أعلن "مرصد الحريات الصحافية" في العراق، عن تعرّض مراسل تلفزيوني للتهديد بالقتل من قبل أحد المستثمرين، إثر كشفه ملفات فساد، خلال تقرير تلفزيوني قام بإعداده عن وجود فساد في مشروع استثمار أراضٍ زراعية.
وقال المرصد، في بيان، اليوم الخميس، إنّ "التقرير كشف وجود فساد في مشروع استثمار الأراضي الزراعية، بعد استيلاء مجموعة نافدة عليها، استأجرتها بقيمة ثلاثة دنانير (ربع سنت) فقط للدونم الواحد، وتزوير أوراق رسمية، وحصول تلك المجموعة على قرض زراعي بقيمة خمسة مليارات دينار عراقي".
وقال المرصد إنّ "الصحافي هادي العنبكي، الذي يعمل مراسلاً تلفزيونياً لقناة "الحرة" الفضائية في ديالى أبلغه بتعرضه للتهديد بالقتل المباشر من قبل المستثمر، سالم عبد الأئمة زاهر، بعد بث القناة تقريرا أعده المراسل كشف عمليات فساد واختلاس من قبل الشركة الحديثة للإنتاج الزراعي والحيواني في بلدة جيزاني الإمام التابعة لمدينة الخالص في ديالى، التي كانت من ضمن ممتلكات نجل الرئيس العراقي الراحل عدي صدام حسين بالأدلة والوثائق".
وكشف المراسل في تقريره، عن قيام موظفين كبار وساسة نافذين بمساعدة المستثمر للحصول على قرض زراعي بأوراق رسمية مزورة، بقيمة خمسة مليارات دينار عراقي (4 ملايين دولار)، بحسب المرصد.
Twitter Post
|
وأوضح المرصد أنّ التقرير التلفزيوني تضمن لقاءات مع مسؤولين حكوميين وأعضاء في البرلمان العراقي، حول تزوير أوراق رسمية وخروقات في عقد الاستثمار، منها استغلال النفوذ لتأجير الدونم الواحد (2500 متر مربع) من تلك الأراضي الزراعية بقيمة 3 دنانير عراقية فقط، بما يعادل ربع سنت أميركي فقط، إذا علمنا أن الدولار الأميركي الواحد يساوي 1200 دينار عراقي، في الوقت الذي تبلغ فيه مساحة الأرض المستأجرة من قبل المستثمر 6 آلاف دونم.
ويقول المراسل هادي العنبكي الذي تعرض للتهديد بالقتل إنّ "المستثمر مارس ضغوطاً كبيرة عليّ قبل نشر التقرير، وحينما بثته قناة "الحرة عراق" في نشرتها الإخبارية الرئيسية، الثلاثاء الماضي، اتصل بي مدير الشركة وهددني بالقتل والتصفية الجسدية، وشتمني بألفاظ نابية وبذيئة، ووصف كل الصحافيين بكلمات بذيئة".
وتابع المرصد في بيانه أن "المصرف الزراعي في ديالى اعترف بحدوث عملية تزوير للأوراق الرسمية المتعلقة بمنح قرض زراعي للمستثمر، وكشف مدير زراعة ديالى عن وجود خرق كبير في الاستثمار الممنوح للشركة الحديثة للإنتاج الزراعي".
وأعرب رئيس مرصد الحريات الصحافية في العراق، زياد العجيلي، عن قلقه الكبير تجاه تلك التهديدات التي تطاول الصحافيين العراقيين. وقال العجيلي "قمنا بجمع كافة الأدلة الخاصة بالقضية، ونحمل المستثمر مسؤولية أي مخاطر يتعرض لها الزميل الصحافي هادي العنبكي"، داعياً كافة الأجهزة الأمنية العراقية وقيادة شرطة ديالى إلى أخذ تلك التهديدات على محمل الجد، وتوفير الحماية للصحافي هادي العنبكي، حتى يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المستثمر وملاحقته قضائياً في المحاكم العراقية.
ويتعرض الصحافيون العراقيون لمضايقات كبيرة وتهديدات بالقتل، خاصة في محاولتهم كشف ملفات الفساد الإداري والمالي في العراق، في وقت تهدد فيه الحريات الصحافية في البلاد ظاهرة الإفلات من العقاب القانوني.
ويأتي ذلك بعد أسابيع قليلة من اغتيال كادر قناة الشرقية الفضائية خلال تغطيتهم أحداث العنف التي جرت في بلدة المقدادية التابعة لمحافظة ديالى، حيث أقدمت المليشيات الطائفية على اختطاف مصور ومراسل القناة وقتلهما، ليتم العثور على جثتيهما في إحدى ضواحي المقدادية.
وتزايدت المخاطر على الصحافيين العراقيين خلال عامي 2014 و2015 مع بدء العمليات العسكرية في البلاد بين القوات العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وصنف مراقبون عام 2015 الأخطر على حياة الصحافيين العراقيين.
وكان تقرير سابق أصدره مرصد الحريات الصحافية كشف أن عدد الضحايا من الصحافيين في عموم البلاد منذ عام 2003 بلغ 277 صحافياً، بينهم 22 صحافياً أجنبياً قتل منهم على يد المليشيات 199 صحافياً، ولقي 56 آخرون مصرعهم خلال تواجدهم في أماكن حدثت فيها تفجيرات، بينما قتلت القوات الأميركية 22 صحافياً، والقوات العراقية قتلت صحافيين اثنين، فيما تعرض 74 صحافياً للخطف، قتل أغلبهم، ولا يزال مصير 14 صحافياً منهم مجهولاً حتى اليوم.
وصنفت منظمة مراسلون بلا حدود، نهاية 2015، العراق وسورية بأنهما الأكثر خطورة على الصحافيين في العالم خلال 2015.