ووفقًا لمسؤولين عراقيين في بغداد، فإن قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، الذي يرأس وفد بلاده المفاوض ببغداد، نجح في تحقيق توافق بين أغلب الكتل الشيعية، في وقت يمارس فيه ضغطًا على التيار الصدري، وزعيمه مقتدى الصدر، مستخدمًا اللبناني محمد كوثراني، الذي يعرف على أنه مسؤول الملف العراقي في "حزب الله" اللبناني.
وقال وزير عراقي، لـ"العربي الجديد"، إن سليماني يعتبر أن تهميش الصدر، أو عدم إشراكه في الكتلة الكبرى، ومن ثم تشكيل الحكومة، يمثل ضعفًا لها وعدم استقرار، ويجب إرضاؤه لمنع ترسيخ حقيقة وجود معسكر شيعي ثانٍ على الطرف الآخر من التوجه الإيراني، لافتًا إلى أن الصدر ما زال يلوّح بالمعارضة وعدم المشاركة في حال تمت إعادة خلق كتلة طائفية أحد أطرافها نوري المالكي.
في هذه الأثناء، يواصل رئيس الوفد الأميركي، بريت ماكغورك، لقاءاته مع القيادات السياسية العراقية، وعقد لأول مرة اجتماعًا مغلقًا مع الأمين العام لحزب "الفضيلة"، المعروف بقربه من إيران، عبد الحسين الموسوي، في بغداد، وذلك بعد ساعات من تسرب معلومات تشي بوجود احتمال لانسحاب حزب "الفضيلة" من كتلة النصر التي يتزعمها حيدر العبادي، والتحاقها بمعسكر المالكي ــ العامري.
وحتى الساعة العاشرة من صباح اليوم الأحد، تبرز معادلتان داخل المنطقة الخضراء؛ الأولى محور مقتدى الصدر ــ عمار الحكيم ــ إياد علاوي ــ حيدر العبادي؛ والمحور الآخر هو نوري المالكي ــ هادي العامري ــ مع قوى وكتل سنية صغيرة، بينما يقف الأكراد في الوسط بانتظار من يقدم على منحهم مفاتيح كركوك وطوزخورماتو وسنجار، ويتعهد بحل ملفي النفط والغاز ومرتبات موظفي الإقليم.
وحول ذلك، تشير التسريبات إلى موافقة معسكر نوري المالكي ـ العامري على تقديم عدد من التنازلات لقاء تحالف الكرد معهم، لتغليب كفتهم على المعسكر الآخر، والحصول على لقب الكتلة الكبرى التي لها حق تشكيل الحكومة العراقية السادسة بعد الاحتلال الأميركي للبلاد.
وأثارت تحركات المبعوثين الإيراني والأميركي انتقادات واسعة، خاصة لدى الشارع العراقي، الذي طرح تساؤلات حول الجدوى من الانتخابات إذا كانت مهمة تشكيل الحكومة كل أربع سنوات تنتهي بإملاءات أميركية إيرانية.
وقال الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد الحمداني، إن تحركات المبعوثين الأميركي والإيراني تعبر بصدق عن الواقع العراقي الحالي الذي تتجاذبه الأجندتان الأميركية والإيرانية.
وأضاف: "الانتخابات تحولت الى مجرد غطاء أو عملية خداع للشعب، بينما الحكومات تتشكل وفقًا للتوافقات، لا وفقًا للاستحقاق الانتخابي وما يريده الشارع، هذا في حال سلمنا أن الانتخابات أصلًا نزيهة".
وقالت النائبة عن كتلة التغيير الكردية المعارضة، شيرين رضا، لـ"العربي الجديد"، إنّ "موضوع تشكيل الكتلة الكبرى والحكومة لا يمكن حسمه إلّا من خلال التدخل الأميركي والإيراني"، مبينة أنّ "الجانبين هما من يحددان ملامح الكتلة الكبرى، واختيار شخصية رئيس الوزراء".
وأكدت أنّ كتلتها "لا تدعم العبادي في ولاية جديدة، إذ لم يقدم شيئًا للمواطن العراقي، ولن نتحالف معه"، ولم تستبعد انضمام كتلتها إلى "محور المالكي".
وفي ظل احتدام صراع تشكيل الكتلة الكبرى، أكد تحالف النصر تمسّكه برئيسه حيدر العبادي مرشحًا وحيدًا لرئاسة الحكومة المقبلة، وقال التحالف، في بيان صحافي، إنّ "مباحثاتنا مستمرة لتشكيل الكتلة الكبرى، ونحن نتبنى الإصلاح وإعادة بناء الدولة، بما يتجاوز الفشل والفساد وارتهان الإرادة"، مؤكدًا "تمسّكه بترشيح العبادي لرئاسة الحكومة المقبلة، ولا يوجد أي مرشح غيره".
في غضون ذلك، أعلن المكتب السياسي والمتحدث الرسمي لتيار "الحكمة" الوطني، نوفل أبو رغيف، في بيان صحافي، إنّ "الأمور تسير بشكل إيجابي ومنطقي وهادئ باتجاه اكتمال محور الحكمة وسائرون والنصر والوطنية والقوى، بتنسيق عالٍ مع المحور الكردي، بعيداً عن التهويل والتضليل".
وأضاف أنّ "الأبواب ستبقى مفتوحة للجميع على أساس التفاهم والمصارحة والمصلحة الوطنية".
ويعول تحالفا المالكي والعامري على الدعم الإيراني للملمة شتات "البيت الشيعي"، وعلى حدوث انشقاقات في تحالفي العبادي والصدر بسبب الضغوط الإيرانية والإغراءات الأخرى.