العراق.. سجن النساء

09 يوليو 2015
اختطف داعش المئات من النساء العراقيات (فرانس برس)
+ الخط -
المنظومة الأمنية العاجزة في عراق ما بعد 2003 أثّرت بشكل كبير على الفتاة العراقية وسير حياتها، فإضافة إلى القيود التي يفرضها عليها المجتمع، تمّت محاصرتها بشكل أكبر بعد احتلال العراق، خوفاً من حدوث انتهاكات بحقّها من قبل القوات الأميركية، مما يسبب "انتكاسة لشرف العائلة والعشيرة" التي تنتمي إليها.


لكن هذه القيود لم تمنع حدوث انتهاكات بحق الفتاة العراقية، التي تعرّضت، طوال وجود القوات الأميركية، لاعتقالات كثيرة، كان أغلبها بلا تهمة، وإنما إرغاماً للعائلة التي تنتمي إليها على تسليم المسلحين للقوات الأميركية. فالأميركان عرفوا منذ البداية حساسية المجتمع العراقي في الاقتراب من المرأة، الأمر الذي دفعهم إلى استغلال هذه النقطة في الضغط على عائلات المسلحين من خلال اعتقال نسائهم، وإرغامهم على تسليم أنفسهم في مقابل الإفراج عن النساء. 
وقد عمل انهيار المنظومة الأمنية في العراق بعد الاحتلال، على ازدهار عصابات خطف النساء في بغداد والمحافظات العراقية المختلفة، لأغراض مختلفة، منها المتاجرة بالأعضاء، أو الاستغلال الجنسي، أو الابتزاز المالي للعائلة لإجبارها على دفع فدية في مقابل الإفراج عن النساء المختطفات.

الباحث الحقوقي عبدالله حمودات، تحدث لـ"جيل العربي الجديد" حول موضوع وضع المرأة العراقية بعد 2003 قائلا: "تشكّل الحروب ومناطق النزاعات مساحات عمل واسعة لتجارة النساء، باختطافهن وتصديرهن إلى خارج العراق لأغراض تتعلّق بسرقة الأعضاء أو الاستغلال الجنسي، كما تشكّل العادات والتقاليد العراقية التي ترى في اختطاف النساء "عاراً" يلحق بها، عائقاً يساهم في استمرار انتشار حالة اختطاف النساء، أو دعم النساء اللواتي هربن بعد اختطافهن".

ويضيف "إبان اندلاع الحرب الطائفية عام 2006، وظهور المليشيات على مسرح الإجرام في بغداد وبعض المحافظات، كانت النساء من مختلف الطوائف يتعرّضن للاختطاف، لغرض الانتقام من عوائلهن والطائفة التي ينتمين لها، وغالباً ما كان مصير الفتيات المختطفات القتل.
"ريم عامر" الطالبة في كلية التربية بجامعة بغداد تسترجع ذكرياتها عن أيام الحرب الطائفية في العراق 2006، تقول "كنت أخاف من ركوب سيارات الأجرة، قلقاً من أن يكون سائق السيارة يعمل في عصابة تعمل على خطف الفتيات أو تابعا لمليشيا طائفية. كنت أحرص على استقلال السيارات العمومية الكبيرة، وأختلط بالناس، حتى لا أتعرض للاختطاف. كان هذا حال أغلب الفتيات اللواتي معي في الجامعة".

في يناير/كانون الثاني من عام 2012، اندلعت احتجاجات عارمة في بعض المحافظات العراقية، بدأت بمحافظة الأنبار غرب العراق، للمطالبة بالإفراج عن النساء المعتقلات في سجون حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، واستمرّت هذه الاحتجاجات لأكثر من سنة بدون أن تؤدي إلى الإفراج عن النساء المعتقلات.

ومع تسارع الانهيار الأمني وسقوط محافظة الموصل بيد "داعش" في يونيو/حزيران 2014، كانت النسوة أول المستهدفين من قبل التنظيم، إذ قام باختطاف المئات من النساء الأيزيديات والمتاجرة بهن، باعتبارهن سبايا لديه. وفي حديث خص به "جيل العربي الجديد"، تحدث مصطفى سعدون، مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان، عن هذا الموضوع قائلا "منذ العاشر من يونيو/حزيران، قام تنظيم داعش باختطاف أكثر من 5000 امرأة أيزيدية، عشرات قليلة منهن تمكّن من الهرب، وأخريات تم بيعهن في سوق النخاسة، أما اللاتي بقين تحت قبضة التنظيم فيتعرّضن لمعاملة وحشية، من الاغتصاب، إلى الضرب، إلى الممارسة الجنسية الجماعية.

وتروي إحدى الفتيات الهاربات حالة المختطفات معها، بأن المسلحين وضعوهن في بيت كبير، وقاموا بعرضهّن على المسلحين، ليقوموا باختيار من يريدون من الفتيات. وذكرت أن أحداث صدام وفوضى وقعت بين المسلحين والفتيات جعلتها تستطيع الهروب من قبضتهن.
13 عاماً مرّت منذ الاحتلال الأميركي للعراق، ومعاناة الفتاة العراقية مع الأوضاع الصعبة والانفلات الأمني والمجتمع الذي يفرض عليها الكثير من القيود مستمرة. وبسبب خراب منظومة الأمن والدفاع عن حقوق الإنسان، يظل حال الفتاة العراقية كما هو، يتراوح بين سيئ وأسوأ، دون أن تجد من يسمع شكواها.

(العراق)
المساهمون