الطائرة الماليزية: شبح الحرب يهيمن على اتهامات كييف وموسكو

18 يوليو 2014
رجال الإنقاذ في موقع تحطم الطائرة (دومينيك فاغت/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
تعالت الأصوات الدولية المطالبة بإجراء تحقيق دولي وسريع حول سقوط طائرة الركاب الماليزية في أوكرانيا بالقرب من الحدود الروسية، والتي أودت بحياة 298 شخصاً كانوا على متنها، وذلك في أجواء من الترقب والخشية من مضاعفات سياسية وربما عسكرية قد تترتب على هذه الحادثة. 


ودعا الرئيس الأميركي، باراك أوباما، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، إلى تحقيق موضوعي في الحادث المأساوي، بينما طالب رئيس الحكومة الأوكرانية، ارسيني ياتسينيوك، بمحاكمة المسؤولين عن الحادث أمام محكمة الجنايات الدولية، متهماً روسيا بالوقوف وراء "الجريمة".

وغداة تبادل كييف والانفصاليين الموالين لروسيا الاتهامات بإسقاط الطائرة، أعلنت السلطات الأوكرانية إغلاق المجال الجوي فوق المناطق الشرقية. وفيما قال مصور تلفزيوني من وكالة "رويترز" في مسرح الحادث، إن عمال الإنقاذ انتشلوا، اليوم الجمعة، الصندوق الأسود الثاني من الطائرة المنكوبة، عقب عثور الانفصاليين، أمس الخميس، على الصندوق الأول، ذكرت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن الانفصاليين وافقوا على تقديم المساعدة في التحقيق في تحطم الطائرة.

ونقلت وكالة "إنترفاكس" عن ممثل "جمهورية دونيتسك الشعبية" المعلنة من طرف واحد، سيرغي كافتارادزه، أن الانفصاليين لا علاقة لهم بالحادثة، قال "نحن، ببساطة لا نملك وسائط دفاع جوي، والأسلحة التي لدينا لا يتجاوز مداها بين 3 و4 كيلومتر". وتسود أوساط المراقبين في موسكو، خشية من تجيير الحادثة ضد موسكو، وتحميلها مسؤولية ما حصل. كما تعيش الأوساط الاجتماعية الروسية رهبة تصعيد قد يتطور إلى حالة حرب، هي آخر ما يريده الروس. ويتحدثون عن مصلحة لجهة ما في هذا العمل الاستفزازي.

وحسب الأرقام الأخيرة التي قدمتها شركة الطيران الماليزية، صباح اليوم، كانت الطائرة تقل 154 هولندياً و43 ماليزياً (بينهم أفراد الطاقم الـ 15) و27 أسترالياً (من بينهم لبنانيَّين) و12 أندونيسياً وتسعة بريطانيين وأربعة ألمان وخمسة بلجيكيين وثلاثة فيليبينيين وكندياً.

ودعا أوباما، خلال اتصال هاتفي مع رئيس وزراء هولندا، مارك روته،  إلى إجراء تحقيق من دون عوائق في الحادث الذي رجح خبراء أميركيون أن صاروخ أرض جو تسبب به، مؤكّداً استعداد بلاده "لتأمين مساعدة فورية في إجراء تحقيق سريع وكامل وذي مصداقية".

وطالبت واشنطن جميع الأطراف المعنية (روسيا والانفصاليين الموالين لموسكو وأوكرانيا) بوقف فوري لإطلاق النار من أجل ضمان وصول المحققين الدوليين بشكل آمن ومن دون عراقيل إلى مكان الحادث وتسهيل استعادة ما تبقى من الجثث.

وكان بوتين قد حمّل، في وقت متأخر من أمس الخميس، أوكرانيا "مسؤولية المأساة الرهيبة" التي تمثلت في تحطم الطائرة، وقال "ليس هناك شك في أن الدولة التي حصل هذا الأمر على أراضيها تتحمل مسؤولية هذه المأساة الرهيبة"، مضيفاً أن "هذه المأساة ما كانت لتقع لو كان السلام يسود هذا البلد ولو لم تستأنف العمليات العسكرية في جنوب شرق أوكرانيا". وأوضح أنه طلب من المسؤولين العسكريين الروس "تقديم كل المساعدة الضرورية لإلقاء الضوء على هذا العمل الإجرامي".

بدورها، دعت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تراقب الوضع الأمني شرقي أوكرانيا إلى اجتماع أزمة، اليوم الجمعة، للتباحث في تحطم الطائرة الماليزية. وأعلنت المنظمة في بيان لها "سيعقد اجتماع خاص للمجلس الدائم عند الساعة 10,30 بتوقيت غريتنش، من اليوم الجمعة".

وفي لندن، أعلنت رئاسة الحكومة البريطانية أن كاميرون دعا، اليوم، إلى اجتماع أزمة وزاري بعد سقوط الطائرة الماليزية، ومقتل تسعة بريطانيين كانوا على متنها.

وفي هذه الأثناء، طالب رئيس الوزراء الأوكراني، أرسيني ياتسينيوك، اليوم الجمعة، بمحاكمة المسؤولين عن تحطم الطائرة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، متهماً الروس بالوقوف وراء هذه "الجريمة الدولية". وقال ياتسينيوك إنّ "الروس ذهبوا بعيداً جداً، إنها جريمة دولية ويجب أن يحاكم المسؤولون عنها في لاهاي".

كما ذكرت وزارة البنية الأساسية الأوكرانية، أنّ السلطات أغلقت المجال الجوّي فوق المناطق الشرقية، حيث تنفّذ عملية أمنية ضدّ الانفصاليين الموالين لروسيا غداة تحطم الطائرة. وقالت الوزارة على موقعها على الإنترنت، إن المجال الجوي أغلق تماماً فوق منطقتي دونيتسك ولوغانسك، حيث يشتد القتال وكذلك منعت الرحلات الجوية جزئياً فوق منطقة خاركوف المجاورة.

وفي توضيح لاتهاماتها ضدّ الانفصاليين، بثت قوات الأمن الأوكرانية ما قالت إنه مكالمتان هاتفيتان تم اعتراضهما تؤكدان مسؤولية الانفصاليين عن إسقاط الطائرة. في المكالمة الأولى، يخبر قائد الانفصاليين، إيغور بيزلر، ضابطاً في الاستخبارات العسكرية الروسية إن الانفصاليين أسقطوا طائرة، بحسب قوات الأمن.

وفي المكالمة الثانية، تدور محادثة بين اثنين من الانفصاليين، يقول أحدهم في مكان الحطام إن الهجوم الصاروخي نفذته وحدة من الانفصاليين على بعد نحو خمسة وعشرين كيلومتراً شمال موقع الحطام، لكن لم يتسن التحقق من التسجيلين من مصدر مستقل، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.

وبالتزامن مع ذلك، قال مصور تلفزيوني من وكالة "رويترز" في مسرح حادث إسقاط الطائرة إن عمال الإنقاذ انتشلوا، اليوم الجمعة، الصندوق الأسود الثاني من الطائرة المنكوبة. وكان الانفصاليون قد ذكروا أمس، أنهم عثروا على الصندوق الأسود الأول، وأن السلطات الانفصالية، تعمل على نقل جثث الضحايا إلى دونيتسك.

وفي غضون ذلك، قالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، إن الانفصاليين وافقوا على تقديم المساعدة في التحقيق في تحطم الطائرة، وأنهم سيضمنون السماح بدخول خبراء دوليين لتفقد الموقع بشكل آمن. وأضاف البيان أن مجموعة اتصال تضم مندوبين كباراً من أوكرانيا وروسيا والمنظمة أجروا اتصالات عبر دوائر تلفزيونية مغلقة مع الانفصاليين الذين وعدوا بالتعاون مع السلطات الأوكرانية في تحقيقها.

وأوقفت شركات الطيران الروسية تحليق طائراتها في المجال الجوي الأوكراني، وقررت تعديل مساراتها بحيث تتجنب الأجواء الأوكرانية، مستغلة المجال الجوي لدول الجوار الأخرى التي توفر ممراً آمناً للطيران عبر أراضيها. 


المساهمون