الصادرات التركية إلى سورية: نمو فازدهار

14 ديسمبر 2015
انتقال البضائع بين تركيا وسورية (واشنطن بوست/Getty)
+ الخط -
بعد اندلاع الثورة السورية، تسبب موقف تركيا المعادي للنظام السوري بانهيار التجارة بين البلدين، والتي كانت قد شهدت انتعاشاً كبيراً خلال السنوات السابقة للثورة. واعتبر ذلك خسارة فادحة لتركيا التي كانت تصدّر إلى سورية ما يقارب أربعة أضعاف قيمة ما تستورده منها. لكن الملاحظ أن الصادرات التركية إلى سورية شهدت تعافياً سريعاً بين عامي 2013-2014 وصولاً إلى تجاوزها ما كانت عليه في ذروة ازدهارها قبل الثورة، فكيف حدث ذلك؟
بالتزامن مع مناخ الانفتاح الاقتصادي الذي ساد سورية بعد العام 2005، وقعت سورية وتركيا اتفاقية التجارة الحرة في العام 2007، ليبدأ بعدها تدفق السلع التركية إلى سورية بسرعة وبكميات كبيرة. في العام 2010 شكلت الواردات التركية إلى سورية نحو 9.5%من مجموع الواردات وبقيمة بلغت 1.8 مليار دولار، واضعة تركيا في المرتبة الأولى للدول المصدرة إلى سورية ومتفوقة بأشواط على إيران والتي بلغت صادراتها 300 مليون دولار، فيما بلغت صادرات روسيا نحو مليار دولار، وذلك بحسب بيانات مصرف سورية المركزي. وبالمقابل، بلغت قيمة صادرات سورية إلى تركيا 452 مليون دولار.

مسار تصاعدي

اتجه ذلك الازدهار التجاري سريعاً نحو التدهور بعد اندلاع الثورة، حيث اقتصرت الصادرات التركية إلى سورية في العام 2012 على ما قيمته 500 مليون دولار، بحسب معهد الإحصاء التركي، فيما هبطت الصادرات السورية إلى تركيا لنحو 67 مليون دولار. ولكن السنوات التالية شهدت عودة المسار التصاعدي للصادرات التركية، إذ شهد العام 2013 صعودها إلى مليار دولار، والعام 2014 إلى 1.8 مليار دولار. ما يشير إلى تعافٍ تام وعودتها إلى مستويات ما قبل الثورة السورية. كما شهدت الصادرات السورية إلى تركيا تعافياً طفيفاً تمثل بارتفاعها إلى 84 مليون دولار في 2012 ومن ثم إلى 115 مليون دولار في العام 2014. في العام 2015 وحتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سجلت الصادرات التركية انتعاشاَ إضافياَ بلغ نحو 1.9 مليار دولار.

بحسب معهد "تشاتام هاوس" البريطاني، لا توجد مؤشرات واضحة تبرر سبب ذلك الارتفاع المفاجئ، لكنه تزامن مع سيطرة تنظيم داعش على تجارة النفط في سورية وهو ما دفعه، كما يتوقع المعهد، إلى شراء أنابيب الحديد وقطع التبديل للمعدات والمصافي النفطية وكل ما يتعلق بهذا القطاع الاستثماري من تركيا.
يشير المستثمر السوري خالد العظمة، لـ"العربي الجديد"، إلى أن "أحد أهم أسباب تعافي الصادرات التركية هو هجرة رأس المال السوري إلى تركيا وقيام رجال الأعمال السوريين بالإنتاج مستهدفين اللاجئين السوريين في تركيا والسوريين في مناطق المعارضة داخل سورية".
تؤكد ذلك البيانات الصادرة عن "اتحاد الغرف وتبادل السلع في تركيا"، حيث تشير إلى أن رجال الأعمال السوريين قد أسسوا منذ بداية هذا العام 2015 وحتى شهر أيلول/ سبتمبر، 1148 شركة من أصل 3736 تمثّل مجموع الشركات التي أسسها المستثمرون الأجانب.
يقر الخبير الاقتصادي في المنتدى الاقتصادي السوري رامي سيف، باستقطاب السوق التركية لرجال الأعمال السوريين، لكنه يشير إلى أن الأرقام المذكورة أعلاه "لا تدل على واقع صحيح تماماً"، ويشرح ذلك بالقول: "تكمن الغاية من إنشاء عدد كبير من السجلات التجارية للشركات من قبل السوريين في تملّك العقار في تركيا، إذ لا يحق للسوري التملّك في تركيا، فيما أحد الحلول هو التملّك من خلال التسجيل باسم الشركة كونها شخصية اعتبارية تركية".
ويعزو سيف أسباب تعافي الصادرات التركية إلى حقيقة أن تركيا تشكل المنفذ البري الوحيد للمناطق المحررة في شمال سورية، ولغاية شمال العراق. لذلك، فإن معظم ما يدخل سورية والعراق من بضائع هو قادم من تركيا.
وهو ما يؤكده الصناعي السوري خير الكايد، لـ"العربي الجديد"، إذ يشير إلى أن "المناطق المحررة تعتمد بصورة شبه تامة على السوق التركية حالياً، ونحن نتحدث عن ملايين السوريين في تلك المنطقة هم بحاجة ماسة للطعام والملابس وسلع الحياة اليومية".
وبحسب ما يقول الناشط السوري سامي الطويل "تنقل الشاحنات التركية البضائع بصورة شبه يومية إلى الحدود السورية ليستلمها تجار سوريون، ويقومون بنقلها بدورهم إلى المناطق الأخرى داخل سورية". ويضيف: "توفر مختلف الفصائل المسلحة الحماية للشاحنات التي تحمل البضائع التركية باعتبار أن ذلك يشكل مصلحة للجميع".

اقرأ أيضاً:استبدال الليرة السورية بالتركية سرّع في انهيارها؟
المساهمون