بينما احتفلت النساء حول العالم باليوم العالمي للمرأة، عاشت نساء ليبيا جريمة نكراء راحت ضحيتها حنان يوسف الحصادي، عضو "جمعية صوت المرأة الليبية" التي اغتيلت أمام منزلها في مدينة درنة، عندما أطلق عليها مسلحون مجهولون وابلاً من الرصاص ولاذوا بالفرار.
وتعد الجريمة واحدة من سلسلة جرائم اغتيال تسود العديد من المدن الليبية، وخاصة مدينتي بنغازي ودرنة، في ظل الفوضى وانتشار السلاح وعدم استكمال بناء مؤسسات الدولة، حيث وثقت منظمات حقوقية خلال عامين ما يقارب 300 جريمة اغتيال، والمئات من حالات الخطف والاختفاء القسري استهدفت فئات عديدة من المجتمع الليبي وأغلبها من النساء.
ورغم أن المرأة الليبية نالت بعض حقوقها قبل ثورة فبراير/شباط، كما تقول الدكتورة زينب الزائدي مرشحة لجنة كتابة الدستور، إلا أن ما بعد فبراير/شباط 2011 تراجعت حقوق أخرى، وظل بعضها عالقا، بما يمكن أن يجعل الثامن من مارس/آذار مناسبة لإحياء قضايا المرأة الليبية واستعادة الانجازات والإخفاقات والتأكيد على حقوقها والمساواة بين المواطنين كمطلب أساسي ومقدمة لبناء دولة المؤسسات والقانون.
صراع الهوية
وشهدت الساحة الليبية تراجعا كبيرا خلال السنوات الثلاث المنصرمة في مجال حقوق المرأة، فيما أكد محمد بن سعود، وزير الاعلام، لـ "العربي الجديد" أن ما تشهده الساحة السياسية الليبية الآن من صراع على الهوية موجـَّه بالأساس نحو المرأة، وهي أكثر المتضررين منه.
ونشأت في ليبيا العديد من جمعيات حقوق المرأة، وتعتبر حميدة العنيزي رائدة العمل النسائي في ليبيا، حيث أسست جمعية (النهضة النسائية) في مدينة بنغازي سنة 1954 وتقديراً لدورها الكبير في خدمة المرأة الليبية، منحها الملك الراحل إدريس السنوسي وسام محمد بن علي السنوسي عام 1969، ومنحت المرأة الليبية حق التصويت بتعديل الدستور عام 1963.
وتعتبر الليبيات من النساء الأكثر تعليما في العالم العربي، ووفقاً لإحصائيات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وأكثر من نصف الخريجين في ليبيا من النساء، لكن في الوقت ذاته تعمل فقط ربع الليبيات.
وعندما نتأمل تمثيل المرأة في الحياة السياسية في ليبيا الآن، نجدها ممثلة بثلاثين عضوا من أصل مائتي عضو في المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، كما أسندت وزارتين للمرأة في الحكومة المؤقتة الحالية وهما وزارتا الشؤون الاجتماعية والسياحة، وتضم لجنة كتابة الدستور المكونة من ستين عضواً ست سيدات.
ووفق استطلاع مؤسسة (طومسون رويترز) عام 2013 حصلت ليبيا على المرتبة التاسعة كأفضل بلد عربي يمكن أن تعيش فيه المرأة من بين 22 دولة عربية، وذلك وفق قياس حضور المرأة في المعترك السياسي وواقعها في المجتمع ودورها في الحياة الاقتصادية ومكانتها في الأسرة والحقوق الإنجابية والعنف الموجه ضدها، بالاعتماد على الأحكام الرئيسية في اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صدقت عليها ليبيا عام 1989 مع رفضها للمادتين الثانية والتاسعة عشرة لتعارضهما مع أحكام الشريعة الإسلامية.