المدام إخوان... بجد!

07 مايو 2015
+ الخط -

تعثرت الكلمات بحلق عوض بعد أن علم أن زوجة صديقه تنتمي لجماعة الإخوان. لم يستفق من غيبوبته الموقتة إلا على صوتها وقد انحنى ظهرها بحمل صينية عليها كأس من عصير وهي تردد "اتفضّل يا فندم". بلع ما تبقى من ريق تبخر من صدمته، مردفاً بحزن بالغ: ربنا يهوّن عليكي ويصبّرك يا مدام.

غادرت المرأة الغرفة وهي تكتم ضحكاتها من كلمات الرجل التي قيلت في غير موضعها، وكأنه في عزاء.

بقبضة يده نخزه ناصح قائلاً: هو انت مبتسترش.. دا انت ناقص تقولها دعاء المتوفي.

عوض: الصراحة صدمتني يا صاحبي، 4 سنين مقضيينها مشاريب ومعرفش إن مراتك إخوان؟

ناصح: كانت هتفرق معاك يعني! أنا نفسي محستش إن معرفة الإخوان ورطة غير الأيام دي.

عوض: هارش.. أصل أنا ليا ابن عم عنده عيب خلقي في إيده، بيشحت من طوب الأرض عشان يعمل عملية ويركب صوباع خامس.. احتياطات أمنية ليقولوا عليه ربعاوي.

ناصح: وعمل العملية!

عوض: لا.. ولاد الحلال شاروا عليه ياخد بالأيسر ويقطع صوباع.. بس الموضوع محتاج فتوى شرعية.

ناصح: ملعون أبو الخوف يا أخي.. مع كل يوم الرعب بيمسكني ليتصلوا عليا في الشغل يقولولي تعالا استلم مراتك من قسم الشرطة.

عوض: يا عم ساعتها ابقى ارمي عليها اليمين وريّح دماغك.

ناصح: انت عبيط!

يحاول عوض الدفاع عن وجهة نظره بالطلاق منها مستعرضاً معلوماته الثقافية: يا عم انت بتفهم يعني أكتر من مشايخ الأزهر اللي قالوا عنهم ولاد شوارع والطلاق منهم حلال.

ناصح: أنت تعرف إيه عن الإخوان.

عوض: مش دول اللي خدوا أكبر صابونة، ورغم كده بيقولوا عنهم ريحتهم عدم لمؤاخدة.

يقاطعة ناصح بلغة حادة: عوض.. أنا مش فاضي لاستفزازك.. وشكراً يا سيدي على زيارتك.

لم يحتد النقاش من قبل بين الصديقين ليصل إلى هذه الدرجة التي تدفع أحدهما لإنهاء الحوار بطرد الآخر. ولتخفيف واقع قسوة الكلام الذي أطلقه عوض، مسح على ظهر صديقه عدة مرات في محاولة لاسترضائه وإنهاء احتقان حديثهما. سخافة الصورة العالقة بذهن صديقه عن زوجته، كان لا بد لها من تصحيح بالحديث عن علاقة الزوجين المتفردة، وكيف جمع القدر بينهما من نظرة عابرة على شاطئ اسكندرية، بعد أن وقعت عينه على شرابها الأسود السميك المنغمس في الرمال، وهو يسمع أصوات الفتيات عاريات الرأس والجسد من حوله يسخرن من حيائها الزائد، بل ويقمن بتبادل النكات على هيئتها والتي تبدو من وجهة نظرهن "يع.. سوفاج خالص".

قرر ناصح على غير عادته أن يكسر الحاجز النفسي، بجرأة غير مألوفة، بأن يتجه نحو الشمسية التي كانت تختبئ بداخلها الفتاة، مقبلاً عليها بابتسامة رجل وسيم: تسمحيلي أبدي إعجابي بشرابك! اسمي ناصح، خريج تجارة وشغال في شركة أدوية مرموقة، وعاوز رقم والدك للضرورة.

تمسح هيئته بنظرة تخترقه من أعلى لأسفل، مفادها: أنت مجنون! روح دور على واحدة تشبهك. ثم أجابته باشمئزاز.. أنا مش البنات إياها يا كابتن اللي بتصطاد عرسان من البيلاج.

صدود امرأة يقابله انجذاب رجل، لم يكف عن ملاحقتها بشكل متأدب، لشهور، ولم تمنعه المسافات من التقرب إليها ووضع خاتمه في اصبعها.

عن طيب العشرة الزوجية يتحدث، والتي لم ير خلالها قولاً قبيحاً أو فعلاً خبيثاً، كيف تحمّلت وتجمّلت لتجعل من بيتها روضة زينتها المودة والرحمة.

أوقف الحديث جرس باب، وصوت أنثى تعتذر مرات عن تأخرها لظروف طارئة، فقرر عوض الانصراف قائلاً: ربنا يديم المعروف يا صاحبي، الظاهر إن جالك ضيوف، على ميعاد بقى.

يجذبه من طرف قميصه ليجلسه مرة أخرى: اقعد.. اقعد دي جارتنا، جاية تحضر الدرس الأسبوعي.

عوض: طب يا عم مش كنت تقول إن مراتك بتدي دروس كنت جبت ولاد اختي معايا والفايدة تعم.

ناصح: يا عبقري زمانك دي حلقة أسبوعية لأخوات الجماعة.

عوض: يا مرار طافح بزيادة.


(مصر)

المساهمون