المتورطون بقمع التظاهرات العراقية... مذكرات اعتقال مع وقف التنفيذ ومخاوف من فرارهم

05 فبراير 2020
600 قتيل خلال انتفاضة العراق (محمد صواف/فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي تنشغل فيه الكتل السياسية وأحزاب السلطة في العراق بموضوع تشكيل الحكومة الجديدة التي كلّف بتشكيلها محمد علاوي، وما يترتب على ذلك من حوارات وشد وجذب بين الجهات التي تسعى للحصول على مناصب مهمة فيها، والأزمة السياسية المرتبطة بها، يحذّر ناشطون من استغلال المسؤولين عن قمع التظاهرات للأزمة والهرب خارج البلاد، محملين القضاء مسؤولية منعهم من السفر ومحاسبتهم.

وأقام متظاهرون وذوو قتلى التظاهرات دعاوى قضائية ضد مسؤولين بالحكومة المستقيلة، ضمنهم رئيس الحكومة عادل عبد المهدي نفسه ووزراء بحكومته فضلاً عن ضباط كبار بتهمة قتل المتظاهرين وإعطاء الأوامر بذلك.

ورغم إصدار القضاء العراقي أوامر قبض بحق عدد من ضباط وقادة الجيش والشرطة ومسؤولين محليين، أحدهم عضو مجلس بمحافظة جنوبي العراق، إلا أنه لغاية الآن لم يتم تنفيذ أمر القبض عليهم لأسباب يعتبرها مراقبون سياسية.


وعبّر الناشط في التظاهرات بمدينة الناصرية التي تتصدر مدن جنوبي العراق من حيث عدد الضحايا، أحمد عباس الفضلي، عن مخاوفه من إفلات المتورطين بقتل المتظاهرين وقمع التظاهرات، خاصة أن القضاء لم يفعّل أياً من مذكرات الاعتقال التي أصدرها في منتصف ديسمبر/كانون الأول على عدد من الضباط والمسؤولين بهذا الصدد.

وأضاف الفضلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "تمت إقامة دعاوى قضائية في المحاكم العراقية على مسؤولين كبار، منهم من هو بدرجة وزير مثل وزير الدفاع نجاح الشمري، وعدد من المسؤولين المحليين والمحافظين، وضابط في الداخلية بتهمة قتل المتظاهرين، لكن هناك خشية من أنهم سيفلتون على غرار متهمين بالفساد فروا من العراق وأقاموا بالخارج".

ولفت إلى أن "غالبية الدعاوى لا تتم متابعتها من قبل المؤسسة القضائية، الأمر الذي قد يمنح المطلوبين فرصة الهرب خارج البلاد خلال هذه الفترة التي تشهد حراكاً نحو تشكيل حكومة جديدة"، مبيناً أن "إمكانية الهرب بالنسبة للمطلوبين ليست صعبة في ظل الأزمة الراهنة".

ويؤكد أعضاء في نقابة المحامين العراقيين أن السلطة القضائية مسؤولة عن متابعة ملفات المطلوبين بتهمة قتل المتظاهرين، كما أنها الجهة الوحيدة المسؤولة عنهم في حال هربهم خارج البلاد.

وأكد عضو النقابة المحامي كمال عبد المطلب الخزاعي، لـ"العربي الجديد"، أن "هناك دعاوى كثيرة أقيمت ضد مسؤولين حكوميين وضباط كبار وهي بالعشرات، وقد وصل عدد الدعاوى المقامة ضد الفريق جميل الشمري وحده إلى 200 دعوى"، مبيناً أن "غالبية تلك الدعاوى لم تفتح ملفاتها من قبل السلطة القضائية، ولم تصدر أوامر قبض بحق أغلب المتهمين، ولا حتى منعهم من السفر خارج البلاد".

وأشار إلى أن "هناك ضغوطا سياسية تواجهها السلطة القضائية لعدم تحريك الدعاوى أو إصدار قرارات منع من السفر أو إجراءات أخرى"، مبيناً أن "عدم تحرك السلطة القضائية إزاء هذا الملف سيمنحهم بالتأكيد فرصة الهرب خارج البلاد خلال الأزمة الحالية".

ودعا السلطة القضائية إلى "تحمل مسؤوليتها إزاء ذلك"، مشدداً على أنها "ستكون الجهة الوحيدة المسؤولة عن التقصير في حال هرب المطلوبون خارج البلاد".

من جهته، حمّل النائب باسم خشان السلطة القضائية مسؤولية متابعة ملفات المتورطين بقتل المتظاهرين، وقال في تصريح صحافي: "يجب أن ترفع الدعاوى ضد المسؤولين عن قمع التظاهرات في المحاكم المختصة، وأن تقوم السلطة القضائية بإصدار قرار بمنع أعضاء الحكومة المستقيلة من السفر، وأن تتم محاكمة كل من تورط بقمع التظاهرات وقتل المتظاهرين".

وأشار إلى أن "المتظاهرين انشغلوا بالاحتجاجات، وأهملوا موضوع الدعاوى القضائية ولم يقوموا بمتابعتها"، مشدداً على أنه "تقع عل عاتق القضاء العراقي مسؤولية البت بتلك الدعاوى وفق الإطار القانوني".


ويطالب المتظاهرون العراقيون خلال التظاهرات، بمحاسبة الأشخاص والجهات التي تورطت بقمع المتظاهرين وقتلهم، ومحاسبتهم قانونياً.

وشهدت التظاهرات العراقية قمعاً من قبل الأجهزة الأمنية واستخداماً للرصاص الحي وقنابل الغاز، ما تسبب بمقتل ما لا يقل عن 600 متظاهر وجرح وإصابة نحو 25 ألفاً آخرين منذ بداية التظاهرات التي دخلت شهرها الخامس، وفقاً لآخر إحصائية لمفوضية حقوق الإنسان العراقية.

المساهمون