الكلفة المالية تعوق استخراج الغاز الصخري بأوروبا

07 سبتمبر 2014
تظاهرات ضد الغاز الصخري في فرنسا (Getty)
+ الخط -



بين أوهام الساسة وواقع الجدوى الاقتصادية، يتأرجح مصير الغاز الصخري في أوروبا، ومنذ أزمة أوكرانيا ونشوب النزاع بين روسيا والغرب تعالت الأصوات في أوروبا عن أهمية تنويع مصادر الطاقة بعيداً عن الدب القطبي.
وتناولت استراتيجيات أمن الطاقة الاوروبية مجموعة من الخيارات، من بينها استخراج الغاز الصخري في أوروبا وإحداث ثورة غازية شبيهة بتلك التي تعيشها أميركا حالياً.
ولكن هل يمكن تحقيق مثل هذا الحلم؟ تقدر إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن إجمالى احتياطات الغاز الصخري في أوروبا يقدر بحوالى 470 ترليون قدم مكعب، وهو ما يعادل نحو 80% من احتياطات الغاز الصخري في أميركا.
وهذا الحجم من الاحتياطيات يعد من العوامل المشجعة في إيجاد بديل للغاز الروسى، وهنالك العديد من الفوائد التي ستجنيها أوروبا من استخراج الغاز الصخري، منها توفير مئات الآلاف من فرص العمل وخفض أسعار الغاز بالنسبة للصناعات الأوروبية، ولكن في مقابل ذلك هنالك عقبات.
ومن بين الدول الأوروبية تعد بولندا صاحبة أكبر احتياطي من الغاز الصخري، بدأ الحفر في آبار الغاز الصخري في بولندا قبل سنوات وحفرت الشركات 60 بئراً و40 بئر أخر سيحفر بنهاية العام الجاري.
ويلاحظ ان أربع شركات كبرى انسحبت من كشوفات الغاز الصخري في مارس/آذار الماضي من بولندا، وهي اْكسون موبيل ومارثون أويل وتاليسمان وتوتال.
انسحبت هذه الشركات بحجة أن هنالك عدم وضوح في قانون استثمار موارد الطاقة ببولندا. ورغم أن بولندا أجرت تعديلات على قانون الاستثمار بالطاقة ومنحت الشركات إعفاءات ضريبية وحوافز أخرى لمدة ست سنوات، إلا أن هنالك عقبات أخرى تعترض كشوفات الغاز الصخري في بولندا وتقدر إدارة الطاقة الأميركية احتياطات بولندا من الغاز الصخري بنحو 148 ترليون قدم مكعب ولكن معهد الجيولوجيا خفض هذه الاحتياطات في توقعاته الأخيرة بحوالي 90% .
ومن العقبات التي تعترض إنتاج الغاز الصخري ببولندا وباقي أوروبا، عدم وجود بنية لأنابيب نقل الغاز، ما يجعل كلفة استخراج الغاز الصخري في أوروبا وتسويقه، تصل إلى ثلاثة اضعاف كلفة استخراجه في أميركا.
وتصل كلفة حفر 6562 بئراً في أميركا بتقنية الحفر الأفقى إلى 4 ملايين دولار، فإن كلفة الحفر لهذه الآبار في بولندا تصل إلى 11 مليون دولار، بحسب تقديرات إدارة الطاقة الأميركية.
أما العقبة الثانية التي تعترض استخراج الغاز الصخري في أوروبا، فان التقنية الأميركية ربما لا تعمل بأوروبا لأن مكامن الغاز في أوروبا أعمق بحوالى 1.5 مرة مقارنة بالمكامن في أميركا.
وثالثاً: فان تقنية التكسير الهايدرولكي للصخور يحتاج الى مياه أكثر في أوروبا، مقارنة بأميركا لأن المكامن أعمق.
ومعروف أن سعر الماء في أوروبا أغلى 10 مرات من أميركا. أما العامل الرابع فهو ملكية الأرض، فبينما في أميركا ملكية الإراضي تعود للأفراد وبالتالي فإنهم غالباً ما يمكن إغراؤهم بالمال وأقناعهم بالتفاوض والوصول لاتفاق مع الشركات النفطية حول السعر المرضي للأرض، وفي المقابل فإن الأرض في أوروبا مملوكة للدولة.
أما بباقي أوروبا فالعديد من الدول حظرت استخراج الغاز الصخري مثل فرنسا، وفي ألمانيا توجد معارضة شديدة لاستخدام تقنية التفتيت الهايدرولكي بحجة أنه يؤثر على نقاء الجعة الألمانية.
وحسب قول الدكتور ديفيد بوشان، كبير خبراء الطاقة بمعهد أوكسفورد لدراسات الطاقة، "فإن باقي دول أوروبا، إما أنه يعاني قصور قوانين الاستثماروالإعفاءات وتحفيز الشركات على المخاطرة أو المعارضة الشعبية التامة لتقنية التكسير الهايدرولكي".
والغاز الصخري يحتاج لدعم حكومي كبير، لأنّ هامش الربح ليس كبيراً واحتمالات التعرض للخسارة واردة، وحتى في أميركا يلاحظ أن هامش الربحية ضئيل.
المساهمون