المرزوقي مدافعاً عن أفضليته للرئاسيات: نجاحي ضمانة للتوازن والحريات

13 نوفمبر 2014
حدد المرزوقي موقفه من قضايا داخلية وخارجية (أمين لاندولسي/الأناضول)
+ الخط -

كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية في تونس، تصاعدت وتيرة الحملة الانتخابية، ومعها يزداد التنافس بين المرشحين. لكن ما يُلاحظ أن السجال الإعلامي والسياسي يتجه يوماً بعد يوم نحو ثنائية قد تزداد وضوحاً خلال الزمن المتبقي أمام التونسيين لحسم اختيارهم الأخير.

هذه الثنائية بدت شبه قائمة بين زعيم حزب "نداء تونس" الباجي قايد السبسي وبين الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي، الذي كشفت عمليات سبر الآراء التي تتم سراً، أن أسهمه في صعود، وأنه قد تمكن خلال أسبوع فقط من مضاعفة حجم المؤيدين له بنسبة تقارب اليوم 26 في المائة بعد أن كان في حدود 14 في المائة. وهو ما بدأ يثير قلق القريبين من السبسي، ولا سيما أن هذا الصعود حدث بعد قرار مجلس شورى حركة النهضة بعدم مساندة مرشح بعينه. ولهذا السبب، شككت أوساط حزب نداء تونس في نوايا حركة النهضة، واتهامها بأنها عملياً لم تلزم الحياد، وإنما اختارت الانحياز للمرزوقي.

يشعر المرزوقي، الذي أكد أنه مرشح مستقل وليس باسم حزب المؤتمر الذي أسسه والذي انفرطت منظومته حسب تعبيره، بأن الرياح يمكن أن تكون في صالحه، رغم الضغوط التي يتعرض لها.

وبناءً عليه، يقوم المرزوقي حالياً في إدخال بعض التعديلات على حملته الانتخابية من أجل إصلاح أخطاء جوهرية حدثت خلال الأيام الماضية. ولهذا السبب بالذات اجتمع يوم الثلاثاء بعدد من الإعلاميين ليرد على أسئلتهم وملاحظاتهم، ويوضح موقفه من قضايا رئيسية.

وتعتبر العلاقة بالإعلام والإعلاميين في مقدمة المشكلات التي واجهها، ولا يزال المرزوقي منذ أن تحمل مسؤولية رئاسة الدولة. فالأزمة بينهما بلغت حدّها الأقصى عندما قام المرزوقي بهجوم معاكس مع بدء حملته الانتخابية حين وصف الإعلام العمومي خصوصاً بنعوت قاسية، فعمّق بذلك الهوة بينه وبين معظم مكونات الأسرة الإعلامية.

يعتقد المرزوقي بأن المشاركين في الانتخابات مطالبين باحترام قواعد اللعبة. ويشير إلى وجود تجاوزات خطيرة. وركز بدرجة أساسية على الإعلام الذي اتهمه مرة أخرى بعدم الموضوعية والمهنية، وأن جزءاً واسعاً منه يوظّف لصالح شخص وحزب لم يذكرهما.

ونظراً لانتقادات تلقاها من بعض المشاركين في هذه الجلسة، اعترف بأنه قد يكون أخطأ في الرد على مناوئيه سواء عند التعميم أو في لغة الخطاب، لكنه يعتقد بأنه لا يوجد رئيس للجمهورية مثله قد تعرض لهجوم مشابه على شخصه وتشويه سمعته وترويج الإشاعات حوله. ولفت إلى أنه بالرغم من ذلك لم تتحرك نقابة الصحافيين والمنظمات المهنية من أجل الدفاع عنه أو إدانة مثل هذه الأساليب. ولهذا قال في هذه الجلسة "اعذروني إن دافعت عن نفسي ضد هذا القصف الإعلامي بطريقة قد تكون شديدة"، مضيفاً "والبادئ أظلم".

لكن المرزوقي يفتخر بأنه لم يسجن أي صحافي طيلة رئاسته، ولم يضيّق الخناق مثلما فعل غيره على أي مؤسسة إعلامية. ومع ذلك قال "أنا بشر أحس وأتألم وأرد الفعل، وأعدكم بأني سأقاوم بشريتي".

وعند سؤاله عن الكتاب الأسود الذي أصدرته مؤسسة الرئاسة وانتقده الإعلاميون بشدة، أشار إلى أن الكتاب قد جمعت أوراقه على أساس مدّه بالوثائق المصاحبة إلى رئاسة المجلس الوطني التأسيسي من أجل التعجيل بالعدالة الانتقالية، إلا أن نسخة الكتاب سُرِقت وتم ترويجها من دون علمه.

في الجلسة أيضاً، انتقده بعض الإعلاميين بسبب ظهوره إلى جانب أحد رموز السلفية العلمية في تونس، الشيخ السلفي البشير بلحسن، في إحدى مدن البلاد، فضلاً عن تعرضه للنقد بسبب حضور أحد رموز روابط حماية الثورة التي يثار حولها جدل واسع في تونس منذ أكثر من سنتين للجلسة التي افتتح بها حملته الانتخابية.

وقد صرح هذا الشخص أخيراً بأنه في حال عودة رموز النظام السابق، بما في ذلك حزب نداء تونس وزعيمه الباجي قايد السبسي، فإنه يبشر التونسيين بـ "حمام دم".

إلا أن المرزوقي قال إنه قد فوجئ بصعود بلحسن على المنصة، مؤكداً أنه على خلاف مع السلفيين عموماً. أما بالنسبة لروابط حماية الثورة، فقد اكتفى بالقول إنه ضدّ كل خطاب يدعو أصحابه إلى العنف، بما في ذلك هذه الروابط، وإنه لا يتبنى الخطاب الثورجي، لكنه أضاف بأنه لا يستطيع أن يمنع من يريد أن يسانده في حملته الانتخابية. كما لفت إلى أن دعوته للسلفيين سابقاً إلى قصر الرئاسة إنما كان محاولة منه من أجل إبعادهم عن العنف.

واعتبر المرزوقي أيضاً أن الهدف الأساسي من ترشحه هو ما وصفه بـ "إحداث التوازن"، في إشارة منه إلى وجود خوف من حصول "تغول الحزب الفائز في التشريعية على السلطة" إذا ما نجح أيضاً في الوصول إلى قصر قرطاج.

ورأى المرزوقي في نفسه، كرئيس للدولة، ضمانة لحماية الحريات ودعم الأمن القومي ومعالجة معضلة الديون وتوفير الاستثمار. وفي دفاعه عن دوره كقائد أعلى للقوات المسلحة، ذكر بأنه عندما تولى الرئاسة اكتشف أن الجيش التونسي لم يتسلم أية قطعة سلاح جديدة منذ 1981. وهو ما جعله يقوم بمساع لدى رئيس الحكومة التركية في ذلك الحين رجب طيب أردوغان، الذي قبل بتسليم تونس أربعين دبابة من نوع كبريت.

وبالنسبة للسياسة الخارجية، شدد المرزوقي على أنه تونسي وليس رجل المغرب ولا هو رجل فرنسا لمجرد أن زوجته فرنسية. واعتبر أنّ العلاقة مع الجزائر استراتيجية، وأنه كان يحفظ في طفولته النشيد الوطني الجزائري قبل أن يتعلم النشيد التونسي، وأن القصر الرئاسي الوحيد في العالم الذي رفع العلم الجزائري من خارج الجزائر هو قصر قرطاج تحت رئاسته.

أما بالنسبة لسورية، فقد عبّر عن استغرابه من الذين يلومونه على قطع العلاقات مع دمشق ويقبلون بالتعامل مع نظام شرس، في حين أنهم يرفضون المساس قيد أنملة بالحريات في تونس. وبناءً عليه، جدد رفضه لعودة العلاقات مع سورية الآن وأيضاً بعد نجاحه في الانتخابات، مؤكداً أن "تونس لها مبادئ وليس فقط لها مصالح".

وكانت خاتمة الحوار مع المنصف المرزوقي المرشح للرئاسة وليس الرئيس، قد دار حول ظاهرة الاستقطاب الثنائي الذي يزداد قوة في هذا المنعطف الذي تمرّ به تونس. وعبر المرزوقي عن إدراكه بأن هذا الاستقطاب سيحدث تصدّعاً على الصعيد الوطني، لكن من جهته التزم بأنه سيسعى إلى خفض درجات الاحتقان، داعياً أنصاره إلى عدم الدخول في معركة سباب وتبادل الشتائم مع المنافسين. كما وعد بأنه سيسعى بعد الانتخابات، في حال فوزه، إلى العمل على معالجة الجراح التي ستخلفها الحملة الحالية.

المساهمون