كثّفت الحكومة الكويتية تحركاتها، خلال الفترة الأخيرة، من أجل تشديد الحصار على المتورطين في قضايا فساد، ولا سيما المتعلقة بعمليات غسل أموال أو تجارة الإقامات.
وكان أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، قد وجه تعليمات صارمة، الأحد الماضي، إلى هيئة مكافحة الفساد بضرورة الحزم في تطبيق القانون بالعدل والمساواة وتعزيز دور الهيئة في محاربة الفساد بكل أشكاله والكشف عنه وإحالة كل من تثبت عليه تهمة شبهة فساد إلى القضاء دون تردد.
يأتي ذلك بعدما كشفت أزمة كورونا عمليات فساد تتعلق بتجارة الإقامات، كما تم الكشف عن تفاصيل جديدة بشأن قضية غسل الأموال المتعلقة بالصندوق السيادي الماليزي.
وعلى صعيد متصل، أظهرت دراسة حكومية صادرة عن إدارة الاقتصاد الكلي التابعة لمجلس الوزراء الكويتي واطلعت عليها "العربي الجديد"، أن فاتورة الفساد في البلاد بلغت خلال السنوات الخمس الأخيرة نحو 16.4 مليار دولار، فيما بلغ إجمالي المبالغ المتعلقة بقضية غسل الأموال الخاصة بالصندوق الماليزي نحو 4.5 مليارات دولار.
وأوصت الدراسة بضرورة التعامل الحازم مع ملفات الفساد التي كشف عنها أخيرا بمنتهى الحزم. ونشرت وسائل إعلام غربية في وقت سابق، تقارير بشأن عمليات غسل أموال وصفقات وعمولات بأكثر من 7 مليارات دولار تمت في عام 2016، فيما تورط رئيس الوزراء الماليزي السابق محمد نجيب عبد الرزاق، الذي يحاكم بتهم فساد، ووسيط ماليزي يدعى "جولو"، فضلا عن مسؤولين كويتيين في تلك العمليات المشبوهة.
وكانت الحكومة الكويتية قد أكدت حرصها على مكافحة الفساد بكافة أشكاله وملاحقة مظاهر الاعتداء على المال العام، وأنها لن تتردد في مساءلة كل من يثبت عليه المساس بالمال العام، كما أعلنت عن اتخاذ عدد من الخطوات للتحقق مما أثير في وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال رئيس مركز التواصل الحكومي، الناطق الرسمي باسم الحكومة الكويتية، طارق المزرم، إن مجلس الوزراء أمر بتكليف ديوان المحاسبة بمراجعة معاملات لها علاقة بمشروع يقام خارج الكويت، بالاشتراك مع شركة صينية والحكومة الماليزية السابقة، تشوبها شبهات فساد.
وكشف مصدر حكومي كويتي لـ"العربي الجديد"، أن رئيس مجلس الوزراء، الشيخ صباح الخالد، أكد خلال اجتماع سابق أن الحكومة لن تتقاعس في معالجة هذا الملف ولن تتردد في تحويل كل من تورط في هذه القضية للنيابة العامة.
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن وحدة التحريات التابعة لوزارة المالية تلقت خلال السنة الماضية أكثر من 1590 بلاغا بشأن شبهات الفساد، فيما لم يتم التعامل الجاد إلا مع 240 بلاغا فقط، لافتا إلى أن مجلس الوزراء يبحث عن آلية جديدة لتوسيع صلاحيات الأجهزة الرقابية، خصوصا هيئة مكافحة الفساد (نزاهة).
على جانب آخر، قال الخبير الاقتصادي الكويتي مروان سلامة، لـ"العربي الجديد"، إن الرأي العام غاضب بشدة بسبب الإعلان عن قضايا فساد كبيرة، مستغربا الصمت الحكومي تجاه انتشار الفساد في أجهزة الدولة الرسمية وتحوله في الآونة الأخيرة إلى الساحة الدولية.
وأضاف سلامة أن قضايا الفساد الكبرى مثل اختلاس أموال التأمينات المتورط بها مدير التأمينات الاجتماعية الكويتية السابق فهد الرجعان، الذي هرب إلى لندن، وقضية الإيداعات المليونية للنواب، وضيافة وزارة الداخلية وغيرها من قضايا الفساد ما زال مصيرها غامضا.
من ناحيته، أكد الخبير القانوني في جمعية المحامين الكويتية، عيسى الشرهان، أن الشعب الكويتي لم ير مسؤولا واحدا تورط في قضية فساد وتمت محاسبته، وذلك على الرغم من القوانين التي تحارب الفساد والفاسدين.
ودعا الشرهان، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إلى عدم التهاون في محاسبة المقصرين والمتورطين في مثل هذه القضايا.
من جانبها، قالت مديرة موقع "ساراواك"، كيلر روكاسل، خلال ندوة بعنوان "قضية الصندوق السيادي الماليزي"، إن حماية سمعة الكويت واجب على جميع الأفراد والجهات الحكومية.
وكشفت أن رجل أعمال ماليزي يدعى "جولو" لديه علاقات دولية على مستوى العالم وهو شريك رئيس الوزراء الماليزي الأسبق نجيب عبد الرزاق، قام بتحويل أموال من خلال شخصية تنتمي إلى عائلة مشهورة في الكويت، لافتة إلى أن "جولو" فشل في توريط شخصيات من السعودية والإمارات، لكنه نجح في توريط شخصيات كويتية.
إلى ذلك، قال النائب في مجلس الأمة الكويتي، عادل المدخي، إنه سيقدم اقتراحا إلى البرلمان لتشكيل لجنة تحقيق في القضية، لافتا إلى أن الحكومة تعهدت بمتابعة القضية بجدية، وبالفعل قامت بتقديم بلاغ إلى النيابة العامة لمحاسبة المتورطين.
وأوضح المدخي أن النائب رياض العدساني كشف تفاصيل جديدة خلال استجواب وزير المالية الكويتي براك الشيتان، الأسبوع الماضي، منددا بغياب دور البنك المركزي فضلا عن عدم تعيين رئيس لوحدة التحريات منذ سنتين.