احتفالاً بالذكرى الثانية للمصادقة على الدستور التونسي، قامت جمعية "ديمقراطيون" بمشاركة مجموعة من الخبراء وأعضاء من المجتمع المدني وسياسيين بتقييم هذه التجربة، ومدى احترام الدستور لمبادئ الحقوق والحريات وإنشاء المؤسسة المحلية.
وقال كاتب عام جمعية "ديمقراطيون" سامي البحري في تصريح لـ "العربي الجديد"، إنهم لاحظوا "تأخيراً في تطبيق بعض مضامين الدستور، خاصة جوانب إرساء الهيئات الدستورية".
وأوضح أن "دستور تونس يضم عدة حلول لمشاكل عديدة. ومنها الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي نعيشها، لكن للأسف السلطات المعنية، تترك الدستور جانباً وتبحث عن حلول بطرق أخرى".
وعبر ممثل جمعية "ديمقراطيون" عن تساؤلاتهم تجاه "تأخر إرساء المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء والجمعيات المحلية، المقرر إقرارها منذ السنة الماضية".
وأضاف كاتب عام الجمعية، "لهذا نحن كمجتمع مدني وكخبراء نتساءل عن عدم احترام هذه الآجال. وندعو الحكومة ونواب الشعب ورئيس الجمهورية إلى تجاوز هذا الخلل، بالإسراع في بناء هذه الهيئات الضرورية لحل مشاكل البلاد".
اقرأ أيضاً: تونس: توجهات الحكومة خلال السنوات القادمة
من جهته، عبر رئيس المجلس التأسيسي السابق، مصطفى بن جعفر وأمين عام حزب التكتل الديمقراطي من أجل الحريات، لـ "العربي الجديد"، عن أن "دستور تونس يمثل دستوراً توافقياً، وهو من النصوص القليلة والنادرة التي جمعت أغلب التونسيين وهذا نتيجة لعدة جهود، وبواسطة هذا الدستور وضعنا الأرضيّة لبناء تونس الجديدة".
واستدرك بن جعفر، تقييمه للدستور التونسي، بالقول "هناك انتكاسة كبيرة تتمثل في عدم احترام مبادئه، فيما يخص الحقوق والحريات على غرار التضييق على حرية التعبير، والرجوع إلى ظاهرة التعذيب، بالإضافة إلى تأخير إرساء الهيئات الدستورية، ويتم ترسيم هيئة واحدة فقط منذ خمس سنوات هي الخاصة بالانتخابات".
ولفت إلى أن هناك عدة تجاوزات أخرى للدستور، منها "تدخل رئيس الجمهورية في الشؤون الحزبية، ومن المفروض أن يكون القائد قدوة في احترام دستور البلاد، فإذا كانت مسألة احترام الدستور والفصل بين السلطات واحترام استقلال القضاء، مبادئ غير واضحة لدى بعض المسؤولين، فما بالك بالمواطن العادي الذي نلومه ونعاقبه على عدم احترام القوانين".
اقرأ أيضاً: نداء تونس يواصل الانقسام: كتلة جديدة في الأفق
وقدم المشاركون في ورشات العمل، عدة توصيات لمجلس نواب الشعب، قصد ملاءمة القوانين للدستور.
وأهم هذه التوصيات، حذف مخالفات الدستور التي تضمنتها أغلب المشاريع، وعلى رأسها المشروع المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال. كما طالب المشاركون بضرورة التنصيص على المسوغات والمستندات والمرجعيات التي تبنى عليها النصوص القانونية المعروضة للمصادقة.
ودعا الحاضرون إلى إدراج توطئة ضمن جميع المشاريع قيد الدرس، أو النظر فيها من قبل اللجان أو على مستوى الجلسة العامة.
كما شدد المشاركون على ضرورة مراجعة القوانين السارية المفعول، بناء على قاعدة المقاربة الحقوقية، لتتناول في مجملها وشمولية الحقوق الإنسانية الكونية وتتقيد بها، لتتكامل فيما بينها.
وطرح المشاركون مجموعة من الأمثلة للقوانين التونسية، من بينها قانون الأحوال الشخصية، باعتبارها تحتوي على أوجه من التمييز المخالفة للدستور، وقانون الشغل والقانون الأساسي للوظيفة العمومية التي من المتعين أن تأخذ بعين الاعتبار أحكام الدستور، المتعلقة بـ"حق العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل، وبحق الإضراب"، وبالحقوق الخصوصية للمرأة، وكذلك القانون المتعلق بالعقوبات الجزائية الذي يتعيّن أن يستند إلى مقاربة تحترم حقوق الإنسان، مشفوعة بمقاربة نوعية في معالجة المخالفات والعقوبات المترتبة عنها، وأن ينزع عنه طبعه القمعي، على حد ما جاء في خلاصات الورشات.
اقرأ أيضاً: معاناة القصرين: نموذج لمدن تونسية منسية تنتفض على واقعها
ومن التوصيات الأخرى التي رفعتها ورشة عمل لجنة الحقوق والحريات، اعتماد اللغة الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية، كما حدث في المغرب والجزائر، وإدراجها في التعليم الرسمي. الدعوة إلى المساواة دون تمييز، ووضع قانون يخص التمييز بين الجنس واللون والاختيارات الفكرية، بالإضافة إلى الدعوة إلى إصدار قانون لمنع وتجريم التعذيب، وذلك لاحترام الكرامة الإنسانية، ثم ضرورة إعادة قراءة ما يخص تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات، وإنشاء قانون للقضاء على العنف تجاه المرأة.
كما جاءت في التوصيات، مقترحات للإعلام العمومي والخاص، تحثه على القيام بدور فعال، والتذكير بالجوانب الدستورية من خلال إنشاء حصص للتثقيف الدستوري.
وأخيراً دعت لجنة الحقوق والحريات خلال الورشة التي نظمتها جمعية "ديمقراطيون" إلى ضرورة التحرك إلى المناطق التونسية الداخلية، للتعريف بالدستور، وإخراجها من العزلة.
اقرأ أيضاً: الحراك في تونس..قفصة تنتفض في ذكرى احتجاج "الحوض المنجمي"