العبادي يستعين بواشنطن لإجراء التغيير الوزاري

04 مارس 2016
دعا الأميركيون العبادي إلى إجراء التغيير (جاكلين مارتن/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أنّ رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، قد عجز عن تحقيق توافق بين الكتل السياسية بشأن خطته لإجراء تغيير وزاري، الأمر الذي أعاقه عن التقدم ولو لخطوة واحدة في هذا الاتجاه، مما تسبب بأزمة سياسية جديدة وسط دعوات من داخل "التحالف الوطني" لأن يشمل التغيير العبادي نفسه.

تؤشّر المعطيات من داخل أروقة الاجتماعات المغلقة بين قادة الكتل السياسية، إلى وجود اتفاقات بين بعض كتل "التحالف الوطني" على إزاحة العبادي من سدّة الحكم، لأنّه بات يهدّد مصالحها. كما حظيت هذه الاتفاقات أيضاً بدعم بعض الكتل من خارج التحالف، ما يهدّد حكومة العبادي بالانهيار.

ومع اقتراب زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى العراق، المقررة نهاية شهر مارس/آذار الحالي، وما ستُشكّله من ورقة ضغط على العبادي، مقابل استقواء كتل التحالف بالدعم الإيراني، سارع رئيس الحكومة العراقية بطلب الدعم الأميركي للسير بخطوات التغيير وتجاوز العقبات التي وضعت أمامه.

تقابل ذلك الإملاءاتُ الجديدة التي بدأت بفرضها بعض الكتل على العبادي، خصوصاً كتلة التيّار الصدري، وأوراق التهديد التي لوّحت بها، ومنها تحشيد الشارع العراقي والتلويح باقتحام المنطقة الخضراء، والتهديد بإسقاط العبادي في حال لم يقبل بها. كما يرى مراقبون أنّ كل الطرق بدت موصدة بوجه العبادي، ولم يبقَ أمامه سوى التغيير الوزاري الذي وعد به، والذي يكتنفه الغموض حتى الآن وتُجهل كافة تفاصيله.

في هذا السياق، يشير نائب في "التحالف الوطني"، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "أغلب كتل التحالف الوطني مُجمعة اليوم على سحب الثقة من حكومة العبادي، وعرقلة التغيير الوزاري الذي يتجه إليه"، مبيّناً أنّ "انفراد العبادي بالقرارات حرمه من تأييد كتل التحالف، وخلق خلافاً بينهما يصعب تجاوزه وأوجد أزمة ثقة بين الطرفين". ويضيف أنّ "العبادي اضطرّ أخيراً إلى الاستعانة بالجانب الأميركي لمواصلة خطوات التغيير، واجتمع مع السفير الأميركي في بغداد ستيوارت جونز، وطلب الدعم الأميركي للسير بهذا الاتجاه". كما يشير إلى أنّ "العبادي تلقّى مساء الأربعاء اتصالاً هاتفيّاً من نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، وبحث معه خطوات التغيير والخلافات مع الكتل السياسية بشأنه". ويلفت النائب نفسه إلى أنّ "بايدن طلب من العبادي التمسّك بالتغيير الوزاري، مقابل حصوله على الدعم الأميركي الكامل حتى تشكيل الحكومة الجديدة"، منوّهاً إلى أنّ "بايدن سيزور العراق، مستبقاً زيارة الرئيس الإيراني، وسيلتقي قادة الكتل السياسية ويضغط بهذا الاتجاه".

اقرأ أيضاً: رئيس برلمان كردستان لـ"العربي الجديد": الإصلاحات السياسية قبل الاستقلال


ويكشف النائب نفسه أنّ "التحالف الوطني متخوّف من هذا الدعم، خصوصاً أنّ واشنطن تسعى لخلق تقارب بين العبادي والأكراد والسنّة، الأمر الذي لا يصبّ في صالح كتل التحالف الوطني التي تسعى للحفاظ على دورها في الحكومة". مع العلم أن مكتب العبادي، كان قد أعلن مساء الأربعاء، عن "تلقي رئيس الحكومة اتصالاً هاتفيًّا من بايدن، وأنّ الطرفين بحثا الإصلاح الاقتصادي والمالي، وتقديم الدعم الأميركي للقوات العراقية في مجالات التسليح والتدريب والدعم الجوي".

يأتي ذلك بعد أن فض اجتماع عُقد الأربعاء بين الرئاسات العراقية الثلاث وقادة الكتل، على أثر خلاف ومشادّات بشأن التغيير الوزاري وحصص الكتل السياسية في الحكومة المرتقبة، وتمسكت بعض الكتل باستحقاقاتها الانتخابية وشروطها، فيما راحت كتل أخرى إلى التهديد بسحب الثقة من العبادي.

كما لم يستطع العبادي، حتى الآن أن يخطو خطوة واحدة باتجاه التغيير الوزاري الذي وعد به، في وقت وضعت فيه بعض الكتل استقالات وزرائها تحت تصرف قادة الكتل، لتلقي الكرة بملعب العبادي وتحمّله المسؤوليّة وحده.

في هذا الإطار، يرى الخبير السياسي، سالم مشعل، أنّ "العبادي عاجز على التقدم ولو لخطوة واحدة في التغيير الوزاري أمام هذا الخلاف السياسي". ويضيف مشعل، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "التحالف الوطني رافض لخطوات التغيير ويقود اليوم مؤامرة واضحة للإطاحة بالعبادي ومنع التغيير الوزاري"، مبيّناً أنّ "العبادي وجد نفسه مضطرًّا إلى الاستعانة بواشنطن، بعد أن أوصدت كل الطرق بوجهه". كما يُشدّد مشعل على أنّ "واشنطن ستتفاوض مع الكتل السياسية وتتفق معها على التغيير الوزاري، وسيكون الاتفاق مع الأكراد والسنّة وبعض كتل التحالف الوطني، لحسم الموضوع"، مرجّحاً "احتمال أن تجد واشنطن حلاً لهذه الأزمة".

في غضون ذلك، وصل الممثّل الخاص للرئيس الأميركي لشؤون التحالف الدولي بريت ماكغورك، على رأس وفد عسكري ودبلوماسي إلى العراق يوم الأربعاء. وذكرت السفارة الأميركية في بغداد، أنّ "ماكغورك سيجري خلال الزيارة مباحثات مع كبار المسؤولين الحكوميين وقوات الأمن العراقية وممثلين عن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة"، مضيفة أنّه "سيتم خلال المباحثات مناقشة الدعم الأميركي لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والتطورات الإقليمية الأخرى".

اقرأ أيضاً: السفارة السورية ببغداد... "دكانة" آل الدندح للتجارة وتسهيل المعاملات

المساهمون