موقف علي، والانتقادات اللاحقة التي تعرض لها، تركت أثراً لا يُمحى في قرارة لي، ما جعله يبدأ فيلمه الأخير "دا 5 بلودز" Da 5 Bloods بمقتطفات من خطاب علي. وقال لي: "الجميع يعشق محمد علي، رغم وفاته. لكنه كان في وقت من الأوقات أكثر الرجال كراهية في أميركا".
يُعَدّ فيلم "دا 5 بلودز"، الذي يعرض للمرة الأولى، يوم الجمعة، على شبكة "نتفليكس" أول فيلم يسلط الضوء على تجربة الجنود السود في فيتنام. ويحتوي على مقتطفات من كلمات محمد علي وشخصيات ناشطة سوداء أخرى في حقبة الستينيات، ما يجعل منه لا مجرد فيلم حربي، بل تحقيقاً في معنى الوطنية للأميركيين السود.
وقال لي: "عادة ما يجسّد جون وين البطولة الأميركية في زمن الحرب. لذا، شعرت بأنه بات لزاماً أن يكون لدينا وطنيون أميركيون حقيقيون". واختيار لي للتوقيت دقيق تماماً، كما عهد عنه دائماً، إذ سيعرض الفيلم في الوقت الذي خرج فيه الملايين إلى الشوارع للاحتجاج على العنصرية ومقتل جورج فلويد.
لم يكن لي (63 عاماً) الشخص الذي يتلاعب بالكلمات، ولكنه كان يميل بشكل خاص إلى الاستدلال بالحقائق، كما ذكر خلال مقابلة أجريت معه أخيراً عبر الهاتف من شقته في الجانب الشرقي من نيويورك، حيث يخضع للعزل مع زوجته تونيا وطفليهما، ساتشيل وجاكسون.
الاضطرابات التي أعقبت وفاة فلويد جعلت أفلام لي أكثر إلحاحاً. فيلم "دا 5 بلودز"، أول أفلام لي حول قضية الحرب في فيتنام، ويوسع مسح لي الشغوف والنزيه والضروري للتاريخ والعرق الأميركي، ويأتي استكمالاً لعدد من القضايا التي شهدها التاريخ الأميركي، بدءاً بمالكوم إكس في الستينيات وحقبة ما بعد إعصار كاترينا في ولاية نيو أورلينز والأحداث الحالية في شيكاغو.
يتناول الفيلم قصة جنود أميركيين سابقين من أصل أفريقي (ديلروي ليندو وكلارك بيترز وإيزيا ويتلوك جونيور ونورم لويس) يعودون إلى فيتنام، للبحث عن رفات قائد فرقتهم (تشادويك بوسيمان) وكنز مدفون.
لم تحظ إسهامات الأميركيين السود في حرب فيتنام بالتمثيل الكافي، لكن أدوارهم الصغيرة في أفلام حرب فيتنام ــ الصراع الأول بعد بدء حركة الحقوق المدنية ــ تعد انتهاكاً صارخاً لجهودهم. كان الجنود السود يشكلون 11 في المائة من القوات الأميركية في فيتنام (مع مجموعة محدودة من الضباط). لكنهم عام 1965، كانوا يشكلون 23 في المائة من مجموع القوات المقاتلة.
وقال ديلروي ليندو: "اختفينا بشكل منهجي تقريباً في تلك الأفلام. عندما تنظر إلى أعمال تتناول حرب فيتنام مثل (بلاتون) و(القيامة الآن)، ستجد أن الجنود السود مهمشون، وربما غير موجودين". يذكر ليندو أنه عبّر عن استيائه الشديد إزاء فيلم "بلاتون" لأوليفر ستون الذي يظهر الجنود السود بشكل متكرر أنهم إما يموتون أو يفرون أو يخطئون.
النص الأصلي لفيلم "دا 5 بلودز" أعدّه داني بيلسون وبول دي ميو كان، تحت عنوان "ذا لاست تور". وكتب ليروي حكاية محاربين من ذوي البشرة البيضاء، وعرض في البداية على أوليفر ستون. لكن ستون لم يشرع فيه ليعرض بعد ذلك على لي.
وعلق لي: "علمت منذ البداية أنه كان نصاً رائعاً، لكنني أردت أن أقلبه لأرويه من منظور المحاربين القدماء السود الذين شاركوا في حرب فيتنام. أدرج ويلموت ولي مقتطفات من أفلام وثائقية، لكن بمجرد دخوله مرحلة المونتاج، سعى لي إلى إضافة المزيد.
وأوضح ويلموت الذي يدرّس السينما في "جامعة كانساس" أنه "مهتم فقط بالعودة إلى الماضي للتركيز على الحاضر. سواء أردنا ذلك أو لا، فإن هذه فرصة لتصحيح التاريخ".
يحاول فيلم "دا 5 بلودز" التركيز على التناقض بين التحاق الأميركيين السود في الجيش في الوقت الذي تتصاعد فيه حركة الحقوق المدنية في الوطن. ففي أعماق غابات فيتنام، يظهر الرجال وهم يستمعون إلى الإذاعة عن اغتيال مارتن لوثر كينغ جونيور.
لم تتمكن أي شخصية من تجسيد هذا الصراع المؤلم بشكل كامل أفضل من المخضرم ليندو. فهو يجسد دور أحد مؤيدي دونالد ترامب، ويرتدي قبعة "فلنجعل أميركا عظيمة مجدداً". رفض ليندو في البداية الفكرة، وقال: "قلت لسبايك (أنا أب. لا أريد أن يرى ابني ذلك)".
(أسوشييتد برس)