الطلاب يرفعون الإيجارات في تونس

30 سبتمبر 2016
عودة الدراسة يرفع الطلب على السكن(فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
لم تكد نار الإيجارات تهدأ لبضعة أشهر حتى عادت لتتأجج من جديد في ضواحي العاصمة التونسية والمدن الكبرى، تزامنا مع عودة الطلاب إلى جامعاتهم. 
وتشهد هذه الفترة من السنة ارتفاعاً في بدل تأجير الشقق بنسبة تتراوح بين 15% و20% وفق وكالات الإيجار التي تشهد ذروة نشاطها.
ويقول كمال، وهو وسيط إيجارات عشوائي (لا يملك وكالة)، إنه تلقى منذ منتصف أغسطس/آب الماضي طلبات من طلاب للحصول على إيجار مناسب في محيط جامعتهم، مشيراً إلى أن قلة المعروض هذا العام جعلت الأسعار ترتفع بشكل ملحوظ.
وبحسب كمال، الذي بات من أشهر الشخصيات في منطقته (حي الخضراء في العاصمة)، فإن الاتصال على هاتفه يكاد لا يتوقف، إذ تعد هذه المنطقة من أكثر الأحياء جذباً للطلبة لقربها من وسط العاصمة وتوفر وسائل النقل.
وقال كمال لـ"العربي الجديد"، إن عروض الإيجار تكون أكثر وفرة في الأحياء البعيدة وبأسعار أقل، غير أن الطلبة يفضلون الاستقرار في محيط جامعتهم هرباً من نفقات النقل الإضافية وزحام المواصلات.
وبالإضافة إلى قيمة الإيجارات التي تتراوح بين 550 و880 ديناراً تونسياً ( 250 و400 دولار) لشقة تتسع لخمسة أفراد يطلب الوسيط (السمسار) عمولة تقدر بنسبة 10% من قيمة الإيجار السنوي. ويشير كمال إلى أن الطلبة يفضلون الاستعانة بالوسطاء على اللجوء إلى الوكالات المنظمة، التي تفرض عمولة في حدود 20% من قيمة الإيجار السنوي.
ويقول إنه يقضى يومه في الاتصالات لربط الصلة بين المالكين والباحثين عن الإيجار، مؤكداً أنه غالبا ما يتدخل لإيجاد صيغ ترضي جميع الأطراف مع مراعاة بعض الحالات التي يكون فيها الطلاب من أسر محدودة الدخول.


وقبيل موسم الإيجار الذي ينطلق في النصف الثاني من أغسطس/آب، يقوم كمال وزملاؤه في الأحياء الأخرى بجرد كامل للشقق الجديدة وغيرها من العقارات التي تصلح لسكن الطلاب في محاولة لتوفير العرض قبل بلوغ الموسم لذروته خلال سبتمبر/أيلول من كل عام.
وبات الاستثمار في السكن المخصص للطلاب يغري التونسيين لارتفاع الطلب من عام إلى آخر، حيث يعمد المالكون إلى القيام بكل التوسعات الممكنة في مساكنهم من أجل توفير مساحات إضافية يجري استغلالها في إنشاء شقق صغيرة الحجم (غرفة نوم وصالون) تخصص للإيجار، فيما يخصص مستثمرون عقاريون جزءاً من منشآتهم الجديدة لهذا الصنف من الإيجار الذي لا ينقطع فيه الطلب.
وتشهد المناطق العمرانية المحاذية لمحيط المركبات الجامعية الكبرى توسعاً كبيراً أيضاً، وهو ما خفف الضغط على وسط العاصمة، باعتبار أن الحكومة ارتأت منذ سنوات إنشاء المركبات الجامعية الجديدة خارج محيط العاصمة لتخفيف حركة المرور وتنشيط الحياة الاقتصادية في المناطق العمرانية الجديدة، التي تحولت في ظرف زمني قصير إلى مدن بأكملها.
ويكابد الطلبة عموماً ومحدودو الإمكانات المادية من أجل تحصيل سكن مناسب بعد تقليص الحكومة من سنة إلى أخرى لحق الطلاب في الإيواء بالأحياء الجامعية، التي تقلص حق السكن فيها من ثلاث سنوات سابقاً إلى سنة واحدة حالياً مع إمكانية إسعاف الحالات الاجتماعية بسنة سكن إضافية.
وبالإضافة إلى ارتفاع الأسعار والشروط المجحفة لبعض المالكين أحياناً، ممن يطالبون بقيمة شهرين مسبقاً كضمان، يواجه الطلاب القادمون من المحافظات الداخلية منافسة الطلاب الأجانب، ولا سيما الأفارقة منهم ممن يقبلون بكثافة على الدراسة في الجامعات التونسية الخاصة.
ويقول الطالب أسامة جعفر إن الطلبة الأفارقة يتميزون عموماً بقدرة عالية على الإنفاق، ولا يضرهم ارتفاع الإيجار، وهو ما يجعل أصحاب الشقق يفضلون الطلاب الأجانب على التونسيين.
ولتجنب ضغط الإيجارات والارتفاع المتواصل للأسعار، قال أسامة لـ "العربي الجديد"، إن العديد من زملائه في الدراسة باتوا يفضلون إبرام عقود إيجار تستمر على امتداد العام، وهو ما يضطر أغلبهم للعمل صيفاً لتوفير نفقات الإيجار وتخفيف المصاريف على أسرهم.
ولم يمنع وجود نحو نصف مليون شقة شاغرة في تونس، وفق إحصاءات متخصصة، من تسجيل الإيجارات ارتفاعاً تاريخياً يقدره الخبراء بأكثر من 50% خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وتشهد الإيجارات في كل المحافظات، خاصة في المدن الكبرى، ارتفاعاً غير مسبوق نتيجة الإقبال على الشقق المؤجرة، فيما أرجع متخصصون في القطاع العقاري هذه الزيادة إلى إقامة قرابة 700 ألف ليبي في تونس بعد اندلاع الثورة الليبية عام 2011.

المساهمون