الصدر يطالب نوابه بتعليق عضويتهم وسط الاستهداف الأمني للمتظاهرين بالقمع والرصاص
وأكدت المصادر ذاتها أن بعض الجرحى اعتُقلوا من داخل المستشفيات بعد قليل من نقلهم بواسطة سيارات الإسعاف، فيما أصدر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بياناً طالب فيه أعضاء كتلته البرلمانية "سائرون"، بتعليق حضورهم في البرلمان إلى حين ما سمّاه "توافر برنامج حكومي حقيقي لخدمة العراقيين".
وشهدت ساحتا الطيران والخلاني في بغداد تظاهرات تميزت بسرعة فضّها وسرعة عودتها مرة أخرى، حيث ينسحب المتظاهرون إلى الأزقة والطرق الفرعية بعد وصول القوات الأمنية وإطلاقها النار، ويعودون بعد انسحابهم منها، أو يتجهون إلى مكان قريب من الساحتين الرئيسيتين.
في المقابل، شهدت مناطق الزعفرانية، والحسينية وحيّ أور وسبع البور والشعب وفضوة عرب وأحياء أخرى من شرق بغداد وجنوب شرقها تظاهرات أيضاً، لكن لم يتجاوز عدد المشاركين العشرات في كل واحدة، وتتركز في مكان واحد دون أن يكون فيها مسير أو انتقال إلى مناطق أخرى، بسبب إطلاق النار الكثيف، الذي أزهق أرواح ثلاثة شبان، وجرح ما لا يقلّ عن 40 آخرين حتى الساعة الخامسة بتوقيت بغداد المحلي لهذا اليوم، وفقاً لمصادر طبية في العاصمة.
وفي الجنوب العراقي شهدت الناصرية والديوانية والرفاعي والكحلاء وعلي الغربي والبصرة، في مركز المدينة تحديداً، تظاهرات حاشدة شارك فيها المئات، وأُلقيت فيها كلمات وخطب وشعارات حملت عبارات هجومية على أحزاب دينية. وطالب متظاهرو الكحلاء بتغيير مفوضية الانتخابات للتأكد من أن أيّاً منهم لم ينتخب ممثله، في إشارة إلى التلاعب بنتائج الانتخابات. وعلم "العربي الجديد" أن متظاهرين حاولوا اقتحام مبنى مجلس محافظة القادسية وسط مدينة الديوانية.
في السياق ذاته، أصدر الصدر بياناً طالب فيه أعضاء تحالفه "سائرون"، بتعليق عضويتهم في البرلمان. وأضاف في وثيقة موقعة باسمه: "سارعوا فوراً إلى تعليق عضويتكم وبلا توانٍ، فهذا أملي بكم، وعدم الحضور إلى مجلس النواب إلى حين صدور برنامج حكومي يرتضيه الشعب والمرجعية، سيحتاج فيه إلى أصواتكم الحرة". وأضاف: "كما أنصح باقي الكتل بالتأسي بهذا القرار إرضاءً لله تعالى والشعب والمرجعية"، واختتم رسالته بالقول: "كفاكم ظلماً للشعب العراقي".
وكان الصدر قد دعا في وقت سابق من يوم الأربعاء إلى الإضراب العام دعماً لمطالب المتظاهرين المشروعة، على حدّ وصفه.
الأمم المتحدة تدعو لتحقيق فوري
وفي السياق، دعت الأمم المتحدة، اليوم السلطات العراقية إلى التحقيق "فوراً" و"بشفافية"، في استخدام قوات الأمن القوّة ضد المتظاهرين، بحسب ما أوردته وكالة "الأناضول".
وقالت المتحدثة باسم المكتب الأممي لحقوق الإنسان، مارتا هورتادو، في تصريحات إعلامية بجنيف: "ندعو الحكومة العراقية إلى السماح للناس بممارسة حقهم بحرية التعبير والتجمّع السلمي".
ووفق هورتادو، فإن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تأكّد بشكل مستقل من مقتل 12 شخصاً في بغداد، لافتةً إلى أن "المئات أصيبوا بجروح وفق التقارير، بينهم عناصر من قوات الأمن".
كذلك اعتُقل عشرات المتظاهرين، "رغم الإفراج لاحقاً عن معظمهم"، بحسب المصدر نفسه.
وقالت هورتادو: "نشعر بالقلق من التقارير التي تشير إلى أن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحيّة والرصاص المطاطي في بعض المناطق، وأنها ألقت قنابل الغاز المسيل للدموع كذلك مباشرة على المحتجين"، مشددة على أن "استخدام القوة" في التعامل مع التظاهرات يجب أن يكون في الحالات "الاستثنائية" فقط، ودعت إلى ضرورة "الامتثال لدى استخدام القوة للقواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان".
وتابعت المسؤولة الحقوقية قائلة: "ينبغي التحقيق بشكل فوري ومستقل وشفاف في جميع الحوادث التي تسببت سلوكيات قوات الأمن فيها بوفيات وإصابات".
وفيما شدد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على أن مطالب المتظاهرين باحترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية "مشروعة"، أكدت هورتادو أنه "يجب الاستماع إلى شكاوى الناس".
وفي السياق نفسه، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ بشأن اعتقال ثلاثة صحفيين على الأقل، أفرج عن اثنين منهم لاحقاً، محذّرة من أن ذلك يحمل خطر "ردع صحفيين آخرين من نقل الأحداث المرتبطة بالوضع".
وأشارت هورتادو إلى أن "انقطاع خدمة الإنترنت عن أجزاء واسعة من البلاد، يشكّل مصدر قلق، باعتبار أن ذلك يتناقض مع حرية التعبير".