اللاجئون السوريون في الأردن… قسرية العودة بشعار الطوعية

02 اغسطس 2018
أطفال لاجئون من درعا على الحدود السورية الأردنية(عمار العلي/الأناضول)
+ الخط -
"عودة اللاجئين السوريين مصلحة أردنية عليا، ومن أجلها يجب إجراء كل ما يلزم من اتصالات دبلوماسية وخطوات سياسية، قبل أي شيء آخر". بهذه الكلمات يختصر أحد المقربين من مركز القرار السياسي الأردني، أولوية بلاده حيال الملف السوري، بما يوحي بأنّ مغادرة اللاجئين السوريين الأردن أولوية لا تتقدّمها أخرى.

وتصطدم التصريحات الدبلوماسية الأردنية حول العودة الطوعية للاجئين بالحقائق التي تحدث على أرض الواقع، وأبرزها التنسيق مع الجانب الروسي لعودة اللاجئين، والتقليص الحاصل في الخدمات المقدّمة من المنظمات الدولية، لتلبس الظروف الموضوعية العودة القسرية، ثوب العودة الطوعية.

وهذا الموقف عبّر عنه بشكل صريح وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، عندما قال في السادس من يوليو/تموز الماضي، إن "عودة عشرات الآلاف من النازحين السوريين لجنوب سورية أولوية قصوى للمملكة"، وذلك بعد أسبوعين من تصريح له قال فيه إن بلاده "لن تستقبل مزيداً من اللاجئين السوريين".

وكان رئيس الوزراء الأردني، عمر الرزاز، قال في 27 يونيو/حزيران الماضي، إنّ الأردن "لن يستقبل أي لاجئ سوري جديد عبر الحدود، فالمملكة استوعبت لاجئين سوريين أكثر من طاقتها بكثير"، مشدداً على أنّ "الحدود منيعة، والقوات المسلحة تحميها، والأردن معنيّ بحلّ سياسي في سورية".

ودفع الهروب من الموت السوريين قبل سبع سنوات إلى اللجوء لدول الجوار، في لجوء تعدّدت وجوهه وأسبابه؛ فهناك اللجوء الإنساني هرباً من المعارك، وهناك اللجوء الإنساني الاقتصادي بسبب الظروف المعيشية، وهناك من هربوا تجنباً للانخراط في القتال، فضلاً عن نسبة كبيرة من الذين لا يريدون بأي شكل من الأشكال العودة إلى سورية وهي تحت حكم نظام بشار الأسد.

واليوم تجتمع الظروف على اللاجئين السوريين، فالأردن يبحث عن مصالحه الاقتصادية والخوف من الاختلال الديمغرافي، ونظام بشار الأسد يبحث عن نصر كاذب، والحليف الروسي يسعى للاعتراف به كلاعب رئيسي في المنطقة، والولايات المتحدة تفاوض على مصالحها، والمنظمات الدولية تبقى رهينة بأيدي كبار اللاعبين في المجتمع الدولي.

وبوضوح أكبر، فإنّ روسيا صاحبة الولاية في سورية، تضغط باتجاه إعادة اللاجئين إلى بلادهم، وتعمل بالتنسيق مع الأمم المتحدة على فتح ممرات آمنة لدول الجوار من دون وجود حماية دولية للاجئين، في حين يمكن تصنيف المجتمع الدولي ضمن إطارين؛ الأول متواطئ، والثاني شاهد على الجريمة التي ترتكب بحق اللاجئين السوريين.

ومن الصعب على أي إنسان التفكير في العودة إلى أي مكان، ما لم تتوفّر فيه ظروف أفضل من المكان الذي يقيم فيه. وهنا يطرح السؤال حول من يضمن سلامة اللاجئين الراغبين في العودة من انتقام النظام؟ ومن سينقذهم إذا فتحت أحضان السجون لتضمهم بقسوة؟ اليوم يبحث اللاجئون عن ضمان عدم تعرضهم لمضايقات أمنية من قبل النظام السوري، وتأمين ضرورات الحياة في مناطقهم المدمرة، واستعادة الاستقرار والأمن فيها للعودة إلى ديارهم، فكيف يحدث ذلك قبل حدوث تغيّر جذري في النظام الحاكم في دمشق؟

ملامح حلّ الأزمة السورية تتشابك خيوطها. لا يريد السوريون أن يقعوا في الفخ. لكنّ العمل على إعادتهم إلى ديارهم اليوم، وفق الخطة الروسية، يجري من خلال تراجع عمل برامج وكالات الأمم المتحدة والتي تقوم بإنقاص برامجها وتقليص عدد كوادرها العاملة، مما سيدفع باللاجئين إلى العودة مرغمين. وكما يقول المثل الشعبي المعروف لتشبيه الهروب من خيار صعب إلى آخر أصعب منه "هرب من تحت الدلف إلى تحت المزراب".

وفي هذا الإطار، يقول أحد اللاجئين في الأردن إن إيقاف بعض الخدمات عن اللاجئين من قبل منظمات الأمم المتحدة، مثل "يونيسف"، "لا يقع ضمن العودة الطوعية للاجئين، إذ يجب أن تستمرّ هذه الخدمات. فالعودة الطوعية تعني أن يعود اللاجئ باختياره من دون ضغوط، إلى الأماكن التي يختارها في بلده". ويخلص اللاجئ إلى أنّ "العودة الوحيدة التي يمكن أن ترجعه إلى بلاده هي العودة الإجبارية"، قائلاً إنه أمضى 6 سنوات داخل أراضي المملكة الأردنية وتمكّن خلالها من إيجاد عمل وتربية أبنائه في ظلّ بيئة آمنة، وبعيدة كل البعد عن الخوف.

وعدم الإعادة القسرية هو أحد الجوانب الرئيسية لقانون اللاجئين، والذي يهتم بحماية اللاجئين من إعادتهم إلى الأماكن التي تهدّد حياتهم أو حرياتهم. والسؤال المطروح هنا، هل يواجه اللاجئون السوريون في الأردن احتمال العودة القسرية؟

تقول المفوضية السامية للاجئين في الأردن إنها "لم تتلقّ طلبات من قبل اللاجئين السوريين تشعرها برغبتهم بالعودة إلى بلادهم بشكل أكبر من المعهود"، مشيرةً إلى أنّ "عملية العودة في معدلاتها المعتادة، ولم تتجاوز 150 شخصاً أسبوعياً، وعدد اللاجئين الذين عادوا طواعية خلال السنوات الثلاث الماضية، لم يتجاوز 15 ألف لاجئ سوري وهو من الأرقام الطبيعية".

ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، فيما تقدّر عمان عدد الذين لجأوا إلى البلاد بنحو 1.5 مليون منذ اندلاع النزاع السوري في 2011.

المساهمون