اختُتمت، أول من أمس السبت، فعاليات الدورة الرابعة من "مهرجان الفيلم المغربي القصير" في الرباط، بحفل الإعلان عن الأفلام الفائزة بالجوائز، التي تتقدمها جائزة لجنة التحكيم، أو كما تسميها الفعالية "جائزة حميدو"، تكريماً للممثل المغربي الراحل حميدو بن مسعود. وانتزع هذه الجائزة، بجدارة، فيلم "بطاقة بريدية" للمخرجة الشابة محاسن الحشادي، والذي نال استحسان الجمهور والمحكمين.
ويحكي الشريط قصة الطفلة أمينة التي تقطن إحدى قرى جبال الأطلس النائية، حيث يجري تنظيم زواج جماعي للفتيات بشكل سنوي، ما إن تظهر عليهن علامات البلوغ. تتحايل أمينة على عائلتها بإخفاء آثار العادة الشهرية لكي تتفادى هذا الزواج القسري. ويُظهِر الفيلم كيف يعبر السياح الأجانب تلك القرية مبهورين بفولكلور الزواج الجماعي والمناظر الخلابة من دون أن ينتبهوا لمعاناة أولئك الفتيات القاصرات.
ومن محاسن هذا المهرجان إتاحته الفرصة للمواهب الشابة عبر عرض أفلامهم على جمهور واسع وكذلك عبر الاحتكاك بمخرجين معروفين والإفادة من خبراتهم. وقد شارك في هذه الدورة 80 فيلماً قصيراً، اختير 20 منها للمشاركة في المنافسة الرسمية.
وشهدت هذه الدورة من المهرجان حضور عدد لافت من السينمائيين المغاربة والأجانب للاطلاع على جديد المواهب المغربية الشابة. كما شهدت تنظيم ورشتين حول التقنيات السينمائية، أشرف على الأولى الكاتب حسن نرايس وخصصها لموضوع السيناريو و"كيفية استعمال الكاميرا واللقطات والسرد البصري والإضاءة في خدمة السيناريو". أما الورشة الثانية، فأشرف عليها المخرج كمال كمال وخصصها للموسيقى ودورها في البناء الدرامي للأفلام القصيرة.
الميزة الأساسية لهذا المهرجان تكمن في اعتماده على الجمهور في اختيار الأفلام الفائزة؛ إذ قام الحاضرون باختيار 8 أفلام من أصل الـ20 المشاركة، وذلك بعد العروض مباشرة. ثم تولت لجنة التحكيم اختيار 3 منها للتتويج. كما أن الجمهور هو من صوت، أيضاً، لترشيح فيلمين لجائزة لجنة التحكيم التي حسمت في النهاية واختارت واحداً من بينهما للجائزة.
وترأست لجنة التحكيم في هذه الدورة المخرجة المعروفة نرجس النجار، إلى جانبها الكاتب حسن نرايس، والممثلة حنان بلحسين، والكاتبة أميرة خلف، ومدير التصوير الفرنسي جوليان فوري.
دورة هذه العام التي انطلقت مساء الثلاثاء الماضي، كرمت في حفل الافتتاح المخرج المغربي نورالدين الخماري، أحد أبرز المخرجين المغاربة. وحقق الخماري شهرة كبيرة بفضل فيلم "كازانيغرا"، االذي أثار حين نزوله إلى الصالات، قبل بضع سنوات، ضجة كبيرة وانتزع عدة جوائز دولية. الخماري حضر عرض فيلمه القصير "العرض الأخير"، وانتهز المناسبة لحث الشباب المشاركين في هذه الدورة على التحلي بالجرأة في مقارباتهم لقضايا المجتمع المغربي والابتعاد عن أفلام الفولكلور ذات الطابع السياحي أو الغرائبي.
المشاركة القوية والتفاعلية للجمهور في هذه المهرجان بلغت مداها حين احتج بعضه مطالباً باستعمال اللغة العربية بدل اللجوء الدائم إلى الفرنسية من قبل المنظمين والمخرجين والمنشطين، وهي ظاهرة شائعة في الحقل السينمائي المغربي بسبب الحضور الطاغي للفرنسية والثقافة "الفرنكفونية" كلغة تكوين واتصال لغالبية الفاعلين المغربيين في الفن السابع.
يشار إلى أن هذا المهرجان، ورغم دوره الطلائعي في تشجيع المواهب السينمائية الشابة، يعاني من شح كبير في الموارد المالية ولا يحظى بدعم مالي مناسب. وهذا ما انتقده بشدة مدير المهرجان عبد الكريم بناني خلال حفل الافتتاح، حيث استهزأ من ضعف المبلغ الذي تمنحه الدولة للمهرجان، إذ لا يتجاوز 17500 دولار، في حين يتم إغداق الأموال الطائلة على مهرجانات أقل طموحاً ونجاحاً.