الماسة كابيتال.. رمزيات الافتتاح الصاخب

12 أكتوبر 2017
+ الخط -

في حفل ضخم حضره عشرات المغنيين المصريين والعرب، وحشد كبير من الوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال، أُفتتح فندق "الماسة كابيتال"، الذي تصفه بعض الصحف المؤيدة للنظام بأنه "باكورة المشروعات القومية بالعاصمة الإدارية الجديدة"، تزامنًا مع الذكرى 44 لحرب أكتوبر 1973.

الفندق الجديد وحفل افتتاحه يحملان العديد من الرمزيات التي تشير بوضوح إلى واقع مصري جديد يبدو أنه ممتد طوال الفترة الزمنية المقبلة.


إسرائيل لم تعد العدو
تزامن الافتتاح الصاخب لفندق "الماسة كابيتال" مع الذكرى الـ44 لانتصار أكتوبر 1973؛ ما يشير جزئيًا إلى حقيقة أن إسرائيل لم تعد عدو مصر، وهي حقيقة أخذت تفرض نفسها بقوة أكبر منذ إطاحة الجيش بالرئيس الأسبق محمد مرسي، في يوليو/ تموز 2013، لكن المتنطعين باسم الوطنية ما زلوا يغضون أبصارهم عنها.

فبدلًا من أن يكون همّ الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، في ذكرى انتصار الجيش المصري على عدوه، القيام باختراع سلاح جديد أو تطوير سلاح قديم، كان هَمُها الانتهاء من فندق الماسة كابيتال في "وقت قياسي" من أجل افتتاحه في هذه الذكرى.

يشير توقيت الافتتاح أيضًا إلى حقيقة لم يعد هناك كثيرون يجادلون فيها، وهي أن اهتمامات الجيش المصري تتبدل على نحو سريع من الشأن العسكري إلى الشأن الاقتصادي، وأن محاولات إخفاء هذا التحول أو تغطيته لم تعد تشغل بال قيادات الجيش حد أنهم لم يراعوا أن يكون توقيت افتتاح الفندق الجديد بعيدًا عن ذكرى انتصار أكتوبر.


تدهور التصميم المعماري
ماسة سوداء ضخمة، بها باب أبيض صغير من الألوميتال، ويمتد أمامها ممر من رخام رمادي وأسود يحده من الجانبين ما يبدوا أنه حجر جيري أصفر اللون؛ هذا هو شكل فندق الماسة كابيتال؛ كتلة صافية من التشوه البصري.

يقف أمام الماسة السوداء العملاقة، عامل يحمل خرطوم مياه يرش به واجهة المبنى/ الماسة، في إشارة إلى أن مخطط المبنى لم يحسب حساب الكيفية التي ستتم بها عملية تنظيف واجهته، فاضطروا -للمفارقة- إلى استخدام نفس التقنية التي اقتحم بها خط بارليف، كما علق بعض المتابعين.

يتماشى تصميم المبنى المزعج مع حالة التدهور الفني المستشرية في مصر، والتي تبدو آثارها واضحة في أغلب الميداين العامة الجديدة، من ميدان الثورة؛ ميدان التحرير، الذي يتوسطه عمود قبيح يحمل علم مصر، إلى أصغر ميدان في محافظة نائية يحمل نسخة مشوهة من تمثال للملكة نفرتيتي.

الأمر المثير للدهشة هو أن بعض الصحف الموالية للنظام تروج لهذا التشوه المعماري على أنه "من أفخم فنادق العالم"، وأنه "يتسم بإطلالته الفريدة عن باقى الفنادق الموجودة فى العالم، من خلال التصميمات الفريدة بنوعها فى إنشاء الفندق"، بل وتصفه بأنه "أحد المشاريع القومية"، من دون أن يعلم أحد كيف يمكن أن يكون فندق مشروعًا قوميًا؟


الفقراء يشاهدون في صمت
يمتد منتجع "الماسة كابيتال" على مساحة تتجاوز العشرة أفدنة، ويحتوي على قاعة مؤتمرات ومسجد ومول، وتصل تكلفته إلى نحو مليار جنيه. وأقيم حفل افتتاحه بحضور نخبة من الفنانين والمطربين المصريين والعرب، الذين ظهروا مرتدين أحدث صيحات الموضة ليروا بأعينهم "باكورة المشاريع القومية بالعاصمة الإدارية الجديدة".

تجد الحكومة الأموال اللازمة لإنشاء فندق الماسة الذي لن يستفيد به سوى علية القوم، لكنها لا تجد الأموال اللازمة لتغطية عجز الموازنة فتخفض الدعم عن الوقود والكهرباء والمياه، وترفع الضرائب، وتترك ملايين المواطنين تحت خط الفقر.

المساهمون