تنتشر في قلب القاهرة وباقي المحافظات عشرات بل آلاف القنابل الموقوتة التي لا تلقى أي اهتمام من الدولة. وبالرغم من أنها تقتل سكانها يومياً بالتلوث والزحام والفوضى، إلا أن الأنظمة المتعاقبة تتعامل معها على أنها واقع عادي... إنها العشوائيات.
انتشار واسع للعشوائيات
انتشار واسع للعشوائيات
وفي صورة تعكس عدم اهتمام الدولة بالعشوائيات، تتضارب الأرقام الحكومية حول عددها في مصر. إذ يقول الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء إن هناك ما يقرب من 1221 منطقة عشوائية، احتفظت القاهرة بمفردها بـ81 عشوائية، تغطي ما يقرب من 45% من مساحتها، أي أن هناك 15 مليون مواطن يعيشون في تلك العشوائيات. بينما يؤكد مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء أن عددها 1034 منطقة عشوائية، فيما قال معهد التخطيط القومي إن عدد العشوائيات في مصر هو 1109.
لا يقتصر مفهوم العشوائيات في مصر على مجموعة من السكان قاموا بالبناء على أراضٍ زراعية، بل إن العشوائية في "المحروسة" تعني عشوائية البناء، عشوائية الصناعة، عشوائية السلوك، الأمر الذي يطرح الكثير من الاسئلة حول أنواع الصناعات التي تنتشر في العشوائيات، واسبابها، ومساهمتها في الاقتصاد، ودور الدولة الفعلي في تطوير هذه العشوائيات؟
رأس مال ضخم
قال وكيل أول اتحاد الصناعات في القاهرة، محمد المرشدي، إن الاتحاد أجرى دراسة أخيراً عن حجم الاقتصاد العشوائي، وأن الدراسة خلصت إلى أن حجم رأس مال المشروعات غير الرسمية وصل إلى تريليون جنيه، معتمدة فقط على رأس المال المتداول للمشروعات الإنتاجية، وأن هناك 116 منطقة صناعية غير مرخصة، وفقاً للهيئة الصناعية للجودة، ويعمل فيها ما لا يقل عن مليون عامل في قطاع الصناعة فقط، وأن استثمارات تلك المصانع تبدأ من 5 آلاف وصولاً إلى 15مليون جنيه.
واعتبر المرشدي أن الصناعات العشوائية تلحق الضرر بالاقتصاد المصري لأبعد الحدود، ولا سيما أنها لا تؤمّن التنافسية مع الصناعات الاخرى، وتسلب الأيدي العاملة من المصانع الرسمية. مدللاً على ذلك بإغلاق ما يزيد عن 2450 مصنعاً بسبب هروب الأيدي العاملة إلى الصناعات غير الرسمية.
عدّد المرشدي أبرز الصناعات العشوائية، ومنها صناعة الملابس الجاهزة، والجلود، والأغذية، وهي جميعها صناعات هامة وفارقة في الاقتصاد المصري، كما أن لها تأثيراً واضحاً على المستهلك، حيث لا تخضع تلك الصناعات لرقابة الدولة، وبالتالي فإن جودتها أقل وخطرها كبير، لا سيما في مجال الأغذية. كما تحرم هذه الصناعات الدولة من حقها في الضرائب التي يمكناستثمارها في تحسين معيشة سكان العشوائيات.
"بيروقراطية وتشريعات مكبلة"
أما عضو غرفة صناعة الجلود في الغرفة التجارية، عبد الرحمن الجباس، فكان له رأي آخر، حيث اعتبر أن أهم أسباب انتشار الصناعات العشوائية، مثل الجلود، والغزل والنسيج، والعطور، والتي وصلت الى نسبة 45% من إجمالي الصناعة في مصر، يعود إلى البيروقراطية والتشريعات التي تكبّل الراغبين في الاستثمار الصناعي، إضافة الى الفساد الذي ما زال يستشري في كافة مؤسسات الدولة. وقال إن أي مواطن يرغب في إقامة مصنع، عليه أن يخضع لرقابة ما يزيد عن 18 هيئة حكومية، كما أن الضرائب تصل إلى 50 ألف جنيه سنوياً على ورشة تصنيع ملابس لا يتعدى عدد الماكينات فيها الماكينة الواحدة أو الاثنتين، ولا يتخطى عدد العمال فيها سبعة عمال، ما يؤدي إلى تعثر الورشة وإغلاقها.
ورأى الجباس أن هناك ضرورة لأن تحدث ثورة في التشريعات الصناعية، وأن تتصالح الدولة مع تلك النوعية من الصناعات التي استطاعت بمهارة أن تصمد في الوقت الذي انهارت فيه العديد من الصناعات الرسمية.
اتفق معه في الراي أدهم صالح، صاحب مصنع للملابس الجاهزة في شبرا الخيمة، مؤكداً على أنه حاول في بداية الأمر أن يقوم بتسجيل منشأته، إلا أنه اصطدم بسيل من التعقيدات والروتين.
وقال عضو مركز الدراسات الاقتصادية وصندوق تطوير العشوائيات، الدكتور أحمد زعزوع، إن الانتقادات التي يوجهها البعض إلى الدولة في تطوير العشوائيات وصناعتها، هي في محلها، ولا سيما أن مصر تعاني حالة من التشوّه في اقتصادها. ومن أبرز دلائل ذلك التشوه هو انتشار الصناعات الموازية في العشوائيات، إلا أن الفترة الراهنة تشهد محاولات جادة في تصحيح ذلك التشوه، مدللاً على ذلك بمشروع قانون تم تقديمه من قبل جهاز التنمية لكل من وزارة الصناعة والمالية ووزارة تطوير العشوائيات يتضمن دمج الاقتصاديات غير الرسمية مع الرسمية، بحيث يمكن للدولة أن تستفيد من تلك القدرات.
لا يقتصر مفهوم العشوائيات في مصر على مجموعة من السكان قاموا بالبناء على أراضٍ زراعية، بل إن العشوائية في "المحروسة" تعني عشوائية البناء، عشوائية الصناعة، عشوائية السلوك، الأمر الذي يطرح الكثير من الاسئلة حول أنواع الصناعات التي تنتشر في العشوائيات، واسبابها، ومساهمتها في الاقتصاد، ودور الدولة الفعلي في تطوير هذه العشوائيات؟
رأس مال ضخم
قال وكيل أول اتحاد الصناعات في القاهرة، محمد المرشدي، إن الاتحاد أجرى دراسة أخيراً عن حجم الاقتصاد العشوائي، وأن الدراسة خلصت إلى أن حجم رأس مال المشروعات غير الرسمية وصل إلى تريليون جنيه، معتمدة فقط على رأس المال المتداول للمشروعات الإنتاجية، وأن هناك 116 منطقة صناعية غير مرخصة، وفقاً للهيئة الصناعية للجودة، ويعمل فيها ما لا يقل عن مليون عامل في قطاع الصناعة فقط، وأن استثمارات تلك المصانع تبدأ من 5 آلاف وصولاً إلى 15مليون جنيه.
واعتبر المرشدي أن الصناعات العشوائية تلحق الضرر بالاقتصاد المصري لأبعد الحدود، ولا سيما أنها لا تؤمّن التنافسية مع الصناعات الاخرى، وتسلب الأيدي العاملة من المصانع الرسمية. مدللاً على ذلك بإغلاق ما يزيد عن 2450 مصنعاً بسبب هروب الأيدي العاملة إلى الصناعات غير الرسمية.
عدّد المرشدي أبرز الصناعات العشوائية، ومنها صناعة الملابس الجاهزة، والجلود، والأغذية، وهي جميعها صناعات هامة وفارقة في الاقتصاد المصري، كما أن لها تأثيراً واضحاً على المستهلك، حيث لا تخضع تلك الصناعات لرقابة الدولة، وبالتالي فإن جودتها أقل وخطرها كبير، لا سيما في مجال الأغذية. كما تحرم هذه الصناعات الدولة من حقها في الضرائب التي يمكناستثمارها في تحسين معيشة سكان العشوائيات.
"بيروقراطية وتشريعات مكبلة"
أما عضو غرفة صناعة الجلود في الغرفة التجارية، عبد الرحمن الجباس، فكان له رأي آخر، حيث اعتبر أن أهم أسباب انتشار الصناعات العشوائية، مثل الجلود، والغزل والنسيج، والعطور، والتي وصلت الى نسبة 45% من إجمالي الصناعة في مصر، يعود إلى البيروقراطية والتشريعات التي تكبّل الراغبين في الاستثمار الصناعي، إضافة الى الفساد الذي ما زال يستشري في كافة مؤسسات الدولة. وقال إن أي مواطن يرغب في إقامة مصنع، عليه أن يخضع لرقابة ما يزيد عن 18 هيئة حكومية، كما أن الضرائب تصل إلى 50 ألف جنيه سنوياً على ورشة تصنيع ملابس لا يتعدى عدد الماكينات فيها الماكينة الواحدة أو الاثنتين، ولا يتخطى عدد العمال فيها سبعة عمال، ما يؤدي إلى تعثر الورشة وإغلاقها.
ورأى الجباس أن هناك ضرورة لأن تحدث ثورة في التشريعات الصناعية، وأن تتصالح الدولة مع تلك النوعية من الصناعات التي استطاعت بمهارة أن تصمد في الوقت الذي انهارت فيه العديد من الصناعات الرسمية.
اتفق معه في الراي أدهم صالح، صاحب مصنع للملابس الجاهزة في شبرا الخيمة، مؤكداً على أنه حاول في بداية الأمر أن يقوم بتسجيل منشأته، إلا أنه اصطدم بسيل من التعقيدات والروتين.
وقال عضو مركز الدراسات الاقتصادية وصندوق تطوير العشوائيات، الدكتور أحمد زعزوع، إن الانتقادات التي يوجهها البعض إلى الدولة في تطوير العشوائيات وصناعتها، هي في محلها، ولا سيما أن مصر تعاني حالة من التشوّه في اقتصادها. ومن أبرز دلائل ذلك التشوه هو انتشار الصناعات الموازية في العشوائيات، إلا أن الفترة الراهنة تشهد محاولات جادة في تصحيح ذلك التشوه، مدللاً على ذلك بمشروع قانون تم تقديمه من قبل جهاز التنمية لكل من وزارة الصناعة والمالية ووزارة تطوير العشوائيات يتضمن دمج الاقتصاديات غير الرسمية مع الرسمية، بحيث يمكن للدولة أن تستفيد من تلك القدرات.