في خطوة ينتظرها العمال المغاربة منذ ثلاث سنوات، أكد عبد السلام الصديقي، وزير التشغيل والتكوين المهني المغربي، في خطاب بثه التلفزيون الرسمي في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء، رفع الحد الأدنى للأجور في الوظائف العامة إلى 3 آلاف درهم (370 دولاراً).
وتضمن القرار الذي صادقت عليه الحكومة، إقرار زيادة في الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بنسبة 10%، موزعة إلى 5% يبدأ العمل بها مطلع يوليو/ تموز المقبل، ونسبة مماثلة تنفذ مطلع الشهر نفسه عام 2015.
وتعتبر هذه الزيادات الأولى من نوعها في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي.
وإذا كان قرار رفع الحد الأدنى للأجور في الوظائف العامة، والذي يشمل 150 ألف موظف، سيجد طريقه بسهولة نحو التطبيق، فإن الحكومة ستجد صعوبات كبيرة في إقناع رجال الأعمال بتفعيل الزيادة ذاتها في القطاع الخاص.
فبعد وقت وجيز من إعلان الصديقي عن القرار، أعرب الاتحاد العام لمقاولات المغرب (منظمة رجال الأعمال)، في بيان له في عشية عيد العمال، عن "أسفه وقلقه العميق إزاء هذا القرار السياسي"، معتبرا أن من شأنه أن "يؤثر سلباً على تنافسية الشركات وقدرتها على أحداث فرص العمل".
كما يتعارض القرار، وفق البيان نفسه، مع الخطة الوطنية لتطوير الصناعة التي أطلقت قبل أسابيع بهدف خلق نصف مليون فرصة عمل في القطاع الصناعي لوحده بحلول العام 2020.
ويشغل القطاع الصناعي في المغرب نحو 1.2 مليون شخص.
ودعا الاتحاد إلى قمة ثلاثية تجمع رجال الأعمال والحكومة والنقابات لبحث سبل ضمان تنافسية الشركات والحفاظ على فرص العمل.
ورغم أن الاتحاد أكد عدم معارضة رجال الأعمال لتحسين دخول العمال، فإنه حذّر، في المقابل، من التأثيرات السلبية لارتفاع كلفة الأجور على تنافسية الاقتصاد المغربي، الذي يعاني من أزمة منذ أزيد من أربع سنوات.
وفي هذا السياق، ذكرت منظمة رجال الأعمال أن الفترة ما بين 2001 و2012 سجلت زيادة بالحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بنسبة 9.7%، مما أثقل كاهل الشركات بتحملات جديدة أثرت سلباً على تنافسيتها وحدت من قدراتها على إحداث فرص العمل.
وشارك عشرات الآلاف في مسيرات نظمت بمدينتي الدار البيضاء والرباط بمناسبة عيد العمال اليوم الخميس، وسط تنافس شديد بين المركزيات النقابية " الاتحادات العمالية " لتنظيم أكبر مسيرة بهذه المناسبة في البلاد.
وانضم عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، إلى مسيرة نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الموالية لحزبه، بالدار البيضاء.
وقبيل انطلاق المسيرة التي شارك فيها الآلاف، ألقى بنكيران كلمة جدد فيها التأكيد على عزمه إصلاح صندوق المقاصة (نظام دعم السلع الأساسية) وارتياحه لما حققته حكومته حتى الآن في مجال دعم حقوق الطبقة العاملة، خاصة تحسين الحد الأدنى للأجور ورفع الحد الأدنى للمعاشات إلى 100 درهم أواخر عام 2012.
وفي المقابل، حشد حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، أكبر قوة سياسية معارضة في المغرب، وزعيم نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أنصاره اليوم الخميس بملعب مولاي عبد الله لكرة القدم بالرباط.
وفي كلمة له، جدد شباط اتهام حكومة بنكيران بالاضرار بالقوة الشرائية للمواطنين بعد إقرار زيادات في أسعار المحروقات في إطار تطبيق نظام المقايسة الذي يعني مطابقة أسعار المحروقات في الأسواق المحلية بتقلباتها عالمياً.
كما انتقد عدم استجابة الحكومة لمطالب النقابات المتعلقة بالزيادة في الأجور وتجميد الحوار الاجتماعي، إضافة إلى التأخر في إصلاح نظام المقاصة وتردي الخدمات الصحية والتعليمية.
ويعود آخر اتفاق بين الحكومة والنقابات لرفع الأجور إلى 26 أبريل/نيسان 2011.
ونص الاتفاق بإقرار زيادات في الأجور بـ600 درهم لجميع موظفي الدولة ورفع الحد للأجور في القطاع الخاص بـ15% موزعة على دفعتين، 10% بدءاً من يوليو/تموز 2011 و5% مطلع الشهر نفسه من العام 2012.
وعزا مراقبون وقتها استجابة الحكومة لمطالب النقابات إلى رغبة الدولة في ضمان السلم الاجتماعي في وقت كانت فيه رياح الربيع العربي تجتاح المنطقة، وكانت لجنة خاصة تعكف على صياغة دستور جديد للبلاد تمت المصادقة عليه بالإجماع مطلع يوليو/تموز 2011.
وتعهد بنكيران في برنامج حكومته بتطبيق اتفاق 26 أبريل 2011، ورفع الحد الأدنى للأجور إلى ثلاثة آلاف درهم قبل نهاية ولايته عام 2016.
وفي عيدي العمال لعامي 2012 و2013، ظل بنكيران متمسكا برأيه بعدم إمكانية الزيادة في الأجور، سواء في القطاع العام أو الخاص، بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وتجاوز كتلة أجور موظفي الدولة 100 مليار درهم خلال عام 2012.