تبنّت "الكنيسة "المشيخية"( برسبيتريان)، في الولايات المتحدة، في لقاء الجمعية العامة لأعضاءها الذي عقد في مدينة ديترويت في ولاية مشيغان، قراراً بسحب استثماراتها المالية، وبيع أسهمها في ثلاث شركات أميركية تُستخدم منتجاتها في المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي دعم جيش الاحتلال في قمع الفلسطينيين.
وشهد الأسبوع الذي سبق التصويت، يوم الجمعة، جدلاً حامي الوطيس حول الموضوع، لم يقتصر على رعايا الكنيسة فحسب، بل تشعّب خارج حدودها، لتنضم إليه منظمات فلسطينية وأميركية ويهودية يسارية، ناشدت أعضاء الكنيسة بالتصويت لسحب الاستثمارات. من جهة أخرى، قامت منظمات يمينية أميركية ويهودية بحملات عدة، لحثّ الجمعية العامة على التصويت ضد القرار. ومن بين الخطوات التي اتخذتها بعض المنظمات اليمينية أو ممثلين عنها، إقناع رؤساء الكنيسة بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، "من أجل مناقشة الموضوع معه والتعبير عن احتجاجاتهم على السياسات الإسرائيلية وتعثر عملية السلام". إلا أن ذلك لم يجدِ. كما وقّع أكثر من 1700 حاخام يهودي في الولايات المتحدة، على رسالة مفتوحة ناشدت الجمعية العامة، في لقائها، بالتصويت ضد سحب الاستثمارات من المستوطنات.
وجاءت نتيجة التصويت بـ310 أصوات مؤيدة لسحب الاستثمارات، في مقابل 303 معارضة له. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تصوّت فيها الكنيسة حول الموضوع في اجتماع جمعيتها العامة، لكنها المرة الأولى التي ينجح فيها هذا التصويت، إذ سبق أن فشل تصويت مشابه أجري قبل سنتين، بفارق صوتين لمصلحة المؤيدين لإسرائيل.
وليست هذه الكنيسة الأميركية الأولى التي تتبنى قراراً مشابهاً. فقد سبق وتبنّت كل من اللجان المركزية في كنيسة المينونايت والكويكرز قرارات مشابهة. إلا أن الحدث يكتسب أهمية خاصة لأن "الكنيسة المشيخية" تُعَدّ من أهم الكنائس البروتستانتية في الولايات المتحدة، ومن بين أتباعها عدد من الرؤساء الأميركيين مثل رونالد ريغان، ودوايت ايزينهاور، وودرو وولسن. ويصل عدد رعايا هذه الكنيسة إلى نحو مليونَي شخص، ويبلغ حجم استثماراتها التي سحبتها من الشركات الثلاث العاملة في المستوطنات، 21 مليون دولار.
قد يبدو الرقم المتعلق بهذه الاستثمارت في الشركات الثلاث صغيراً، مقارنة بحجم هذه الشركات، وهي "كاتربيلر" و"هيويلت باكارد HP" و"موتورولا سيلوشينس"، لكن ردة فعل الشركات الثلاث بعد التصويت، ومحاولة نفي أي شبهات عن أن منتجاتها المستخدمة في المستوطنات، غير قانونية، أو تشكل خرقاً لحقوق الإنسان، تكشف عن درجة الخطر الذي تستشعره. وفي السياق، أعلنت شركة "موتورولا سيليوشينس"، في بيان، "أن الشركة تتبع القانون في معاملاتها، وتحافظ في سياستها على حقوق الإنسان". في المقابل، بدا بيان "هيويلت باكارد HP" مثيراً للسخرية، لا بل عبثياً، إذ جاء فيه أن نقاط العبور التي صمّمتها للفلسطينيين، تهدف إلى "تسريع مرور الناس منها بغية التوجه إلى عملهم". في المقابل، نفت شركة "كاتربيلر" أن تكون قد باعت أي معدات للحكومة الإسرائيلية، وقالت إنها تبيع معدات للحكومة الأميركية فقط.
وتحقّق حملة المقاطعة العالمية في الولايات المتحدة، صدى ملحوظاً. وبالرغم من أن الانتصارات التي سجلتها، معدودة قياساً بما هو منشود، إلا أن الحكومة الإسرائيلية والمنظمات اليمينية في الولايات المتحدة، الداعمة للاحتلال، تعي خطورتها وإمكانية اتساع رقعتها. لذلك، فهي تقوم بحملات قوية ضد الأفراد والمنظمات التي تعلن عن دعمها لأي نوع من المقاطعة. حتى أن الحكومة الإسرائيلية أعدت برامج خاصة ورصدت أموالاً من أجل تحسين صورتها في العالم، وفي الولايات المتحدة تحديداً.