اللجوء الأكاديمي

03 سبتمبر 2017
يتخرّجون من جامعة بيرزيت بالضفة الغربية (عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -

الفلسطينيون يختلفون عن كل الشعوب العربية لجهة علاقاتهم بالجامعات، وأوضاعهم الخاصة تطبع مسيرتهم. لا جامعات فلسطينية خارج الضفة الغربية وقطاع غزة على الرغم من انتشارهم الواسع، إنّما هم يعتمدون الجامعات الرسمية والخاصة في الدول المضيفة تبعاً لشروط كلّ واحدة منها. والمحنة الفلسطينية تكمن تحديداً في القدرة على دخول الجامعة ما دام 66 في المائة من أبناء المخيمات تقريباً يعيشون دون الحدّ الأدنى من الدخل الذي يسمح لهم بتخصيص جزء من قدراتهم المالية للتعليم العالي. مع ذلك، سجّل الفلسطينيون أكبر نسبة بين الشعوب العربية في ارتياد الجامعات، لكنّها تراجعت على نحو دراماتيكي قبل أن تعاود الصعود من جديد في السنوات الأخيرة.

يعتمد فلسطينيون كثر في تأمين الرسوم والأقساط على صناديق الدعم التي يموّلها بعض الأثرياء الفلسطينيين والعرب، أو على ما توفّره البرامج الخاصة في وكالة أونروا من خلال مبالغ تقدّمها دول وصناديق مانحة وبعض الأفراد. وتقدّر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين نسبة اللاجئين عموماً الذين يتمكّنون من دخول الجامعات من بين أكثر من 65 مليون لاجئ حول العالم، بأنّها جد متدنية وتكاد لا تتجاوز واحداً في المائة من مجموع اللاجئين. وهو ما لا ينطبق على اللاجئين الفلسطينيين الذين يعمدون إلى ابتكار أشكال من التضامن الاجتماعي لتأمين دراسة أبنائهم في الجامعات. كذلك ثمّة أسر تشدّ الأحزمة على بطونها لتوفير المتطلبات، إذ إنّ الحصول على شهادة جامعية هي بالنسبة إليها ضمانة للخروج من حالة الفقر القاتلة.

الوضع الأكاديمي في الضفة الغربية وغزة يعتمد على الجامعات الخاصة وهي إدارات مستقلة عن الإدارة الرسمية التي تشرف على قطاع التعليم. وتحصل الجامعات سواء أكانت في الضفة أو في القطاع على دعم محدود من قبل السلطة الوطنية، لكنّه يصعب اعتبار هذه المبالغ ثابتة أو قابلة للزيادة ضمن ظروف الأزمة المالية التي تعيشها الحكومات باستمرار، إلى حدّ العجز عن دفع رواتب موظفيها والعاملين لديها. مع ذلك، بلغت موازنة وزارة التربية والتعليم في العام الفائت 720 مليون دولار أميركي، أي ما يعادل 18 في المائة من حجم الميزانية السنوية العامة. من هذا المبلغ، يذهب 86 في المائة للرواتب والأجور والنفقات الضرورية، وتبقى نسبة 14 في المائة فقط قابلة للتسييل. المشكلة تكمن في أنّ الجامعات تعاني من حالة عجز مزمنة تتصاعد تباعاً وتهددها. والمعروف أنّ الأقساط وحدها لا تغطي نفقات الموازنات السنوية وعجزها، والمساهمة الحكومية عبر الهبات غالباً ما تكون هزيلة، هذا في حال استطاعت السلطة توفيرها. فهي دوماً عرضة لضغوط الدول المانحة وظروفها، من جرّاء اعتمادها على المساعدات الخارجية.

أمّا المعضلة التي تواجهها هذه الجامعات فهي أنّه في حال رفعت أقساطها، فهي سوف تخسر العدد الأكبر من طلابها، كذلك فإنّ زيادة الدعم الحكومي غير مأمون نظراً إلى جملة الظروف المعروفة. لذلك تبقى مكتوفة الأيدي إزاء مهمّة تطوير أوضاعها من النواحي كافة، وتبقى عبارة عن "محترفات" صغيرة بالقياس إلى ما هي عليه الجامعات الإسرائيلية التي توفّر لها الحكومات إمكانات كبرى تنفقها على الأساتذة والطلاب والبحوث العلمية فضلاً عن التجهيزات العصرية.

*أستاذ جامعي

المساهمون