الشعب يتقشّف

05 يناير 2015
الجزائريون مرغمون على التقشف بسبب أسعار النفط(فاروق باتيش/فرانس برس)
+ الخط -
أعلنت الحكومة الجزائرية أخيراً، عن عدد من الإجراءات التقشفية التي تستهدف المواطن، وذلك للحد من تأثيرات انخفاض النفط على الاقتصاد. ليظهر وكأن المواطن هو سبب هذه الأزمة العالمية، وعليه أن يدفع الثمن غالياً، وأن يقدم التضحيات الجسام التي تثبت أنه مواطن صالح وجدير بالثقة العظيمة التي وضعتها الحكومة فيه. 
وتاأتي هذه الاجراءات، عوض أن تتحمل الحكومات مسؤولية فشلها وتعترف أمام شعبها أنها أخطأت في اختياراتها وسياساتها الاقتصادية التي تكسرت أمام أزمة عادية من الأزمات العالمية التي اعتاد العالم أن يعرف أمثالها. غير أننا نشبه التلميذ الغبي الذي لا يتعلم من دروس الأمس التي تتكرر أحياناً بنفس الصورة.
الذي ينظر في الأزمات البترولية يمكن أن يتعلم أن الاتكال على هذا المورد الوحيد، يعتبر خطراً في حد ذاته، حتى لو كان هذا المورد وفيراً في بلادنا. ثم إن توافره لا يعني أننا في منأى عن الأزمات المختلفة، بل نحن عرضة أيضاً لأزمات قد تصيب قطاعات أخرى وتؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على اقتصادنا.
ومما يتكرر في هذه الأزمات، الاستراتيجيات التي تتخذها الحكومات في العالم، ومن بينها سياسة التقشف التي تجعل الشعوب دائما في الواجهة. والميزة أن غالبية الدول تختبر دائماً خططها في مواجهة الأزمات، أما نحن فليس لدينا الجرأة لكي نقول لقد أخطأنا، وأنه آن الأوان لأن نغير خططنا بما يتوافق والرشادة الاقتصادية.
لقد ناشد الخبراء، الحكومات المتعاقبة في الجزائر، ونصحوها بضرورة الارتكاز على ساقين بدلاً من ساق واحدة هي البترول. غير أن الحكومات المتعاقبة تجاهلت كل هذه الآراء التي وضعتها في خانة التعارض السياسي. هكذا، اتبعت الحكومات منطق "التاغنّانت" أو التعنّت الجزائري الذي تلخصه المقولة الشهيرة: "معزة ولو طارت".
وفي خطاباتها الأخيرة أبدت الحكومة الجزائرية رغبتها في تغيير خططها، عبر التوجه نحو تنويع الصادرات. في ظل هذه الأزمة الخانقة ما هو الخيار الذي يجب أن تتبناه الحكومة عوض فرض التقشف على الشعب الجزائري الذي لم ينعم بعد بفوائض بتروله؟ يمكن تلخيص الخيارات بالنقاط التالية:
1- ضرورة تفادي سياسة زيادة الضرائب أو استحداث ضرائب جديدة. وتبني سياسة التحفيز الجبائي وشبه الجبائي، بغية توسيع الاستثمار المحلي والأجنبي.
2- ترقية وتوسيع الاستثمار الحكومي في القطاع الفلاحي. وتقديم الامتيازات الداعمة للتوجه نحو الاستثمار في القطاع السياحي، عن طريق الشراكة الحكومية أو الخاصة مع الأجانب. ودعم الاستثمار في الاقتصاد المعرفي والتكنولوجيات المتطورة، واعتماد فكرة المناطق الاقتصادية الحرة ذات الاختصاصات المختلفة.
3- اللجوء للاستثمارات الدولية الناجعة ذات المردودية العالية. والتوجه نحو فتح المجال واسعاً للمالية الاسلامية لتكون الجزائر قطباً عالمياً في هذا المجال. وترقية نشاطات الاقتصاد التضامني بكل أشكاله، وتبني فكرة مصارف القرض الحسن الخيرية التي يمكنها أن تغطّي الكثير من الثغرات التي قد تظهر خلال هذه الأزمة. وإصدار صكوك إسلامية لتمويل المشاريع الحكومية الكبرى بمشاركة شعبية.
المساهمون