تفيد بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بأنّ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع الفلسطيني يصل إلى 400 ألف، لكنّ حقوق هؤلاء غير مضمونة لا سيّما حقّهم في التغطية الصحية الشاملة.
لا يتلقّى 400 ألف فلسطيني من ذوي الإعاقة خدمات التأمين الصحي الشاملة التي تقدّمها وزارة الصحة الفلسطينية، فيما يحصل 14 ألفاً منهم فقط على بطاقات تأمين صحي من وزارة الصحة لا توفّر الخدمات الشاملة لهم. هذا ما يوضحه رئيس الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة فرع بيت لحم، عوض عبيات. ويقول عبيات لـ "العربي الجديد" إنّ "60 في المائة من ذوي الإعاقة الفلسطينيين محرومون من خدمات التأمين الصحي الذي توفّره وزارة الصحة الفلسطينية، أمّا الذين يتلقّون خدمات صحية من خلال بطاقة التأمين الصحي فلا يحصلون على تأمين شامل".
قبل 17 عاماً، أصيب المواطن الفلسطيني عدنان محسن من بيت لحم، جنوبيّ الضفة الغربية المحتلة، بحادث عمل خلّف لديه إعاقة حركية تلازمه منذ ذلك الحين. وهو اليوم يستخدم الكرسي المتحرك للتنقل، وبحاجة إلى رعاية وخدمات صحية تستوجب نفقات مالية، نظراً إلى عدم توفّرها في نظام التأمين الصحي الذي توفّره وزارة الصحة الفلسطينية. فهو لا يشمل كلّ ذوي الإعاقة ولا يغطي كل الخدمات الصحية. ويوم الثلاثاء الماضي، حضر محسن من بيت لحم للمشاركة في وقفة احتجاجية أمام مجلس الوزراء الفلسطيني في مدينة رام الله. وقد شارك في تلك الوقفة مئات من ذوي الإعاقة ومن المتضامنين معهم. يخبر محسن "العربي الجديد" أنّه مضطر شهرياً إلى "شراء مستلزمات وأدوية قد تصل تكلفتها إلى نحو 100 دولار أميركي، تساعدني عائلتي في شرائها من الصيدليات نظراً إلى عدّم توفرها من ضمن الخدمات التي يقدّمها التأمين الصحي الحكومي".
من جهته، شارك حسام خضير، من رام الله، في الوقفة مطالباً بحقّ الحصول على تأمين صحي شامل. يقول لـ"العربي الجديد": "نحن نطالب بحقوقنا المعترف بها قانونياً. منذ سنين عدّة ونحن موعودون بالحصول على حقوقنا، لكنّنا لم نرَ أيّ شيء بعد في الواقع". وخضير يعاني منذ 20 عاماً من ضمور في العضلات، خلّف لديه قبل 13 عاماً شللاً رباعياً جعله يلجأ إلى الكرسي المتحرك. وعلى الرغم من ذلك، يخبر أنّه يضطر إلى العمل في بسطة لبيع الإكسسوارات، للتمكن من سدّ جزء من احتياجاته. لكنّ ظروفه الصحية تمنعه من العمل في الشتاء.
الشاب عطية صبيح من بيت لحم، كان من بين المشاركين كذلك. وهو كان قد حصل قبل خمسة أعوام على شهادة في التربية الإسلامية من جامعة القدس المفتوحة، وتقدّم مرّات عدّة لامتحان التوظيف. يُذكر أنّه وعلى الرغم من معاناته من إعاقة بصرية كاملة وكذلك إعاقة حركية، فقد اجتاز الامتحان بنجاح على أمل الحصول على وظيفة مدرّس في وزارة التربية والتعليم، لكن من دون جدوى. ويخبر صبيح أنّ "مشاركتي في الوقفة الاحتجاجية ليست للمطالبة بوظيفة، بل أنا جئت لأطالب الحكومة الفلسطينية بتوفير تأمين صحي شامل يغطّي كل شرائح الأشخاص ذوي الإعاقة بمن فيهم الصمّ البكم".
أمام مجلس الوزراء الفلسطيني في رام الله، رفع المحتجون الذين وفدوا من محافظات عدّة في الضفة الغربية، لافتات تطالب بإنصاف ذوي الإعاقة وتطبيق القانون الخاص بهم. ومن الشعارات التي رفعوها، نذكر "الحياة الكريمة حق للجميع من دون تمييز على أي أساس وغير قابل الجدال والتسوية"، و"بين التشريعات الفلسطينية والإجراءات والخدمات الصحية فجوة عميقة يدفع ثمنها ذوو الإعاقة بحياتهم وكرامتهم"، و"معاً نحو بلورة وتبنّي نظام تأمين صحي عادل وشامل للفلسطينيين ذوي الإعاقة"، و"صون كرامتنا يحتّم على مؤسسات الدولة إعطاءنا تأميناً صحياً عادلاً وشاملاً".
الشابة روان الخياط، من المشاركات في دعم حقوق ذوي الإعاقة، هي من مركز إبداع المعلم وتقول لـ"العربي الجديد": "نحن متضامنون معهم للمطالبة بحقهم في التأمين الصحي وبأن يكون الأمر عادلاً وشاملاً من دون أيّ تقليص للخدمات المقدمة". وتشير إلى أنّ "التأمين الصحي لا يغطي كل العلاجات والأدوية، ما يضطر ذوي الإعاقة إلى شرائها على نفقتهم الخاصة من مراكز غير حكومية". أمّا بسام المعطي من بيت لحم، فيقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الأمور قد زادت عن حدها، ولا بدّ من لفت انتباه رئيس الوزراء ووزير الصحة".
ويؤكد عبيات أنّ "الوقفة الاحتجاجية مستمرة إلى حين خروج رئيس الوزراء ومخاطبته الناس. قبل نحو أسبوعَين بعثنا بمذكّرة إلى رئيس الوزراء واستلمها مندوب عنه. وما زلنا ننتظر الرد، فيما نحن ماضون في اعتصامنا". يضيف أنّه "منذ عام 1999 حتى اليوم، نحن نطرح قضايا تمسّ بالأشخاص ذوي الإعاقة، ومن حقنا أن نوصلها ونتلقى رداً".
ويشدد عبيات على "ضرورة أن تلقى مطالب ذوي الإعاقة اهتماماً، وأن يحصل الجميع على تأمين صحي شامل يغطّي كل المتطلبات الأساسية التي ينصّ عليها القانون، خصوصاً أنّ ثمّة لجنة تعمل داخل مجلس الوزراء الفلسطيني من أجل صياغة قانون تأمين صحي جديد". ويلفت في السياق إلى أنّه "من الممكن أن تتعرض حقوق ذوي الإعاقة لانتهاكات، كحرمان ذوي الإعاقة السمعية من التأمين الصحي في حال استخدم من يعاني من هذه المشاكل سماعات طبية، بحجة نفي الإعاقة عنهم، وهذا خرق واضح للقانون".