القاهرة تُكرِّم مخرجات عربيات: لغة السينما

04 نوفمبر 2018
المخرجة الفلسطينية مي المصري (Getty)
+ الخط -
رغم أن التمييز بين رجال ونساء في صناعة السينما، على مستوى التكريم مثلاً، يُمكن أن يُفهم كنوعٍ من تفرقة جندرية وإنْ من غير قصدٍ، إلا أن اختيار "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" 8 مخرجات عربيات لتكريمهنّ في دورته الـ40، المُقامة بين 20 و29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، تُشكِّل لحظة تنبّه إضافية إلى نتاجٍ سينمائي يمنح السينما العربية بعض حيوية بصرية، تزيد من النقاش النقدي المطلوب في مواكبة الإنتاجات السينمائية العربية الجديدة.
ورغم أن انتماء المخرجات المختارات إلى أجيال مختلفة، عمرًا وتجربة وأساليب معالجة وهواجس، إلا أن تكريمهنّ في وقتٍ واحد يدفع إلى استعادة تجارب سينمائية عربيّة راهنة في مقاربة أحوال أناس وحكايات وانفعالات وحالات، في مهرجانٍ يُراد له أن يخطو خطوات إيجابية إلى الأمام، بجهودٍ فردية غالبًا، معقودة على قناعة بأولوية السينما واشتغالاتها، وبواقعية مواضيعها وأسئلتها الجمّة.
في الدورة المقبلة لـ"مهرجان القاهرة"، سيُتاح للمهتمّين فرصة مشاهدة أو إعادة مشاهدة 8 أفلام عربية، تتراوح تواريخ إنتاجها بين عامي 2012 و2017، وتنصبّ كلّها في صناعة صورة سينمائية روائية (باستثناء فيلم واحد) تقترب من الواقع، وتستقي منه حكايات أناسٍ يعيشون في جغرافيا عربية مختلفة، ويواجهون أهوالاً ومصاعب وتحدّيات، ويعكسون شيئًا من معنى مقارعة الخراب، والخروج من ألمٍ يومي إلى حلمٍ أو أمل أو انعتاق، وإنْ يكن التعطيل أو التأجيل مصير الحلم والأمل والانعتاق، لوقتٍ قصير أو طويل.
من "وجدة" (2012) للسعودية هيفاء المنصور، الذي تنتهي حكايته بتمجيدٍ واضح للملك السعودي "المنفتح" على دور المرأة في المجتمع السعودي بحسب هذا الفيلم المرضي عنه من السلطات الحاكمة في "مملكة الرعب"، إلى "السعداء" (2017) للجزائرية صوفيا جاما و"على كفّ عفريت" (2017) للتونسية كوثر بن هنيّة، اللذين يستعيدان فصولاً من ماضي الجزائر وراهن تونس، في مقاربتين سينمائيتين تفكّكان ذاكرة وحاضرا، وتسعيان إلى نقاشٍ سينمائي مفتوح على أسئلة الحياة والحريات والموت والخراب والوجود، بلغةٍ سينمائية متينة الصُنعة، وإنْ يحتاج بعضها إلى شيء من التأهيل الفتي والدرامي والجمالي.

هكذا يُحتَفل بمخرجات عربيات، وبينهنّ المصريتان هالة خليل ("نوّارة"، 2016) وهالة لطفي ("الخروج للنهار"، 2013): فالأولى تعاين جوانب عديدة في وقائع "ثورة 25 يناير" (2011) داخل بيئة بورجوازية لكن بعينيّ خادمة فقيرة، والثانية تتحرّر كلّيًا من الخطاب الجماعي، فتنغلق على عائلة تعاني مرض أبٍ وحالة فقر وتعب، بصُور جمالية تُثير متعة المشاهدة رغم قسوة العيش. بالإضافة إليهما، تذهب الفلسطينية مي المصري، في "3000 ليلة" (2015)، إلى داخل السجون الإسرائيلية، كي تُبرز واقع المواجهة الفلسطينية للاحتلال، وكي تؤكّد براعة المرأة الفلسطينية في مقارعة العدو. وهذا ما تحاول تبيانه الفلسطينية آن ـ ماري جاسر، في "واجب" (2017): أبٌ وابنه العائد من غربة طويلة إلى الناصرة للمشاركة في عرس شقيقته، يكشفان راهن البلد بعيون مفتوحة على الآنيّ والماضي معًا، وبرغبة في نقاشٍ لن يتغاضى عن الداخل الفلسطيني، في الاجتماع والسلوك والعلاقات الإنسانية.
أما الإماراتية نجوم الغانم، فتمنح الفنان التشكيلي حسن شريف حضورًا توثيقيًا في فيلمها "آلات حادة" (2017)، كمحاولة بصرية لتوثيق سيرة ونتاج.
المساهمون