العراق: نتاج العملية السياسية يفوح في 2020

11 مارس 2020
+ الخط -
إن نتاج فشل سياسات الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، المستمر على كافة الأصعدة حتى الآن، يعد تهديدًا للعراق، بدءًا بالملف السياسي الشائك، وملف الفساد والتدخلات الخارجية، وحتى الملف الأمني وحقوق الإنسان والأزمات التي تلامس حياة الشعب مباشرة بكل المجالات.

ومع دخول عام 2020، ومضى أكثر من شهرين على بداياته التي كانت أحداثها دسمة، تتمثل بالصراع الأميركي الإيراني الذي وصل إلى ذروته، حتى وصل العراق اليوم إلى أخطر ملفين يعدان الأسوأ على العراقيين، كونهما يلامسان حياة المواطن بصورة مباشرة، ألا وهما أزمة فيروس "كورونا" والأزمة الاقتصادية.

أزمة كورونا

إن ملف فيروس كورونا يعد من المخاطر التي تهدد حياة العراقيين بصورة مباشرة، في ظل بلد بلا دولة، وحكومة لا تشغل بال مسؤوليها إلا مصالحهم الشخصية، ونتج عن كل ذلك قطاع صحي منهار يعاني من افتقار كبير للبنى التحتية اللازمة والمستلزمات الطبية والوقائية، فضلًا عن غياب التخطيط والمهنية والإدارة التي من شأنها أن تدير خلايا أزمة تتناسب مع حجم مخاطر الأزمة.


كان لملف أزمة كورونا ومنذ تفشيه في الصين، وقبل وصوله إلى العراق، تأثير سلبي كبير على البلاد وشعبها، حيث ما إن ظهر الفيروس في الأسبوع الأول في الصين، حتى بدأت التحذيرات تتوالى من وصوله إلى العراق الذي يعاني من الانهيار الصحي، فضلاً عن التبعات الاقتصادية التي قد تتأثر نتيجتها عمليات تصدير النفط، بعدما عزلت الصين نحو 80 مليون شخص، وأوقفت الكثير من النشاطات الصناعية التي تعتمد بصورة كبيرة على نفط العراق.

ومع وصول كورونا إلى البلد المجاور، إيران، اعتبر العراقيون أن الفيروس قد اقتحم منازلهم، كون الحاكمين في العراق يعتبرون أن هذا البلد جزء من إيران، وهو طبّق على أمر الواقع، حيث ظلت الحدود مفتوحة وسط إجراءات حكومية هزيلة وصفها البعض بالمعيبة، حتى دخل الفيروس العراق عبر مواطن إيراني، ومن ثم عبر عراقيين معظمهم مسافرون قادمون من إيران، لتبدأ الأرقام بالارتفاع شيئًا فشيئًا. وهنا بدأت المخاوف الحقيقية والخطر يطرق أبواب الشعب المنكوب، وذلك بسبب النظام الصحي المنهار وغياب كل الإجراءات الوقائية التي من شأنها أن تتصدى لفيروس لم تصمد أمامه دول عظمى، مثل الصين وغيرها.

الأزمة الاقتصادية

مع انهيار أسعار النفط العالمية بنسبة 20% واشتعال شرارة الحرب العالمية الاقتصادية بين كبار منتجي ومستهلكي النفط، بدأت المخاطر الحقيقية تهدد العراق وحياة شعبه.

ففي ظل غياب التخطيط والفساد الذي أهدر نحو 500 مليار دولار حتى 2019، والديون المتراكمة التي تستنزف الدولة 15‎‎% من الميزانيات لتسديدها، فضلًا عن انعدام الرؤية الوطنية المهنية والنظام الريعي والسياسات الاقتصادية الفاشلة التي يسير عليها العراق منذ 2003، دخل العراق اليوم في تهديد اقتصادي مباشر قد يجر الشعب لمآسٍ جديدة بجانب نكباته.

ويبدو أن المشهد الاقتصادي في العراق اليوم قاتم وخطير، بسبب سياسات الحكومات، لا سيما المستقيلة حاليا، مثل اعتماد الموازنة الاتحادية على النفط بنسبة تفوق 90% سنويا، وإخفاق حكومة تصريف الأعمال بشكل واضح بتعظيم الموارد غير النفطية، والبنود الإصلاحية التي وعدت بها الشارع العراقي لامتصاص الغضب الشعبي، من دون مراعاة الأزمة المالية وتبعات ذلك على الاقتصاد العراقي، وكذلك انتفاخ النفقات العامة في موازنة 2020، واعتماد الحكومة في موازنتها على أسعار نفط تعد خيالية في هذا اليوم.

ووفق أرقام أفصحت عنها اللجنة المالية البرلمانية، فإن انهيار أسعار النفط يؤدي إلى انهيار في الاقتصاد العراقي بشكل مباشر.

ولم تقف المخاطر هنا فقط، بل إن الخطر الذي يلامس الشعب العراقي مباشرة يكمن في رواتب الموظفين التي تعتمد الحكومة بنسبة قد تصل إلى أكثر من 90% على واردات النفط لسداد هذه الرواتب، وبالتالي فإن راتب الموظف أصبح في خطر، وهذا ما حذر منه البنك الدولي في 9 مارس/آذار 2020، والأيام حبلى بالمفاجآت، ولعل الشعب المنكوب ينجو من أزمة كورونا والأزمة الاقتصادية بتدخل أهل السماء.