الليبيون لا ينتظرون سلاماً من حفتر

16 يناير 2020
لم يعد مهجرو طرابلس إلى منازلهم (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
ما أن أُعلن مطلع هذا الأسبوع عن هدنةٍ لوقف القتال في محيط طرابلس، حتى عجّت الفضائيات والمواقع الإكترونية بمراقبين ومحللين، وهم يتحدثون عن شكل السلام والحل السياسي في ليبيا خلال الأيام المقبلة، ليصاب الرأي العام بالشلل والخيبة إثر رفض اللواء المتقاعد خليفة حفتر التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، الذي كان المراقبون ذاتهم يرونه أكيداً، كونه جاء بدعوة وضغط من جانب روسيا، أهم حلفاء حفتر، لكن الليبيين لم يكن أي واحدٍ منهم متفائلاً.

وعلى الرغم من مرور أربعة أيام على توقف القتال نهائياً في محيط العاصمة الليبية، إلا أن  أياً من المهجرين من أحياء جنوب طرابلس لم يعد بعد إلى منزله، والسبب أن هؤلاء على يقين من أن حفتر لم يتوقف، ولن يتراجع، عن الحديث بلغة الرصاص، فالليبيون هم الأكثر خبرة بعدائه للسلام، فيما يستمر بصيص الأمل لدى من يراقب اللواء المتقاعد والأزمة التي تمر بها البلاد، كونها ستحطّ قريباً في برلين بعد مغادرتها موسكو. لكن الليبيين يعرفون مُسبقاً جواب حفتر، وهو الذي ترجمه المتحدث باسمه، أحمد المسماري، منذ أوائل الأيام التي خرجت فيها الأنباء عن عزم ألمانيا على استضافة قمة ليبية، بقوله إنه "لا حلّ في ليبيا إلا بالبندقية"!

صُدم الرأي العام، ولم يصدم الليبيون عندما أعلن حفتر عن تقديره لثمن دم الليبي بـ100 ألف دينار لكل قتيل من مسلحيه، كونهم يعايشون يومياً استهانته بدمائهم في الفرناج وفي صلاح الدين وشرفة الملاحة (ضواحي العاصمة)، وأخيراً قتل ما يزيد عن 30 طالباً في الكلية العسكرية في طرابلس، دون أن يرف له جفن، فأي سلام؟

لقد أطلق حفتر نيرانه منذ أربع سنوات في بنغازي، ولن تتوقف لا في برلين ولا في غيرها، كما لم توقفه موسكو وقبلها باريس وباليرمو. هذه هي قناعة الليبيين، فمنصات التواصل الاجتماعي مليئة حتى الثمالة بانتقادات للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة لاعتبار حفتر شريكاً في صنع أيّ حل سلمي من جهة، ومن جهة أخرى بيانات بعثته التي لم تتوقف عن الإحصاء الشهري لعدد من قتلهم حفتر من المدنيين، حتى وصل في آخر هذه البيانات إلى 284 قتيلاً و363 مصاباً في طرابلس وحدها منذ بدء عدوانه عليها في إبريل/ نيسان الماضي، لا بل يعترف سلامة بأن 182 قتيلاً و212 مصاباً من مجمل العدد، هم ضحايا قصف جوي، ويعلم سلامة جيداً أن سماء طرابلس لا يحلق فيها سوى طيران الإمارات الداعم لحفتر.

حقيقةً لم تعد أوساط الليبيين تهتم بالحديث عن مفاوضات سلام سيؤلف غسان سلامة من أجلها لجنة يختار هو ثلث ممثليها، ما يعني امتلاكه نصف نصاب هذه اللجنة التي ستكلف بالمصادقة على نتائج سلام برلين. حتى لو أن حفتر وقع على وثيقة سلام بعدما عجز عن اقتحام طرابلس عسكرياً، ولكن ماذا عن ضحاياه؟ هل سيساق للمحاكمة وللقصاص؟ يتساءل أحد الليبيين في تغريدة "كيف لأمير حرب أن يتحول الى صانع سلام"؟​

المساهمون