استمع إلى الملخص
- تحديات اقتصادية محلية: يعاني السوق التونسي من تراجع المعاملات بنسبة 50% بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع التضخم، مما أثر على القدرة الشرائية، مع صعوبات للصناعيين بسبب تقليص حصص الذهب.
- آفاق تحرير تجارة الذهب: يراهن التجار على قانون جديد لتحرير تجارة الذهب، مما قد يقلل التهريب ويعزز الاستفادة من الذهب المحلي، ويوفر فرصًا اقتصادية جديدة.
يسجل سعر الذهب في أسواق تونس مستويات غير مسبوقة تتخطي المعدلات العالمية، متأثرة بتراجع قيمة الدينار أمام الدولار، وارتفاع الطلب عالمياً مع زيادة وتيرة التوترات لاسيما الحرب في الشرق الأوسط والتوقعات بإقرار البنك الفيدرالي الأميركي المزيد من خفض أسعار الفائدة، فضلا عن الغموض المحيط بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
ولأول مرة في تاريخ تونس يصل سعر غرام الذهب عيار 18 الأكثر تداولاً إلى 240 ديناراً (77.5 دولارا) دون كلفة التصنيع وفق أرقام رسمية أعلنت عنها الغرفة المهنية لتجار المصوغات. وبحسب رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ حاتم بن يوسف، تطاول تداعيات الصراعات العالمية أسواق الذهب بشكل مباشر، حيث يحفّز الطلب المكثف على المعدن النفيس الأسعار حتى في الأسواق الصغرى على غرار السوق التونسية.
وقال بن يوسف لـ"العربي الجديد" إن سعر الذهب لم يسجل تاريخيا قفزات على غرار ما يحصل هذه الفترة، مشيرا إلى أن الطلب الصيني على الذهب وسياسات التحوط العالمي التي تنتهجها الدول الكبرى أدت إلى تحولات عميقة في سوق الذهب قد تستمر لسنوات قادمة.
وارتفعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بالسوق العالمية إلى أعلى مستوى على الإطلاق، أمس الخميس، مسجلا نحو 2685.6 دولارا. كما صعدت العقود الأميركية الآجلة إلى 2693.60 دولارا. وارتفع الذهب بأكثر من 30% حتى الآن هذا العام.
وقال رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ في تونس إن كلفة الغرام الواحد تصل إلى 350 ديناراً أحيانا بعد التصنيع والصقل والحصول على طابع العرف (علامة الجودة والمطابقة). وأضاف أنه لا تظهر بوادر لتراجع سعر الذهب في السوق التونسية على المدى القريب في ظل تواصل ارتفاع سعر الدولار أمام الدينار وتأخر التشريعات الجديدة لتحرير تجارة الذهب محلياً.
ويؤثر الارتفاع القياسي لأسعار الذهب على الطلب في السوق المحلية وفق بن يوسف الذي قدّر حجم الذهب المتداول سنوياً في السوق بين طنين و2.5 طن.
ويأتي الصعود الحاد لسعر الذهب بينما تشهد السوق التونسية تراجعاً في المعاملات بنحو 50% مقارنة بالمستويات السائدة قبل نحو عشر سنوات، نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. وتعاني تونس من تأثيرات التضخم الذي تسبب في هبوط القدرة الشرائية للكثير من المواطنين.
وارتفع متوسط معدل التضخم 9.3% في عام 2023 مقابل 8.3% في 2022، متأثرا بصعود أسعار الغذاء، بحسب ما ذكره معهد الإحصاءات الحكومي في يناير/كانون الثاني الماضي. لكن البنك المركزي التونسي يرى أن متوسط التضخم سينخفض إلى نحو 7.3% خلال العام الحالي.
وقال رئيس الغرفة الوطنية لتجار ومصنعي المصوغ إن أغلب الصناعيين يكابدون من أجل المحافظة على موارد رزقهم في ظل صعوبات اقتصادية كبيرة أثرت على القدرة الشرائية للتونسيين. وقلّص البنك المركزي من الحصص الشهرية للذهب التي توزع على المصنعين من 200 غرام إلى 55 غراماً شهرياً بسبب اختلال الميزان التجاري وتراجع احتياطي النقد الأجنبي.
ويراهن تجار المصوغ على إصدار قانون جديد يحرر المعدن الأصفر، بما يسمح بالاستفادة من كميات الذهب المستعمل. وبحسب بن يوسف فإن تحرير القطاع سيمكن من تقليص الطلب على الذهب المورد من قبل المصرف المركزي كما سيوفر إمكانيات كبيرة للاستفادة من الذهب المحلي الذي يقع استغلاله، مؤكدا على أن كميات كبيرة من الذهب المستعمل تم تهريبها في السنوات الأخيرة نتيجة انحسار السوق وعدم القدرة على إعادة تصنيعها وإدخالها في المسارات التجارية المنظمة.