18 مايو 2016
العراق والمليشيات
حسام الطائي (العراق)
ما زالت الحكومة العراقية تحشد كل طاقتها السياسية والمالية والعسكرية، للتخلص من احتلال داعش الذي توسع إثر انسحاب الجيش بأوامر من نوري المالكي وقياداته، بالتالي، أصدرت المرجعية الدينية فتوى القتال لإرسال قواتٍ مدنيةٍ إضافية دعماً لما تبقى من الجيش العراقي، سميت بالحشد الشعبي، وهي القوات التي تمكنت من تحرير بعض المناطق.
وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجُهها الحكومة العراقية، إلا أنها لن تكون الأخيرة، ففي الأفق تلوح أزمة المليشيات المنضوية تحت تسمية الحشد الشعبي، والتي قد تكون سبباً في تفكك الحكومة العراقية، وتحولها إلى شبه دولة، لأن لهذه المليشيات تاريخ ودور في فشل الحكومة العراقية، إذ اتجه سياسيون كثيرون بعد العام 2003 إلى دعم المليشيات وتأسيسها. وعلى الرغم من أن عددها كان ضئيلاً في البداية، لكن الغريب أنها تكاثرت وصارت مدعومة سياسياً ومالياً وبشكل أكبر، وبعدها أصبحت رديفا للجيش وقوى الأمن، فأسست مراكز التطوع والتدريب مع صرف رواتب للمنتسبين، وصار لديها نقاط تفتيش خاصة، تقوم بتدقيق الهويات والاعتقال واجتياز الحواجز الأمنية للشرطة والجيش بصلاحيات حكومية. وأخيراً، تم دمج قادة المليشيات بنواة الجيش العراقي مع رتب عسكرية.
أدى هذا البناء الخاطئ إلى انهيار الجيش العراقي وانسحابه من المحافظات، مع أول مواجهة عسكرية مع داعش، فكانت هذه المليشيات سبباً في انسحاب الجيش وتسليم المحافظات من دون قتال مع اشتراك بعض السياسيين، وبعد أن أصدرت المرجعية فتوى القتال، إثر سقوط المحافظات، تم إرسال المدنيين إلى الجبهات. ولكن، على شكل جماعات مُقاتلة أو مليشيات، وليس على شكل جيش مدني تحت قيادة عسكرية.
هذا الإجراء حوّلَ مدنيين كثيرين إلى قادة مليشيات ومُقاتلين، فأصبحوا في مكانة اجتماعية وسياسية مُختلفة، يمتلكون سلطات واسعة مع دعم مالي مُستقر. بالتالي، صار القتال على شكل مليشيا مهنة وعمل أفضل من أعمالهم السابقة في الحياة المدنية، وصارت هذه المليشيات تمتلك غرف عمليات ومخازن أسلحة بأنواعها، وأجهزة اتصال، والكثير من سيارات مُصفحة، مع خبرة قتال كبيرة وسلطة واسعة مدعومة باعتراف رسمي من الحكومة، أكثر من السابق.
هنا يكون السؤال: كيف ستتمكن الحكومة من حل المليشيات، بعد التخلص من داعش؟ هل سُيقنع القرار الحكومي قادة المليشيات الذين مارسوا السلطة، واكتسبوا المكانة والتأثير السياسي وخبرة القتال، لتعود بشخصياتها كافة إلى الحياة المدنية للعمل تاجراً وأستاذاً وموظفاً؟
يقول رئيس الوزراء، حيدر العبادي، إن "الحشد الشعبي" صار جزءا من المؤسسة العسكرية. ولكن، يبقى هذا القرار ضبابياً، فكيف يتحرك الحشد وماهي هيكليته الإدراية و مُخصصاته؟ ما هي واجباته؟ هل سيكون تابعا لوزارة الدفاع، أم رئيس الوزراء؟ من هو قائد الحشد الشعبي؟ والأهم: هل سيتم دمجه بالجيش مرة أُخرى ليتكرر الخطأ نفسه الذي أدى إلى سقوط المحافظات؟
حالةُ الحكومة العراقية يشبهُ حالة حكومة المُجاهدين في أفغانستان عام 1992، حيث ظهرت الفصائل التي تملك السلاح والخبرة العسكرية والتأثير السياسي، بعد انتهاء الحرب مع السوفيات، فسعى الجميع إلى حكم البلاد من دون تقديم تنازلات، مع ظهور خلافات بين القادة المدنيين وقادة الفصائل العسكرية، ليتحول الخلاف إلى حربٍ أهلية، استغلتها حركة طالبان لتقضي على الجميع، وأنهت وجود دولة أفغانستان، فهل سيكون مصير الحكومة العراقية نفسه بعد القضاء على داعش، وبقاء سطوة المليشيات منافسة للدولة؟
وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجُهها الحكومة العراقية، إلا أنها لن تكون الأخيرة، ففي الأفق تلوح أزمة المليشيات المنضوية تحت تسمية الحشد الشعبي، والتي قد تكون سبباً في تفكك الحكومة العراقية، وتحولها إلى شبه دولة، لأن لهذه المليشيات تاريخ ودور في فشل الحكومة العراقية، إذ اتجه سياسيون كثيرون بعد العام 2003 إلى دعم المليشيات وتأسيسها. وعلى الرغم من أن عددها كان ضئيلاً في البداية، لكن الغريب أنها تكاثرت وصارت مدعومة سياسياً ومالياً وبشكل أكبر، وبعدها أصبحت رديفا للجيش وقوى الأمن، فأسست مراكز التطوع والتدريب مع صرف رواتب للمنتسبين، وصار لديها نقاط تفتيش خاصة، تقوم بتدقيق الهويات والاعتقال واجتياز الحواجز الأمنية للشرطة والجيش بصلاحيات حكومية. وأخيراً، تم دمج قادة المليشيات بنواة الجيش العراقي مع رتب عسكرية.
أدى هذا البناء الخاطئ إلى انهيار الجيش العراقي وانسحابه من المحافظات، مع أول مواجهة عسكرية مع داعش، فكانت هذه المليشيات سبباً في انسحاب الجيش وتسليم المحافظات من دون قتال مع اشتراك بعض السياسيين، وبعد أن أصدرت المرجعية فتوى القتال، إثر سقوط المحافظات، تم إرسال المدنيين إلى الجبهات. ولكن، على شكل جماعات مُقاتلة أو مليشيات، وليس على شكل جيش مدني تحت قيادة عسكرية.
هذا الإجراء حوّلَ مدنيين كثيرين إلى قادة مليشيات ومُقاتلين، فأصبحوا في مكانة اجتماعية وسياسية مُختلفة، يمتلكون سلطات واسعة مع دعم مالي مُستقر. بالتالي، صار القتال على شكل مليشيا مهنة وعمل أفضل من أعمالهم السابقة في الحياة المدنية، وصارت هذه المليشيات تمتلك غرف عمليات ومخازن أسلحة بأنواعها، وأجهزة اتصال، والكثير من سيارات مُصفحة، مع خبرة قتال كبيرة وسلطة واسعة مدعومة باعتراف رسمي من الحكومة، أكثر من السابق.
هنا يكون السؤال: كيف ستتمكن الحكومة من حل المليشيات، بعد التخلص من داعش؟ هل سُيقنع القرار الحكومي قادة المليشيات الذين مارسوا السلطة، واكتسبوا المكانة والتأثير السياسي وخبرة القتال، لتعود بشخصياتها كافة إلى الحياة المدنية للعمل تاجراً وأستاذاً وموظفاً؟
يقول رئيس الوزراء، حيدر العبادي، إن "الحشد الشعبي" صار جزءا من المؤسسة العسكرية. ولكن، يبقى هذا القرار ضبابياً، فكيف يتحرك الحشد وماهي هيكليته الإدراية و مُخصصاته؟ ما هي واجباته؟ هل سيكون تابعا لوزارة الدفاع، أم رئيس الوزراء؟ من هو قائد الحشد الشعبي؟ والأهم: هل سيتم دمجه بالجيش مرة أُخرى ليتكرر الخطأ نفسه الذي أدى إلى سقوط المحافظات؟
حالةُ الحكومة العراقية يشبهُ حالة حكومة المُجاهدين في أفغانستان عام 1992، حيث ظهرت الفصائل التي تملك السلاح والخبرة العسكرية والتأثير السياسي، بعد انتهاء الحرب مع السوفيات، فسعى الجميع إلى حكم البلاد من دون تقديم تنازلات، مع ظهور خلافات بين القادة المدنيين وقادة الفصائل العسكرية، ليتحول الخلاف إلى حربٍ أهلية، استغلتها حركة طالبان لتقضي على الجميع، وأنهت وجود دولة أفغانستان، فهل سيكون مصير الحكومة العراقية نفسه بعد القضاء على داعش، وبقاء سطوة المليشيات منافسة للدولة؟
مقالات أخرى
17 ابريل 2016
13 ابريل 2016
06 ابريل 2016