الصحافة الكردية أمام معوّقات عدة

22 ابريل 2016
أول صحيفة كانت "كوردستان" في القاهرة (Getty)
+ الخط -
يحتفل الكرد في 22 نيسان/ أبريل من كل عام بيوم الصحافة الكردية، الذي في مثله سنة 1898 أصدر الأمير مقداد مدحت بدرخان العدد الأوّل من جريدة "كوردستان" في القاهرة. ولاحقًا توالى إصدار العديد من الصحف والمجلات الكردية في المدن الكردية وكل من القاهرة وإسطنبول وبيروت ودمشق. 

بدأت الصحافة الكردية في كردستان العراق مرحلة جديدة بعد "الانتفاضة الشعبانية" سنة 1991 بإصدار منشورات وقصاصات ومجلات منها اليومية والأسبوعية والشهرية والفصلية عدا عن المنابر والإذاعات التي شكّلت ظاهرة إيجابية في الوسط المحلي العراقي. واليوم، هناك إصدارات عدة بينها أسبوعيتا "هاولاتي" و"آوينة" اللتان تصدران في السليمانية وجريدة "ميديا" في أربيل و"هوال" في كركوك.

أما في سورية فحال الصحافة الكردية من حال الصحافة السورية بشكل عام، إذ لا يمكن الحديث عن أي إمكانية لصحافة حرة مستقلة تنقل الواقع السوري الكردي قبل انطلاق الثورة السورية في آذار/ مارس 2011، والتي شارك الكرد فيها فشكّلوا "تنسيقيات التآخي الكوردية" وكانوا ينقلون واقع مناطقهم عبر صحافيين وناشطين إعلاميين انخرطوا في العمل الثوري رغم التضييقات التي تعرضوا لها من حزب الاتحاد الديمقراطي عبر تشكيلاته الحزبية والعسكرية.

وعانت الصحافة الكردية لفترات طويلة من ظلم الحكومات، ولم تمنع المعوقات المادية وتواضع الإمكانات الفنية ظهور طاقات أكاديمية أخذت بالعمل على النهوض بالإعلام الكردي. واستطاعات الصحافة الكردية في السنوات الأخيرة مواكبة التغيرات التي شهدتها الساحة الإعلامية العربية لتنطلق مؤسسات جديدة، تنازع بين الاستقلالية والضغوط السياسية.



وتمكّنت الماكينة الإعلامية للأحزاب الكردية من تصدّر المشهد فأصبح لكل حزب وتيار سياسي قناة تلفزيونية ومحطة إذاعة وجريدة ومجلة إضافةً إلى المنشورات التي تصدرها المنظمات المدنية والأذرع الطلابية والنسوية التابعة لها. هذه السيطرة الحزبية على المساحة الإعلامية أفقدت المواطن الكردي الاهتمام بوسائل الإعلام المحلية فبات يبحث عن الخبر والمعلومة في وسائل الإعلام الأخرى، مما عزز كون الصحافة العربية منبراً شبه وحيد للأكراد. ولم يكن النفور من الخطاب الحزبي السبب الوحيد لتوجّه الكرد نحو الإعلام الآخر، فقد شكّلت الفضائيات العربية والأجنبية وثورة الإنترنت دافعا إضافيا لسماع أصوات كردية شابة كانت "خارج الكادر" في صلب النقاشات السياسية والثقافية.

وعن ذلك، يقول الصحافي السوري الكردي آلجي حسين "حين نقول صحافة، فهذا يعني أنه يتوجب علينا امتلاكنا لصحف بكل معنى الكلمة، فنحن لدينا صحف لا صحافة". ويضيف "لكل حزب في المنطقة الكردية وسائله الإعلامية الخاصة به، وهي تروّج بشكل أو بآخر لمنهجه، فتأتي هذه الصحف على شكل بيانات صحافية لا نصيب للمهنية فيها من شيء، ويسيطر عليها صحافيون لا يمتون إلى الصحافة بصلة". ويضيف "الاهتمام باللغة الإعلامية ضعيف، سواء من ناحية الهجاء والنحو أو من ناحية البلاغة والأسلوب، بالإضافة إلى شحن هذه الصحف بالأحقاد، وعدم تحديد الهدف بوضوح من الصحف، وعلى الصحافيين الكرد النظر إلى تجارب الآخرين في الصحافة، وعدم تقليدها في الشكل فحسب، فالإعلام عموما عند الكرد مريض".

بدوره، يرى الكاتب والصحافي الكردي رستم محمود، أنّ الصحافة الكردية "لم تستطع اجتراح لغة كردية حديثة وبسيطة ومتلائمة مع روح العصر، كما فعلت باقي المؤسسات في العالم، لأنها لم تكن لغة صحافة دولة، بل صحافة جهات حزبية وإيديولوجية، لذا بقيت محافظة على نمط تقليدي من الخطابة والأدب السياسي غير المرن. الشيء الذي ينطبق على اللغة التي لم تندرج في كافة تفاصيل الحياة اليومية، ينطبق على سوء القدرة على إطلاق مضامين وهياكل ومؤسسات لها سمة إعلامية حقيقية، اذ بقيت في عمومها في قالب "البيان السياسي"... ما يجري في كردستان العراق منذ ربع قرن، ربما يكون تجربة ما عكس ذلك، أما في سورية، فهي مجرد نشرات حزبية".
المساهمون