الغامض بوزا..صاحب القدم الكبيرة الذي لا يعترف بفشل ميسي

06 اغسطس 2016
الأرجنتين تحلم بتحقيق لقب كأس العالم 2018 (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -
"إنه التحدي الأصعب في مسيرتي الكروية، تدريب منتخب الأرجنتين بمثابة الحلم الذي تحقق، سأبذل قصارى جهدي من أجل إسعاد الجماهير"، إدغاردو بوزا يبدأ المهمة الصعبة بتصريح واثق ومتوقع، لرجل يعتبر قرار اختياره مفاجأة للكثيرين، ومدرب يراه المتابعون كمرشح غامض نال شرف تدريب أحد أهم وأقوى المنتخبات العالمية في السنوات القليلة الماضية، ومدير فني سيحاول قبل أي شيء إعادة الملك رقم 10 إلى الأجواء الدولية من جديد.

مرشح منسي
بعد استقالة تاتا مارتينو من تدريب راقصي التانغو، بدأ المدراء في الأرجنتين التركيز على الأسماء الجماهيرية لقيادة الفريق، ووضع الاتحاد 3 مدربين في الواجهة. البداية كانت مع مارسيلو بييلسا، الخبير الذي يفهم اللعبة من مفهوم ثوري بحت، وله صولات وجولات في أميركا اللاتينية.

شخصية اللوكو منعته من الموافقة، ربما بسبب فشله من قبل مع المنتخب في مونديال 2002، ورغبته في إعطاء الفرصة لمدرب جديد، أو بسبب مشاكله مع فريق لاتسيو، وحتى لا يتم اتهامه بالهروب من أجل تدريب المنتخب، مع أن مشكلته كانت فنية بحتة مع رئيس النادي الإيطالي.

سيميوني هو الآخر عُرض عليه المنصب، لكنه آثر الاستمرار في مهمته مع الأتليتي، الشولو يريد البطولة الأوروبية، وينعم باستقرار غير عادي في إسبانيا. أما المرشح الثالث فكان الأقرب فعلياً، جورجي سامباولي، فكر في قبول العرض، وحاول إقناع إشبيلية بتدريب الفريق والمنتخب، لكن مونشي رفض الأمر برمته من أجل التركيز في مشروع الأندلس. إنها مجرد تفاصيل صغيرة في النهاية، جعلت سامباولي يوافق على عرض إشبيلية قبل نهائي كوبا أميركا بأيام، لأنه لو تأخر قليلاً لكان هو مدرب ميسي الجديد، لكن كل شيء مكتوب للرجل غير المعروف أوروبياً ودولياً، إدغاردو بوزا هو الفائز بشرف المحاولة.

لاتيني بحت
حصل بوزا على كامل شهرته داخل أميركا اللاتينية فقط، درب فرقاً عديدة في بيرو، الأرجنتين، الإكوادور، وكانت له تجربة صغيرة في السعودية مع النصر، لكنه وصل إلى قمة عطائه مع فريق كويتو الإكوادوري، حينما حقق معه كوبا ليبرتادوريس في 2008، ثم بطولة السودامريكانا في 2010، ويبقى أهم إنجاز صنعه مع سان لورينزو في 2014، عندما قاد سان لورينزو إلى الليبرتادوريس بعد غياب طويل.

اشتهر إدغاردو بأسلوبه البراغماتي الواقعي، إنه مدرب لا ينتمي إلى مدرسة بييلسا وسامباولي، بل يقدم نظاماً تكتيكياً قريباً من أسلوب سيميوني رفقة الأتليتي، لذلك تمتاز فرقه بالقدرة على تقليل المساحات في مناطقها، مع تدمير هجمات المنافس كلما أراد المبادرة، لذلك لعب سان لورينزو بطريقة خططية قريبة من 4-4-2، مع التحول إلى رباعي الخطوط بعودة لاعب من الأمام إلى الوسط قليلاً، والعودة إلى 4-4-1-1 أو 4-6-0 في حالة الارتداد.

حتى خلال مرحلته الأخيرة في البرازيل مع ساو باولو، كان الفريق قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى نهائي بطولة أميركا الجنوبية، لكنه خرج أمام ناسيونال الكولومبي في النصف، وركز بوزا في عمله على طريقة لعب 4-2-3-1 مع ثنائي محوري في المنتصف، وإعطاء الحرية الكاملة لصانع اللعب في المركز 10، لذلك من الممكن القول إن خطتي 4-4-2 / 4-2-3-1 هما الأساس بالنسبة لقائد الأرجنتين الجديد.

الرقم 15
في ترتيبها لأفضل مدربي العالم في 2016، وضعت صحيفة "فور فور تو" الأرجنتيني إدغاردو بوزا في المركز رقم 15، ووصفته بأنه مدرب صاحب شخصية قوية، عدّل كثيراً من قدرات ساو باولو، وجعله فريق صعب المراس رغم عدم وجود صفقات قوية. وجاء بوزا في هذا الترتيب المتقدم، نتيجة تأثيره الإيجابي على أكثر من لاعب في ساو باولو، جانسو المنتقل حديثاً لإشبيلية، وجوناثان كاليري الذي حوله إلى واحد من أفضل مهاجمي القارة.

يُعرف إدغاردو بوزا بـ "الباتون" أو صاحب القدم الكبيرة نتيجة مقاسه الضخم في الأحذية، واشتهر بتجهيزه للفرق وتحويلها إلى نسخ أفضل، مع مرونته التكتيكية في جمعه بين الدفاع والهجوم، فخلال فترته مع ساو باولو، لم يتراجع للخلف فقط بل تكيف سريعاً مع الكرة البرازيلية، ولعب ساو باولو بطريقة مميزة ومتوازنة إلى حد كبير.

بوزا أقل خططياً من بييلسا، لم يحقق إنجازا كبيرا على مستوى المنتخبات كسامباولي، وبكل تأكيد أقل حيوية من الشولو سيميوني، لكنه يعتبر أفضل الخيارات الممكنة إذا ابتعدنا عن هذا الثلاثي السابق، نتيجة شخصيته القوية وخبراته العريضة، وطموحه الذي يساعده على التعامل مع ميسي ومحاولة لم شمل المنتخب مرة أخرى.

بيلاردو من جديد
ثمّة تشابه بين بوزا وكارلوس بيلاردو، المدرب الفائز مع الأرجنتين بمونديال 86، بيلاردو وجد في دييغو العصا السحرية التي سيأكل بها الجميع ويرد على نجاحات غريمه مينوتي، لذلك بدأ المدرب في تذليل كافة العقوبات أمام الرقم 10، ووضع أكبر عدد ممكن من اللاعبين في منطقة الوسط لإراحته في الهجوم، ومنعه من أي محاولة للدفاع أو العودة إلى منتصف الملعب.

المدرب من وجهة نظر المدرسة الواقعية في اللعبة هو الذي يعرف ما يريد، ويبادر لمعرفة آخر التطورات في عالم التدريب، لكي يتابع ما يدور حوله، ويسعى إلى وضع نظام تكتيكي مناسب لمستوى خصمه أولا وقدرات نجومه ثانيا، لذلك لا نستطيع القول بأن الكرة التي قدمتها الأرجنتين في 86 تميل إلى المبادرة، رغم أن مارادونا كان النجم الأول لهم، ومع إدغاردو بوزا سيكون الأمر مشابهاً، هناك إيمان تام فقط بأن ليو مثل دييغو، يجب أن يلعب المنتخب من أجله وليس العكس.

"يقول الجميع إنه كان فشلاً. كان وصيفاً، بالتالي ليس فشلاً على الإطلاق"، هكذا يؤكد بوزا بعد سؤاله عن عودة ليو إلى المنتخب، لأنه بطبعه البراغماتي يرى أن المركز الثاني ليس نجاحاً بكل تأكيد، لكنه أيضا لا يدل على السقوط الكامل، أي أن هناك هامشاً للتحسن وللتحول من الفضة إلى الذهب، ربما في 2018!

المساهمون