العراق: الدراما الرمضانية في وادٍ آخر

01 مايو 2020
الفن العراقي يُعامل كسلعة (Getty)
+ الخط -
في هذه الأيام، يفتح العراقيون ملف الدراما العراقية التي تعرض خلال رمضان، وأسباب تراجعها فنياً وجمالياً ومن حيث الموضوعات، لا سيما بعد أن صُدم غالبية المتابعين ببعض الأعمال التي لا تتناسب مع مشاكل العراق الحالية، ولعل أبرزها التظاهرات التي تجرى منذ ستة أشهر، إضافة إلى استعمال الوجوه المعروفة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي وإقحامهم في المجال الفني نظراً لجاذبيتهم ليس أكثر، بحسب متابعين.

تعرض المحطات التلفزيونية العراقية في موسم رمضان الجاري عشرة أعمال درامية، لكن أغلبيتها لم يحظ بالقبول الشعبي، ما أدى إلى تداول مئات المنشورات عن تراجع الدراما في البلاد بالنظر إلى تاريخها الطويل والذي سبقت فيه العديد من بلدان الوطن العربي.
في السياق، قال الصحافي عبد الرحمن العزاوي إن "أكثر ما يمكن انتقاده في هذا الموسم هو قطاع الأفكار الذي يبدو أنه يعيش في حقب بعيدة عما يحدث في العراق، وأن غالبية الأعمال التي أنتجت هذه السنة لا علاقة لها بما يحدث في البلاد من مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية".

يشير العزاوي لـ"العربي الجديد" إلى أنه "خلال السنوات الأربع الماضية حدثت الكثير من الأزمات في البلاد، ومنها احتلال "داعش" لمدن البلاد، وهذه لوحدها يمكن الاستفادة بعشرات القصص منها، إضافة إلى التظاهرات التي كان لا بد أن تجسد بأكثر من عملٍ درامي، وليس انتهاءً بمواضيع الفساد الإداري والمالي في الدوائر الحكومية".

وأكمل أن "الفن من المفترض أن يعيش للإنسان وليس على حساب الإنسان وأوجاعه، ولذلك فإن السخرية وموجة الانتقاد الذي تعرضت له الدراما العراقية خلال الأيام الماضية كانت موجة مبررة، لأن الحس الشعبي كان يتوقع ما يلامس مشاكله ومصاعب الحياة في البلاد، وليس بقصص بعيدة عن الواقع العراقي".

من جهته، أشار المخرج المسرحي كاظم الدهان إلى أن "الاعتراض الشعبي الحالي يحمل الكثير من الحرص الجماهيري على نوعية الفنون، وتحديداً مجال صناعة الدراما، وبالتالي لا بد للعاملين في المجال الفني من أن يأخذوا بعين الاعتبار أهمية هذه المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي".

يتابع: "ما يعرفه الجمهور العراقي أن المنتجين والمؤسسات الإعلامية التي تتكفل بإنتاج العمل غالباً ما يضعون لمساتهم على المحتوى الفني، سواءً على مستوى الإخراج أو النص أو حتى فرض بعض الممثلين، وذلك يتبع سياسة المؤسسة أو توجهها، وهذه اللمسات الدخيلة على العمل تترك آثاراً سلبية على العمل".

من جانبه، بيَّن الناقد الفني جبار فزع أن "الأداء هو الذي يثير العراقيين، إذ لا يزال الممثل العراقي يصرخ كثيراً في أداء مشهده ويتخيل نفسه على المسرح مع أنه يمثل أمام كاميرات احترافية تستطيع أن تلتقط أنفاسه وتعابير وجهه وحركاته، سواء كانت بطيئة أو سريعة، وهذه مشكلة منهجية يعاني منها غالبية الممثلين العراقيين".

ويؤكد أن "السبب في ذلك يعود إلى الدراسة المعمول بها في معاهد وكليات الفنون الجميلة التي لا تزال تعتمد على المناهج المسرحية ولم تراع لحد الآن مدى تطور التلفاز والسينما، وهذه تحتاج إلى تعديلات وتصحيحات من أجل صناعة ممثلين قادرين على أداء أدوار مهمة".
وبالنسبة للنصوص، أشار فزع إلى أن "المسلسلات العراقية غالبيتها تتم كتابتها بالاتفاق بين المنتج والكاتب، ويتم الاتفاق على الفكرة ومن ثم يتم تجهيز النص، وهو يخضع بأشكال مباشرة أحياناً إلى الأهواء الشخصية وسياسات معينة، وبالتالي فالفن العراقي لا يزال يعاني كثيراً من كونه سلعة أكثر من كونه تعبيراً عن الحالات الإنسانية".
المساهمون