا معظم الشباب الصغار كتبوا "مية مكتوب" ولا أعرف حتى الآن هل حصلوا على مبتغاهم، أم لا؟
"جبهة النضال الوطني"
حاول أكثر من شخص، عام 2015، الاتصال بي في أميركا لمحاولة استقطابي.
عبر السكايب، اتصل بي مديري السابق، وبعد أن أطال في السؤال عن الحال والأحوال والأسرة والمعيشة، أرسل لي بوست بنحو 10 نقاط. هذه النقاط هي ملخص لعمل الجبهة، قرأتها واختلفت معه في معظمهما. قال لي لا فاتح لا فبراير البلد ضاعت ونريد "انقاضها"، كتبها هكذا، ضحكت وقلت له مثلًا عاميًا "اللي في عقلك اتخرب وجابك" ها أنت "جبتها" على بلاط وقلت إنكم تريدون "انقاض" البلد والواقع لم تقصروا، فالفارق بين الإنقاذ والإنقاض حرف لكنه وفق "أبو الحروف" وتغييراته المريعة يفعل الأعاجيب.
وكان مديري وقتها يعيش بين مصر وإيطاليا، لا يستطيع دخول ليبيا. ضحكت مرة أخرى، وأخبرته لو أنقذتموها منذ البداية ما كانت فبراير. يبدو أنه يراودك حنين إلى المناصب التي منذ بضع سنين مبتعدة عنك. يا أخي أنتم تريدون إنقاذ أنفسكم ولو على حساب "انقاض" هذا البلد. أما فبراير فقد "جبت ما قبلها"، سبتمبر، ولكي تعودوا لـ"تنقذوا" عليكم أولاً الانتصار كممثلين لسبتمبر على فبراير لنتعادل. كنت وقتها واثقاً من فبراير رغم خلافاتي مع ثلثي من ركبها.
لم يعجبه كلامي، فغير دفة الحديث، سألني عن المعيشة في أميركا وصعوبتها وغلائها، قلت له إننا لسنا في رغد من العيش لكننا ما زلنا نقاوم. سألني، ولم لا تعمل زوجتك طبيبة، وهو يريد أن يتأكد، فلو حصلت على ترخيص عمل في أميركا كطبيبة، حينها في سنوات سنصبح من أصحاب الملايين. أخبرته أنها لا تعمل لأنها تحتاج إلى ترخيص وقصة الترخيص طويلة "أطول من ليلة شتاء بلا عشاء". أجاب بأن كان الله في عونكم فضحكت، وقلت نعم كان الله في عوننا، خاصة أن لدي ابنة ستتخرج من "الهاي سكول" هذا العام وسترهقنا بمصاريفها.
-هؤلاء من قراء الخطابات وكتبة التقارير، يشكون في أصابع أيديهم-، بسرعة أجاب، والله (ولا تحلفني) أنا أيضا أعاني كثيراً وأجد نفسي عاجزاً عن الصرف على الأولاد ومصاريف الدراسة وعوائل الأولاد (أيضاً)، أعتقد أني بعد فترة قصيرة سأعود إلى ليبيا مهما حصل فالظروف هنا صعبة.
ضحكت مرة أخرى، وقلت له: أنت الآن في مصر، أعتقد أن الدولار يناطح الاثني عشر جنيهاً. ألف دولار تعدل اثني عشر ألف جنيه مصري. أعتقد أن بإمكاني إقراضك ألفي دولار طالما أنت تكابد ظروفاً صعبة. طبعاً رفض، وأنا لم أكن جاداً ولا هو كان محتاجاً، إنما هو رد على رده. من ذاك الرد، والمصائب تترى، ترف على رأسي وأنا ثابت إن شاء الله.