الضحك ممنوع: مصريون واجهوا القضاء بسبب الكوميديا

02 فبراير 2016
باسم يوسف (فرانس برس)
+ الخط -
طالما ارتبطت النكتة بالشعب المصري، تميز بها وشهد له العالم كله بخفة دمه ونكاته التي يختلقها حتى في أصعب الظروف، ليس أدل على ذلك من توصيف البعض لثورة الخامس والعشرين من يناير بـ"الثورة الضاحكة"، جلس الثوار في الميدان مترقبين الموت، رافعين شعارات ضاحكة و"إفيهات".

إسلام جاويش، رسام الكاريكاتير ومدير صفحة "ورقة" على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، كان آخر الساخرين، الذي أوقف بتهمة الإساءة إلى النظام من خلال عدد من رسوماته الكاريكاتيرية، ثمّ أفرج عنه بعد ظهر أمس، في وقت تحاول فيه الأجهزة الأمنية اختلاق نكتة سخيفة لم تبرع فيها، وهي اتهامه بـ"العمل بنسخة ويندوز مضروبة".

لكن الإدانة الشعبية تكون أقسى وأعنف من إدانة الأجهزة الأمنية على "التهريج والنكتة"، كما حدث منذ بضعة أيام مع شادي حسين، أحد فريق البرنامج الساخر "أبلة فاهيتا"، والفنان أحمد مالك، في واقعة فيديو "الواقي الذكري" والذي اتهما فيه شعبياً بالخروج عن الآداب والأخلاق العامة، وقدمت ضدهما عدد من البلاغات الرسمية، واتخذت نقابة المهن التمثيلية قرارا بوقف تصاريح التمثيل الخاصة بمالك.

ومن بعد ثورة راح ضحيتها المئات من المطالبين بالحرية، لم يتسع صدر الأنظمة المتعاقبة لتقبل نكات وإفيهات باسم يوسف، مقدم برنامج "البرنامج"، فحصد برنامجه عشرات البلاغات التي قدمت ضده بسبب السخرية وإهانة النظام، ومن بينها بلاغ قدم من أحد موظفي رئاسة الجمهورية، خلال فترة حكم الرئيس محمد مرسي، تتهمه بالسخرية من النظام، عند ارتدائه "قبعة كبيرة"، في إشارة لـ"القبعة" التي ارتداها الرئيس عند حصوله على درجة الدكتوراه. وتعرض "باسم" بعد ذلك لهجوم عنيف من أنصار ومقربين من المشير عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وانتهي هذا الهجوم بوقف برنامجه وخروجه من مصر كلها إلى أجل غير مسمى.

محاربة النكات، عادة قديمة استخدمتها كل الأنظمة، فنظام المخلوع محمد حسني مبارك الذي قامت ضده ثورة خرج فيها الملايين لإسقاطه، لم يتحمل نكتة من فنان كوميدي بالأساس وظيفته الرئيسية إلقاء النكات، كالفنان سعيد صالح، الذي تم حبسه 6 أشهر في بداية الثمانينيات عندما خرج عن النص في مسرحية "مأساة اسمها الفلوس"، وارتجل قائلا: "أمي إتجوزت 3 مرات، الأول وكّلنا المش، والتاني علّمنا الغش، والتالت لا بيهش ولا بينش"، في إشارة إلى رؤساء مصر المتعاقبين، جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وحسني مبارك.

وفي فترة حكم السادات، حكم على الفنان الكوميدي عادل إمام بالحبس 3 أشهر، وكانت الرقابة هي التي رفعت الدعوى، حيث أكدت أن عادل إمام جسد محكمة في هذه المسرحية وهو ما يعوق مسيرة السلام.

حتى في العصر الملكي، كان لقمع النكات ضرورة لدى النظام، فلم يسلم الكتاب الساخرون ولا رسامو الكاريكاتير من بطش النظام المعادي للفكاهة، ومن بينهم رخا، رسام الكاريكاتير، الذي قضى عقوبة الحبس لمدة 5 سنوات بتهمة السخرية من الملك فؤاد في رسوماته الكاريكاتيرية.


إقرأ أيضاً: نجوم جزائريون كانوا ضحايا العنصرية
المساهمون