حينما عرض الفيلم الوثائقي المذكور للمخرج براين فوغل في المهرجان الأميركي حاز إشادة واسعة من النقّاد، في يناير/كانون الثاني الماضي؛ إذ وصفته مجلة "فرايتي" المتخصصة بـ "تجربة تنويرية عن الفساد والتستر والشجاعة على أرض الواقع". كما أثنى حينها الممثل، أليك بالدوين، على الفيلم "المخدّر والجميل".
وكان المخرج فوغل تمنّى، بعد العرض العالمي الأول لـ "المنشق"، ألّا يؤدي تأثير اللوبي السعودي في العالم إلى تجاهل الفيلم. وقال: "أقصى أحلامي أن يتصدّى الموزعون للمملكة العربية السعودية".
وأضاف حينها: "آمل أن يدفع (المنشق) البلاد والحكومات ورجال الأعمال، إلى إعادة تقييم علاقاتهم مع المملكة العربية السعودية".
لكن يبدو، حتى الآن على الأقل، أن الأشخاص لن يتمكنوا من مشاهدة الفيلم الوثائقي؛ إذ أشارت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية أخيراً إلى أن صنّاعه لا يزالون "يناقشون الخيارات". ونقلت عن مديرة مكتب منظمة "مراسلون بلا حدود" في المملكة المتحدة، ريبيكا فنسنت، قولها إن "الاحتجاجات العالمية على جريمة خاشقجي لم تؤدِ إلى فرض عواقب ملموسة على المملكة العربية السعودية أو إلى خلق مناخ أوسع لحرية الصحافة في البلاد حيث يحتجز حالياً ما لا يقلّ عن 33 صحافياً".
وأضافت فنسنت: "آمل ألا تتردد حكومات العالم في اتخاذ موقف أكثر حزماً، بشأن هذه الانتهاكات المزعجة. قصة جمال تستحق أن تُروى".
يذكر أن الفيلم الوثائقي يدور حول عملية اغتيال خاشقجي، والعلاقات الأميركية-السعودية، ويركز على أصدقاء الصحافي المقربين المعارضين، وتحديداً الناشط عمر عبد العزيز، المقيم حالياً في كندا. ويسلط الضوء على حياة عبد العزيز، ومعاناة أشقائه في المملكة، وتجسس الأخيرة على هاتفه عبر برمجية "بيغاسوس" التي تطورها شركة الهايتك والبرمجية الإسرائيلية، "إن إس أو".
يُذكر أن الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، اغتيل داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية، في 2 أكتوبر/تشرين الأول عام 2018. وكان يقيم حينها في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة الأميركية، ويكتب في صحيفة "واشنطن بوست".
وأنكرت الرياض وفاته في البداية، ثم أقرت لاحقاً بأنه قُتل داخل القنصلية. في النهاية، حوكم 11 رجلاً في السعودية، وبُرئ ثلاثة، وحكم على ثلاثة آخرين بالسجن، و5 آخرون حكم عليهم بالإعدام. ولا يزال مصير جثته مجهولا.