على الرغم من التقدّم الخطير الذي يحرزه تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش) على الساحة العراقيّة عموماً، وفي الأنبار خصوصاً، إلا أن وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، مختفٍ تماماً من المشهد، الأمر الذي أثار انتقادات كبيرة في الأوساط السياسية وبين المواطنين.
وفي محاولة البعض التبرير للعبيدي بعدم التواجد في الميدان، محمّلاً رئيس الوزراء حيدر العبادي مسؤوليّة ذلك، بسبب "سياساته التي همّشت دور وزارة الدفاع العراقيّة، ومنحت الدور الأساس في الساحة لمليشيا الحشد الشعبي، من أجل تمرير أجندة خاصة".
وأشار مصدر في وزارة الدفاع، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنّ "وزير الدفاع ذهب إلى واشنطن ضمن وفد رئيس الحكومة، ومدّد زيارته ليومين، بعد انتهاء جدول أعمالها في 17 أبريل/نيسان، بينما عاد العبادي وبقية الوفد إلى العراق". وأوضح المصدر أنّ "العبيدي يرى أن لا أهميّة لوجوده في ساحة المعركة، بسبب فقدانه الدور الأساس، من خلال التخطيط والتنفيذ وإدارة دفة المعركة".
وتابع: "همّش العبادي دور وزارة الدفاع من كل الجوانب، ومنح الدور الأساس للحشد الشعبي، الذي لا يأتمر بإمرة وزارة الدفاع، ولا ينصاع إلّا لأوامر قادة المليشيات"، مشيراً إلى أن "قادة المليشيات يعملون ويخططون، من دون أيّ تنسيق مع وزارة الدفاع، بل هم متمردون على الوزارة، ويتصرفون ويتحركون على الجانب المضاد والمعاكس لها، الأمر الذي تسبب بخسارة الكثير في المعركة، كما أحبط من معنويات الجيش بشكل كبير".
وأشار المصدر إلى أنّ "العبيدي لا يجد نفسه اليوم وزيراً وقائداً للمعركة، بسبب سياسة التهميش، وبات دوره صورياً أو شكلياً، من دون أي صلاحيات أو دور له في المعركة ضد داعش".
من جهته، رأى عضو مجلس عشائر الأنبار، الشيخ محمود الجميلي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "العبيدي لم يقم بأي دور في معارك المحافظة". وأضاف أنّ "وزارة الدفاع هي العمود الأساس للمعارك، لكن اقتصر دورها في المحافظة على تقديم الإسناد البسيط للعشائر، فضلاً عن أنها عملت على نقل المعونات الغذائية والإغاثية للمناطق المنكوبة".
ولفت إلى أنّ "لجوء الدفاع إلى العمل بمهام خارج مسؤوليتها الأساسيّة بحدّ ذاته، تنصّل من المسؤوليّة الحقيقيّة الملقاة على عاتق الوزارة"، مبيّناً أنّ "الحملات الإغاثية لا تعفي الوزارة ووزيرها، خالد العبيدي، من مسؤولياته تجاه المحافظة".
من جهته، رأى الخبير الأمني أحمد السعيدي، أنّ "إشارات المعركة في العراق تبعث على الإحباط، بسبب تحكم السياسات الحزبيّة والطائفيّة في رسم استراتيجيّتها". وقال السعيدي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنّه "للأسف نرى العبادي اليوم يحذو حذو المالكي بسياسات الإقصاء والتهميش، التي تجعل العراق يدور في دوّامة التأخر على كافة الصعد". ولفت إلى أنّ "الوضع الميداني اليوم أخطر من الوضع الذي مر به العراق إبّان فترة حكم المالكي، لذا فإنّ النتائج السلبية للتهميش ستكون أكثر إيلاماً وتأثيراً على البلاد".
وذكر أنّ "قائد المعركة بجب أن يسخّر كل إمكاناته في تحقيق النصر، خصوصاً إذا كان العدو شرساً كداعش، ولا يقصي ويهمّش دور الجيش فيها". وكشف أنّه "بعد مضيّ 10 أشهر على بدء المعارك، تتتالى الانتكاسات الأمنية، واليوم نرى التقدم الخطير لداعش في الأنبار، ولا نجد في المقابل أيّ تحرّك حكوميّ عسكري يبعث الأمل على الانتصار". وشدّد على أنّ "الاستمرار في هذا النهج، سيعطي داعش زخماً كبيراً وفرصة أخرى للتقدم أكثر على حساب العراق".
وكان مصدر في وزارة الدفاع العراقيّة قد كشف، بداية مارس/آذار الماضي، لـ"العربي الجديد"، عن خلاف بين رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزير الدفاع خالد العبيدي، بشأن معركة تكريت وتوقيتها، واعتراض الأخير عليها وعلى دخول المليشيات فيها، الأمر الذي دفع العبادي إلى تحييد دور وزارة الدفاع خلال المعركة.
اقرأ أيضاً: العراق: علماء الأنبار يعلنون الجهاد على "داعش"