العراق يدخل الفراغ الدستوري بعد فشل اختيار رئيس للحكومة

08 اغسطس 2014
المالكي يتشبّث بمنصب رئاسة الحكومة (أوليفييه بول/Getty)
+ الخط -

دخل العراق في فترة الفراغ الدستوري مع انتهاء الساعة الأخيرة من يوم الخميس وبعد إخفاق "التحالف الوطني" في تسمية رئيس وزراء جديد للبلاد خلال المدة الدستورية البالغة خمسة عشر يوماً لاختيار حكومة جديدة بعد تسمية رئيس الجمهورية.

ورفضت المحكمة الاتحادية العليا تمديد المهلة الدستورية حتى الأحد المقبل بطلب من رئيس الجمهوية، فؤاد معصوم، الذي استند إلى اعتبار أيام العيد عطلة رسمية خارج تلك المهلة، وهو ما ردّت عليه المحكمة بأن الدستور لم يفسر المادة وفقاً لأيام العمل أو العطل.

وقد جرى اجتماع مغلق بين رئيسي الجمهورية، فؤاد معصوم، والبرلمان، سليم الجبوري، ونائبيه في ساعة متأخرة من ليل الخميس للتوصل إلى حل حول تسمية الكتلة الأكبر التي ستلد رئيس الحكومة الجديد للبلاد، غير أن الاجتماع لم يخرج بأي نتيجة، واتفقت الأطراف على عقد اجتماع آخر ظهر اليوم، الجمعة، بحسب مصدر رفيع في ديوان رئاسة الجمهورية.

وأوضح المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "المشكلة الحالية في تعذّر تسمية الكتلة الأكبر، أن المالكي يصر على أنه دخل مع كتلته، البالغة 91 مقعداً، في الجلسة الأولى منفرداً وغير منضوٍ تحت خيمة التحالف الشيعي التي بدون كتلة المالكي لم تحظى بالأغلبية في البرلمان".

وأضاف أن "المالكي يطعن بصحة توقيع له في وثيقة مقدمة إلى رئيس البرلمان، باعتبار التحالف الوطني الكتلة الأكبر، ويضم كلاً من ائتلاف "المواطن" و"الأحرار" و"دولة القانون" و"الفضيلة" و"الإصلاح" و"صادقون"، في حين يصر قادة التحالف على صحة توقيع المالكي قبل الجلسة الأولى بساعات".

وبحسب الدستور العراقي للعام 2005، فإن تسمية رئيس الوزراء هي للكتلة الأكبر في البرلمان عند انعقاد جلستها الأولى التي يتم فيها قَسَم اليمين الدستوري للنواب.

وأشار المصدر إلى أن"قادة التحالف أبلغوا رئيسي الجمهورية والبرلمان نيتهم إنهاء المشكلة خلال اليومين المقبلين كمهلة أخيرة من خلال إقناع المالكي أو إقناع عدد من حلفائه بإعلان انفصالهم عن كتلة (دولة القانون) بما يؤهل نزع صفة الكتلة الأكبر عنها".

من جهته، قال القيادي البارز في التيار الصدري، حسين البصري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "المالكي فقد صوابه ووضع التحالف الوطني أمام مشكلة حقيقة ستشتّت البيت الشيعي كله من أجل المنصب".

وأكد البصري أن "الدخول في الفراغ الدستوري يعني وضع العراق برمته في الخطر مع تصاعد هجمات تنظيم (داعش) على مدن شمال وغرب ووسط البلاد وتوقف العجلة الاقتصادية وانتشار الجماعات المسلحة وغياب سلطة القانون"، مشيراً إلى أن "المالكي يسعى للمنصب ولو بقي رئيساً للوزراء على بغداد فقط بينما العراق كله في نار جهنم التي هدد بها مؤخراً".

وأوضح أن "اليومين المقبلين سيشهدان انشقاقاً لأعضاء بارزين من كتلة المالكي، نأمل أن تغيّر قواعد اللعبة بأكملها".

من جانبه، قال القيادي في "التحالف الوطني الكردستاني"، حمة أمين، إن "المالكي بات يلمح إلى إشعال حرائق في كل مكان في العراق في حال عدم التجديد له، مستغلاً تبعية الميليشيات الشيعية له وانصياعها لأوامره، فضلاً عن ولاء أغلب قيادات الجيش الحالي له، وهي لغة سادت مداخلاته في اجتماع التحالف الأخير، ولعل هذا أحد أبرز أسباب تخوّف التحالف من ردّة فعله في حال الإطاحة به من دون اتفاق مسبق معه".

وأضاف أمين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "في ما يتعلق بنا كتحالف كردستاني، اتفقنا على الذهاب بعيداً عن أي حكومة مقبلة يكون المالكي على رأسها، وبالنسبة لرئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، فإن استقالته جاهزة لتصل بالساعة التي يعلن فيها عن تولي المالكي لرئاسة الحكومة، وهذا موقف نهائي وغير قابل للمناقشة، كما أنه يتطابق مع موقف الإخوة العرب السنّة".

وحول الموقف الإيراني من الأزمة العراقية، أكد النائب في البرلمان، أحمد السامرائي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الموقف الإيراني يتّسم بالتذبذب وهناك انقسام كبير داخل دائرة صنع القرار في طهران حول المالكي، حيث يرى قسم منهم أهمية الحفاظ على هيبة المرجعية الشيعية واحترام رغبتها في تنحي المالكي لمنع جعل كسر إرادتها مع اختيار شخصية جديدة من داخل التحالف تحافظ على العلاقات بين البلدين".

وأضاف: "بينما يرى آخرون أن تنحي المالكي سيجعل دولاً على خصومة مع إيران في موقف المنتصر، ومنها السعودية، كما أنه سيضعف جانب النظام السوري إلى حد كبير".

وأوضح أنه "على الجميع أن يتوقع مفاجآت وكلها من العيار الثقيل خلال الساعات 72 المقبلة، ونأمل أن تُحقن دماء العراقيين خلالها. فالأزمة ستنعكس بشكل كبير على الملف الأمني، وقد تنسحب إلى منحى طائفي عميق".

المساهمون