الصورة "ما بدها حِجّة"

14 أكتوبر 2017
8250 كرة على 352 متراً مربّعاً (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

"لا حجّة لدى النساء في لبنان تجعلهنّ يتخلّفنَ عن موعد الفحص الشعاعيّ للثدي". تبدو المنسّقة الوطنيّة للحملة الوطنيّة ضدّ سرطان الثدي، الدكتورة رشا حمرا، حاسمة وهي تقول إنّ رسالة وزارة الصحّة العامة واضحة في هذا الإطار، فحملتها الحاليّة تمتدّ على أربعة شهور. منذ بداية أكتوبر/ تشرين الأوّل الجاري - الشهر الزهريّ - وحتى يناير/ كانون الثاني من العام المقبل، في استطاعة كلّ امرأة بلبنان تبلغ من العمر 40 عاماً فما فوق، أن تخضع للصورة الشعاعيّة الخاصة بالثدي مجاناً في المستشفيات الحكوميّة أو بتكلفة مخفّضة في المراكز والمستشفيات الخاصة، لا بل لزامٌ عليها الاستفادة من الحملة خصوصاً إن كانت من أولئك اللواتي يجدنَ دائماً حجّة أو حججاً للتسويف.

كانت الأيّام الأخيرة منهكة بالنسبة إلى حمرا وفريق عمل دائرة التثقيف الصحيّ التي تتولّى رئاستها في وزارة الصحّة. هم أربعة أشخاص، وقد تمكّنوا بمساندة "أصدقاء"، من دون أن يصل عددهم مجتمعين إلى العشرة، أن ينجزوا بطريقة مبتكرة حفل إطلاق "الحملة الوطنيّة للتوعية ضد سرطان الثدي - 2017" من المدينة الرياضيّة في بيروت. وقد نجحوا كذلك في جعل لبنان يسجّل رقماً قياسياً في الأكاديميّة العالميّة للأرقام القياسيّة، من خلال أكبر شارة للتوعية حول سرطان الثدي مؤلّفة من 8250 كرة قدم زهريّة اللون على مساحة 352 متراً مربّعاً.

بابتسامة تشي برضا عمّا اُنجِز، تخبر حمرا "العربي الجديد" أنّ "الفكرة بدأت عندما أردنا تنظيم حفل إطلاق للحملة من مكان فسيح يتّسع لعدد كبير من الناس. فكانت المدينة الرياضيّة، وارتأينا الاستفادة من مساحتها الواسعة لتشكيل شارة توعية هي الأولى من نوعها في العالم". ولا تخفي حمرا أنّ "تسجيلها رسمياً يهدف إلى جذب اهتمام إعلاميّ وإيصال رسالة الحملة إلى أكبر عدد من الناس. أمّا الهدف الأهمّ، فكان كيفيّة الاستفادة من الكرات في نهاية النشاط. عادة، في كلّ الأرقام القياسيّة حول العالم، عندما ينهي المنظّمون نشاطهم، يعمدون إلى بيع المواد المستخدمة لتمويل حملة أو ما شابه. نحن لا نستطيع القيام بذلك في الأساس، لذا تقرّر توزيع كرات القدم على الأطفال للفت نظر والداتهم وحثّهنّ على الخضوع للصورة الشعاعيّة". هكذا، شارك في حفل إطلاق الحملة، وبالتعاون مع وزارة التربية وتحديداً وحدة التربية الرياضيّة، "أربعة آلاف و200 تلميذ وتلميذة (ثلاثة آلاف من مدارس رسميّة وألف و200 من مدارس خاصة) حملوا لأمّهاتهم، ومن خلالهنّ لنساء أخريات، كرات زهريّة اللون تحمل شعار الحملة، بدلاً من مطويّات قد لا تعني شيئاً لهؤلاء الصغار وقد يفقدونها قبل الوصول إلى بيوتهم. وهؤلاء أتوا من كلّ المناطق اللبنانيّة، حتى النائية منها".




في سياق كرة القدم، وتحت عنوان "اركل سرطان الثدي"، تضمّن الحفل مباراة وديّة بين فريق فتيات محترفات دون السابعة عشرة من عمرهنّ، وبين فريق من المشاهير. وتؤكّد حمرا أنّ "للرياضة تأثيرها الإيجابيّ علينا وعلى صحّتنا، بالتالي لمَ لا نروّج لأمر إيجابيّ؟". ولأنّ النشاط كان "رياضياً"، لم تتخلّله خطابات وما شابه ذلك. وتشير حمرا إلى أنّ "وزير الصحّة غسان حاصباني وحده توجّه إلى التلاميذ وحمّلهم مسؤوليّة قائلاً لهم: أنتم سفراؤنا في مناطقكم. وطلب منهم عدم الخجل من حمل الكرة لأنّها زهريّة اللون، بل إيصالها إلى أمّهاتهم وجدّاتهم وخالاتهم وعمّاتهم ومدرّساتهم، مع رسالة: لا حجّة لديكِ. فامرأة واحدة من أصل ثماني نساء معرّضة للإصابة بسرطان الثدي".

قبل 16 عاماً، انطلقت الحملة الوطنيّة للتوعية ضدّ سرطان الثدي في لبنان، مستندة بحسب ما توضح حمرا إلى "دراسة ميدانيّة أعدّتها جهة مستقلّة، بيّنت أنّ 11 في المائة فقط من نساء لبنان خضعنَ لصورة شعاعيّة للثدي في حياتهنّ. فقط 11 في المائة. أمّا في عام 2015، فقد بيّنت أنّ 50 في المائة تقريباً من النساء خضعنَ لتلك الصورة. وهو أمر جيّد، لكنّنا نتحدّث عن العاصمة والمدن الكبرى وليس عن المناطق النائية حيث النسب كانت منخفضة جداً". تكمل أنّ "هذا يبيّن تجاوباً أكبر مع الحملة، لكنّه ليس كافياً. هدفنا الوصول إلى 70 و80 في المائة من النساء البالغات من العمر 40 عاماً فما فوق، ليخضعنَ للصورة الشعاعيّة وسنوياً. عليهنّ فعل ذلك حتى ولو لم يشعرنَ بأيّ انزعاج وألم. هذا هو الهدف من الكشف المبكر، تشخيص السرطان في مراحله الأولى. فنسبة الشفاء مثلما تشير كلّ الدراسات، تصل إلى 90 في المائة في حال الكشف المبكر".

"ما بدها حِجّة. اعملي الصورة". شعار حملة هذا العام الذي تعود حمرا لتركّز عليه مؤكّدة أنّه "عندما تُصاب الأمّ بأيّ مرض، فإنّ البيت كلّه يصبح مريضاً". وتقول: "المخيف في لبنان هو أنّ 40 في المائة من الحالات هي لنساء دون الخمسين من العمر. وهذا يعني أنّه يستهدفنا في سنّ مبكرة، بخلاف بلدان كثيرة". وتلفت إلى دراسة صدرت العام الماضي بيّنت أنّ سرطان الثدي هو السبب العاشر للوفاة في لبنان، وهو السبب الأوّل بين الأمراض السرطانيّة".

المساهمون