العراق: اتفاق على إقصاء الصف الأول من الترشح لرئاسة الحكومة

21 سبتمبر 2018
يرفض حزب البارزاني ترشيح صالح للرئاسة (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -


أحرزت القوى السياسية العراقية خلال الساعات الماضية ما يمكن اعتباره تقدماً بالنظر لحجم تعقيدات الأزمة السياسية في البلد، التي رافقت انتهاء عملية الانتخابات التشريعية في مايو/ أيار الماضي. وكشفت مصادر رفيعة المستوى داخل تحالفي "الفتح" و"سائرون"، لـ"العربي الجديد"، عن أول اتفاق، يمكن اعتباره نهائياً، بين الطرفين، وبمباركة من المرجعية في النجف، يقضي بعدم ترشيح أي من قيادات الصف الأول في الأحزاب الشيعية لمنصب رئيس الوزراء، مشيرة إلى طرح ثلاثة أسماء جديدة، أحدهم سفير للعراق في إحدى الدول الأوروبية، بعد نسف غالبية أسماء القائمة الأولى التي عرضت خلال الأيام الماضية.

في هذه الأثناء، تشير التسريبات المتحصلة من مصيف صلاح الدين في أربيل إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني ما زال متمسكاً برفض ترشيح برهم صالح لمنصب رئاسة الجمهورية، بعد ترشيحه من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني (معسكر السليمانية)، وهو ما قد يؤدي إلى تأجيل انتخاب رئيس جديد في الجلسة البرلمانية المقبلة، خصوصاً مع تجنب القوى السياسية في بغداد خسارة تأييد أربيل لهم، إذ يمتلك الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، 25 مقعداً في البرلمان الحالي، من شأنها إحداث فارق بين معسكري بغداد المتنافسين على رئاسة الحكومة.

وقال قيادي رفيع المستوى في تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لمليشيات "الحشد الشعبي" بزعامة هادي العامري، لـ"العربي الجديد"، إن "الاتفاق جاء لفك الاختناق الحالي داخل العملية السياسية، وأيضاً لإزالة صورة التنافس السيئة على المنصب بين قادة الأحزاب الدينية الشيعية"، لافتاً إلى أن "الاتفاق سيعطي فرصة لبحث البرنامج الحكومي أيضاً، وليس فقط شخصية رئيس الوزراء". وأشار إلى طرح ثلاثة أسماء جديدة حالياً بعد نسف القديمة "أحدهم سفير بدولة غربية، والآخر كان موجوداً على الساحة السياسية بين 2003 و2005 لكنه هاجر وترك العمل السياسي، والثالث من العائلات النجفية التاريخية المشهود لها بالوطنية والنزاهة"، لافتاً إلى أن "الأسماء تبقى في إطار ما يمكن اعتباره مقترحات لدراستها، ولا يوجد شيء مؤكد حتى الآن". واتهم القيادي، في الوقت ذاته، الحزب الشيوعي العراقي، الشريك الرئيس لتحالف "سائرون"، بأنه وراء "ترسيخ فكرة البرنامج الحكومي الثابت والشخصية المستقلة"، في ذهنية زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، التي طالب بها في ما بعد وجعلها شرطاً أساسياً، مؤكداً أن الأخير "يخشى الآن أن يرشح رئيس الوزراء فيكون فشله إيذاناً بتراجع صورة الصدر وشعبيته أمام الشارع الشيعي، خصوصاً الجنوبي، الذي يراه الأفضل الآن من بين الزعامات الشيعية الموجودة على الساحة".

من جانبه، قال عضو التيار المدني، حسن الخفاف، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يمكن اعتبار الحديث عن أزمة الحكومة بالتعميم ودون الدخول بالتفاصيل إلا حرماناً للجمهور من الوصول إلى المعلومة، وهو ما تمارسه كل القوى السياسية الحالية". وأضاف "من المهم جداً أن نعرف أن هناك قوى داخل تحالف البناء (معسكر نوري المالكي ـ هادي العامري) ترفض فكرة تسليم الحكومة لشخصية مستقلة، وتجتمع مع الإيرانيين حيال ذلك، وهي القوى نفسها المتهمة بملفات فساد وتطهير طائفي وعرقي وتجاوز على المال العام وتخشى من فتح ملفاتها، وفي الوقت ذاته فإن في المعسكر الآخر من يرفض فكرة رئيس وزراء مستقل أيضاً، وأبرزهم حيدر العبادي، كما أن هناك كتلاً أخرى تطالب بحصصها من الوزارات". واعتبر أن "القوى السنية ينتابها خوف من العودة إلى التحاصص الطائفي، إذ سيظهرون كمغفلين بعد تشتتهم بين المعسكرين الشيعيين، على عكس الأكراد، الذين يتفاوضون الآن كأكراد لا أكثر ولا أقل". وأضاف "في حال عدم التوصل إلى اتفاق، سيتكرر سيناريو انتخاب رئيس البرلمان بدخول أكثر من مرشح كردي، وهذا يعني ليس انقساماً على مستوى القوى الكردية في بغداد فقط بل داخل الإقليم وسيؤثر على علاقتهم مع بعضهم البعض أيضاً، وكذلك على توجه أربيل والسليمانية نحو الكتل الشيعية". وتابع "ليس جديداً القول إن إيران تفضل برهم صالح على الأسماء الأخرى"، مؤكداً أن "أكثر من كتلة لا تريد برهم صالح وليس الحزب الديمقراطي فقط".

المساهمون