تعيش الدول العربية تحت وطأة العديد من الأزمات المنتجة للقلق. تحوم فوق اقتصاداتها مخاوف التأثر بالصراعات الطائفية، والحروب التي تضرب أكثر من دولة في المنطقة، بالإضافة إلى ارتهان اقتصادات أخرى لمناخ الاستثمار الدولي العام.
القلق من أسعار النفط
وعاشت الدول العربية المنتجة للنفط مع نهاية العام الماضي وبداية الحالي، أزمة تراجع أسعار النفط، التي أثرت بشكل أو بآخر على موازنات العديد من الدول، ومن بينها دول منطقة الخليج. وتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير سابق، أن يكون لتراجع أسعار النفط، أثر سلبي على الأداء الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي، إذا ما ظل سعر برميل النفط أدنى من سقف 70 دولاراً، مع العلم أن السعر المرجعي الذي تعتمد عليه موازنات هذه الدول لا يقل عن 97 دولاراً للبرميل، وفق تقرير للبنك الدولي.
وكان لتراجع أسعار النفط خلال هذه الفترة، أثر واضح على أداء البورصات العربية، التي ترتبط بثقة المستثمرين في أداء الشركات، هذه الأخيرة كانت تعيش الكثير من المخاوف والمخاطر وكانت مصدر قلق للمستثمرين فيها طيلة الفترة الماضية.
ولفهم حجم تأثر الدول العربية بالقلق، وأثرها على الانتاجية والاقتصاد، يمكن العودة إلى الموازنات وأداء مختلف القطاعات، التي طبعتها حالة من العجز، وتقلص كبير في عدد المشاريع الخاصة، والمشاريع الموجهة نحو الاستثمار العمومي والبنى التحتية.
القلق يؤثر على الموازنات
وقال وزير الصناعة والتجارة الخارجية المغربي الأسبق حسن أبو أيوب، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الحديث عن مصادر قلق تؤثر على الانتاجية العربية، "ما هو إلا تحصيل حاصل لوضعية قائمة منذ سنوات". ووصف الوزير الأسبق أن ما يروج بهذا الصدد ليس تضخيماً للوضع، لأن مؤشرات التنمية الاقتصادية وفق تقارير دولية صدرت قبل 20 سنة، لا تختلف كثيراً عن مؤشرات اليوم، وترصد نفس الاختلالات القائمة على تهميش دور الإنسان في عملية الانتاج والنمو.
وأكد المتحدث ذاته أن الخروج من الوضع الحالي، يفرض انفتاح الدول العربية على بعضها البعض، والإسراع بمعالجة الاختلالات القائمة في دول مثل مصر، تونس، اليمن، والجزائر. خاصة، يضيف أبو أيوب، الجانب المرتبط بحوكمة المجال الاقتصادي.
وتقبع مصر في الصف الثالث ضمن الموازنات العربية الأكثر عجزاً، بقيمة تتجاوز 35.7 مليار دولار خلال العام الماضي. ومن بين أهم الأسباب التي تعانيها البلاد، عدم استقرار الوضع السياسي، ونشاط الجماعات المسلحة في منطقة سيناء.
أما العراق، فيعيش أسوء حالاته الاقتصادية والانتاجية، وحسب ما كشفه "المركز العالمي لدراسات التنمية" فالصندوق الذي تعول عليه البلاد لضخ مشاريع استثمارية تنموية وتشجع مناخ الانتاجية، استنزفت منه جميع مدخراته خلال الست سنوات الماضية، بما يفوق 165 مليار دولار. وما يعمق من أزمة بلاد الرافدين، حديث المركز ذاته، عن أن مسألة النازحين والحرب ضد الإرهاب في البلد، ستشكل مستقبلاً مصدر قلق زائد للاقتصاد العراقي، أضف لذلك اعتماد الدولة العراقية على 95 % من عائدات النفط لتمويل موازنتها، وعرفت مع بداية العام الجاري تسجيل عجز بقيمة 21.4 مليار دولار.
وتعيش تونس مرحلة توازنات داخلية للخروج بالاقتصاد من عنق الزجاجة، وضعية تأزمت بسبب القلق المستمر من ضرب الإرهاب لمراكز حساسة في الدولة، كحادثة متحف "باردو" بالقرب من مقر البرلمان التونسي، مع العلم بأن السياحة في تونس تشكل المصدر الثاني للدخل من حيث العملة الصعبة، وتساهم بشكل كبير في الناتج الداخلي الخام. القطاع وحسب ما كشفت بيانات الوزارة المشرفة عليه، تراجع بنسبة 2.1% خلال الأشهر الأولى من سنة 2015 مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. ولم تتجاوز نسبة النمو في تونس خلال العام الماضي 2.3% حسب تقرير صادر عن البنك المركزي التونسي.
ويقبع لبنان تحت رحمة صراع الطوائف، وغياب رأس للدولة، ما أثر على مصادقة البلد على موازنة تحدد مسار الانتاجية والنمو الاقتصادي فيه. ويعيش لبنان على حدود دول تعتبر مصدر قلق دائم، ومصدرة للأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية كذلك فوق ترابه. وقدرت وزارة المالية اللبنانية، أن العجز في الموازنة العامة بلغ 2.22 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي.
وأجهز "انقلاب الحوثيين" على الانتاجية في اليمن، حيث أوقفت السعودية وحدها حسب تصريحات رسمية 160 مشروعاً استثمارياً، بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد. وأصبح اليمنيون يرون في الحوثيين وما تبقى من نظام المخلوع عبد الله صالح، مصدر قلق دائم.
ومن جهته قال الخبير الاقتصادي لدى البنك الدولي محمد حميدوش، لـ"العربي الجديد"، إن المعضلة اليوم تكمن في عدم اعتماد الدول العربية على "اقتصاد المعرفة"، وعدم اقتناعها بضرورة عولمة الخبرات والتجارب فيما بينها، للاستفادة من مواجهة التحديات الاقتصادية، والرفع من الانتاجية الوطنية لدى كل دولة، مما سينعكس بحسبه، على المناخ الاستثماري والانتاجي للمنطقة برمتها.
أرقام
40: يحتاج العراق مستقبلاً إلى تمويل قدره "المركز العالمي لدراسات التنمية" بـ40 مليار دولار لتعويض الخسائر التي طالت قطاعات النفط والصناعة والزراعة.
300: تتكبد المملكة العربية السعودية يومياً خسارة تقدر بـ300 مليون دولار، وتفقد 40% من إيراداتها جراء استمرار تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
إقرأ أيضا: منذر الشرع: الأزمات الإقليميّة تلقي بثقلها على الاقتصاد الأردني
القلق من أسعار النفط
وعاشت الدول العربية المنتجة للنفط مع نهاية العام الماضي وبداية الحالي، أزمة تراجع أسعار النفط، التي أثرت بشكل أو بآخر على موازنات العديد من الدول، ومن بينها دول منطقة الخليج. وتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير سابق، أن يكون لتراجع أسعار النفط، أثر سلبي على الأداء الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي، إذا ما ظل سعر برميل النفط أدنى من سقف 70 دولاراً، مع العلم أن السعر المرجعي الذي تعتمد عليه موازنات هذه الدول لا يقل عن 97 دولاراً للبرميل، وفق تقرير للبنك الدولي.
وكان لتراجع أسعار النفط خلال هذه الفترة، أثر واضح على أداء البورصات العربية، التي ترتبط بثقة المستثمرين في أداء الشركات، هذه الأخيرة كانت تعيش الكثير من المخاوف والمخاطر وكانت مصدر قلق للمستثمرين فيها طيلة الفترة الماضية.
ولفهم حجم تأثر الدول العربية بالقلق، وأثرها على الانتاجية والاقتصاد، يمكن العودة إلى الموازنات وأداء مختلف القطاعات، التي طبعتها حالة من العجز، وتقلص كبير في عدد المشاريع الخاصة، والمشاريع الموجهة نحو الاستثمار العمومي والبنى التحتية.
القلق يؤثر على الموازنات
وقال وزير الصناعة والتجارة الخارجية المغربي الأسبق حسن أبو أيوب، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الحديث عن مصادر قلق تؤثر على الانتاجية العربية، "ما هو إلا تحصيل حاصل لوضعية قائمة منذ سنوات". ووصف الوزير الأسبق أن ما يروج بهذا الصدد ليس تضخيماً للوضع، لأن مؤشرات التنمية الاقتصادية وفق تقارير دولية صدرت قبل 20 سنة، لا تختلف كثيراً عن مؤشرات اليوم، وترصد نفس الاختلالات القائمة على تهميش دور الإنسان في عملية الانتاج والنمو.
وأكد المتحدث ذاته أن الخروج من الوضع الحالي، يفرض انفتاح الدول العربية على بعضها البعض، والإسراع بمعالجة الاختلالات القائمة في دول مثل مصر، تونس، اليمن، والجزائر. خاصة، يضيف أبو أيوب، الجانب المرتبط بحوكمة المجال الاقتصادي.
وتقبع مصر في الصف الثالث ضمن الموازنات العربية الأكثر عجزاً، بقيمة تتجاوز 35.7 مليار دولار خلال العام الماضي. ومن بين أهم الأسباب التي تعانيها البلاد، عدم استقرار الوضع السياسي، ونشاط الجماعات المسلحة في منطقة سيناء.
أما العراق، فيعيش أسوء حالاته الاقتصادية والانتاجية، وحسب ما كشفه "المركز العالمي لدراسات التنمية" فالصندوق الذي تعول عليه البلاد لضخ مشاريع استثمارية تنموية وتشجع مناخ الانتاجية، استنزفت منه جميع مدخراته خلال الست سنوات الماضية، بما يفوق 165 مليار دولار. وما يعمق من أزمة بلاد الرافدين، حديث المركز ذاته، عن أن مسألة النازحين والحرب ضد الإرهاب في البلد، ستشكل مستقبلاً مصدر قلق زائد للاقتصاد العراقي، أضف لذلك اعتماد الدولة العراقية على 95 % من عائدات النفط لتمويل موازنتها، وعرفت مع بداية العام الجاري تسجيل عجز بقيمة 21.4 مليار دولار.
وتعيش تونس مرحلة توازنات داخلية للخروج بالاقتصاد من عنق الزجاجة، وضعية تأزمت بسبب القلق المستمر من ضرب الإرهاب لمراكز حساسة في الدولة، كحادثة متحف "باردو" بالقرب من مقر البرلمان التونسي، مع العلم بأن السياحة في تونس تشكل المصدر الثاني للدخل من حيث العملة الصعبة، وتساهم بشكل كبير في الناتج الداخلي الخام. القطاع وحسب ما كشفت بيانات الوزارة المشرفة عليه، تراجع بنسبة 2.1% خلال الأشهر الأولى من سنة 2015 مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. ولم تتجاوز نسبة النمو في تونس خلال العام الماضي 2.3% حسب تقرير صادر عن البنك المركزي التونسي.
ويقبع لبنان تحت رحمة صراع الطوائف، وغياب رأس للدولة، ما أثر على مصادقة البلد على موازنة تحدد مسار الانتاجية والنمو الاقتصادي فيه. ويعيش لبنان على حدود دول تعتبر مصدر قلق دائم، ومصدرة للأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية كذلك فوق ترابه. وقدرت وزارة المالية اللبنانية، أن العجز في الموازنة العامة بلغ 2.22 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام الماضي.
وأجهز "انقلاب الحوثيين" على الانتاجية في اليمن، حيث أوقفت السعودية وحدها حسب تصريحات رسمية 160 مشروعاً استثمارياً، بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد. وأصبح اليمنيون يرون في الحوثيين وما تبقى من نظام المخلوع عبد الله صالح، مصدر قلق دائم.
ومن جهته قال الخبير الاقتصادي لدى البنك الدولي محمد حميدوش، لـ"العربي الجديد"، إن المعضلة اليوم تكمن في عدم اعتماد الدول العربية على "اقتصاد المعرفة"، وعدم اقتناعها بضرورة عولمة الخبرات والتجارب فيما بينها، للاستفادة من مواجهة التحديات الاقتصادية، والرفع من الانتاجية الوطنية لدى كل دولة، مما سينعكس بحسبه، على المناخ الاستثماري والانتاجي للمنطقة برمتها.
أرقام
40: يحتاج العراق مستقبلاً إلى تمويل قدره "المركز العالمي لدراسات التنمية" بـ40 مليار دولار لتعويض الخسائر التي طالت قطاعات النفط والصناعة والزراعة.
300: تتكبد المملكة العربية السعودية يومياً خسارة تقدر بـ300 مليون دولار، وتفقد 40% من إيراداتها جراء استمرار تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية.
إقرأ أيضا: منذر الشرع: الأزمات الإقليميّة تلقي بثقلها على الاقتصاد الأردني