المرزوقي لن يتولى قيادة "حراك شعب المواطنين"

07 يناير 2015
المرزوقي غاب عن المجلس الوطني لـ"المؤتمر" (الأناضول)
+ الخط -

كشف قيادي في حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" لـ"العربي الجديد" أن الرئيس التونسي السابق والرئيس الشرفي للحزب المنصف المرزوقي، اعتذر عن حضور المجلس الوطني للحزب الذي عُقد نهاية الأسبوع الماضي، على الرغم من توجيه دعوة إليه للمشاركة.

وكان "المؤتمر من أجل الجمهورية" توّج مجلسه الوطني، بإصدار بيان عبّر فيه عن ارتياحه للتداول السلمي للسلطة، ومحافظة البلاد على مناخات الأمن والهدوء على الرغم من التجاوزات التي شابت العملية الانتخابية، داعياً الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى إدخال الإصلاحات اللازمة مستقبلاً من أجل تأمين النزاهة الكاملة.

كما ندّد بعودة الممارسات القديمة من اعتقالات عشوائية وحالات تعذيب موثّقة وعمليات تهديد لمناضلين سياسيين ومدونين وغيرهم من نشطاء، وطالب بوقف التضييق والملاحقات المتواترة ضد عدد من الناشطين في الحملات الانتخابية، معتبراً أن وجود سجناء سياسيين في تونس اليوم مسألة معيبة للديمقراطية التونسية الناشئة، مطالباً بإطلاق سراح كل الموقوفين بسبب أفكارهم ومواقفهم، وعلى رأسهم المدوّن ياسين العياري.

ودعا المجلس الشباب إلى تجديد إيمانهم بالثورة وإلى الانخراط السياسي عبر تعزيز صفوف الحزب والمساهمة في انتشاره حتى يواصل تحقيق حلمهم الجماعي في السيادة والحرية والكرامة، مؤكداً تفاعل الحزب الإيجابي وانخراطه عملياً في مبادرة "حراك شعب المواطنين"، ومطالباً كل القوى السياسية والمدنية والشخصيات الوطنية بالالتقاء والتنسيق من أجل دعم هذه المبادرة وإنجاحها كمشروع ديمقراطي يهدف إلى ترسيخ مكاسب الثورة التونسية وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية.

ويكشف القيادي في "المؤتمر" الذي رفض ذكر اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن المرزوقي الذي غاب عن الاجتماع، وجّه رسالة إلى المشاركين في المجلس الوطني للحزب شكر فيها مناضلي الحزب على مشاركتهم الفاعلة في الانتخابات التشريعية والرئاسية التي شهدتها تونس، ودعا "المؤتمر" إلى أن يكون قاطرة "حراك شعب المواطنين" الذي أعلن عن بعثه، مؤكداً عدم رغبته في تولي المسؤولية الأولى في هذا الحراك، مكتفياً بدور الرمز لكل من يرغب في بناء تونس ديمقراطية وحرّة.

ويؤكد المصدر نفسه أن هناك مشاورات بين "المؤتمر من أجل الجمهورية" برئاسة عماد الدايمي، وحركة "وفاء" برئاسة عبد الرؤوف العيادي، و"التيار الديمقراطي" برئاسة محمد عبّو، وحزب "البناء" برئاسة رياض الشعيبي، ومع البعض من رموز الحزب "الجمهوري" وحزب "التكتل من أجل العمل والحريات" وبعض الشخصيات اليسارية المستقلة، من أجل بناء جبهة ديمقراطية اجتماعية تكون من الروافد الأساسية لـ"حراك شعب المواطنين" الذي أعلن عنه المرزوقي.

وبحسب القيادي في "المؤتمر"، فإن هذه المشاورات قطعت أشواطاً مهمة في إطار من السرية التامة حتى تحقق أهدافها بعيداً عن الأضواء، وسيتم الإعلان عن المشروع بعد تجاوز بعض العقبات التي تعترضه، وأهمها الأرضية التي سيتم التوافق حولها بين الأطراف السياسية العديدة. وقد تكون شخصية المرزوقي نقطة الالتقاء بين كل هذه التيارات المختلفة لجهة التوجّه، لكن ما يجمع بينها هو حرصها على بعث قطب معارض يمكّن من الخروج من الاستقطاب الثنائي بين حزب "نداء تونس" وحركة "النهضة".

ويكشف المصدر أن توتراً ساد الأجواء التي دار فيها المجلس الوطني لحزب "المؤتمر"، خصوصاً عند تقييم المرحلة السياسية الماضية والتي كان من أهم معالمها الفشل في الانتخابات التشريعية والرئاسية. وقد تمّ التوصل إلى أن أسباب هذا الفشل تعود إلى أربعة أمور رئيسية، أولها الانقسامات التي عرفها الحزب من خلال تأسيس عبد الرؤوف العيادي، القيادي السابق في الحزب، لحركة "وفاء"، وتأسيس الأمين العام السابق للحزب محمد عبّو "التيار الديمقراطي"، مما تسبب في تشتيت الأصوات في الانتخابات التشريعية، وجعل "المؤتمر" لا يحصل إلا على أربعة مقاعد في مجلس النواب، بينما فاز في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عام 2011 بـ29 مقعداً.

أما ثاني هذه الأسباب فهو المشاركة في الحكم من العام 2012 إلى 2014 بصلاحيات محدودة، سواء كان ذلك في حكومة الترويكا مع "النهضة" وحزب "التكتل من أجل العمل والحريات"، أو في رئاسة الجمهورية ممثلة في شخص المرزوقي.

ثالثها الارتباط العضوي بحركة "النهضة" في مستوى اتخاذ المواقف أو التوجّهات السياسية العامة، مما أوحى للكثيرين بأن "المؤتمر من أجل الجمهورية" أصبح فرعاً من "النهضة"، وهو ما كان له الأثر السلبي لدى الكثير من التونسيين، فبات الحزب بلا شخصية مستقلة تميّزه عن غيره من الأحزاب وخصوصاً عن "النهضة".

أما السبب الرابع فهو التصريحات غير المسؤولة والفردية من قِبل بعض قيادات الحزب حول موضوعي العنف والإرهاب، مما أوجد انطباعاً لدى التونسيين بأن "المؤتمر" يدعّم العنف، وخصوصاً ما صدر من لجان حماية الثورة التي تمّ حلّها بقرار قضائي، وظهر الحزب وكأنه يبحث عن مبررات لتبييض الإرهاب.

هذه الأسباب اعتبرها المشاركون في المجلس الوطني وراء فشله في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ودعوا إلى تلافيها حتى يحقق الحزب النتائج المرجوّة مستقبلاً.

لكن القيادي في "المؤتمر" الذي تحدثت إليه "العربي الجديد"، لا يرى أن هذه الخلافات ستؤدي إلى تفكك الحزب من جديد، بل يؤكد أن العكس هو الصحيح، إذ الحزب من وجهة نظره مقبل على حركة تصحيحية داخلية ستساعده على إعادة تجميع مناضليه والمساهمة الفاعلة في الحياة السياسية والاستحقاقات السياسية المقبلة، وخصوصاً في انتخاب مجالس المحافظات وفي الانتخابات البلدية التي ستشهدها تونس عام 2015.