السينما المصرية وكرة القدم: محاولة استغلال نصف ناجحة

28 نوفمبر 2015
أنجح فيلم مصري عن كرة القدم (فيسبوك)
+ الخط -

في وقت مبكر جداً من بدايات السينما المصرية، وتحديداً عام 1937، كانت أولى محاولات استغلال محبة المصريين الأصيلة لكرة القدم من خلال فيلم "شالوم الرياضي"، الذي أخرجه توجو مزراحي وقام ببطولته الممثل الكوميدي المصري "شالوم" الذي كان أحد نجوم تلك الفترة، حيث يقوم بدور شخص عادي يرث ثروة كبرى ويحاول من خلالها تحقيق حلمه في أن يصبح لاعب كرة قدم.
لوقتٍ طويل بعدها، وحتى الثمانينيات، لم تتطرق السينما في مصر إلى الكرة، حتى عند استغلال نجومية بعض لاعبيها، وأشهرهم وأهمهم صالح سليم، في عدد من الأفلام الدرامية، جاء ذلك بعيداً عن كونه لاعب كرة، وفي قصص لا علاقة لها باللعبة. لا يوجد تفسير واضح لذلك.. ربما تصوير وصنع فيلم جيد عن اللعبة أمر مكلف، وربما لأن أغلب التعلق وقتها كان سمعي بالأساس من خلال الراديو وليس من خلال الصورة قبل دخول التلفزيون، وربما لأن المزاج العام الذي ارتبط بثورة يوليو –وقت ازدهار صناعة السينما- كان مزاجاً اجتماعياً عن نماذج الكفاح العلمي والاجتماعي، وهو أمر غير وثيق الصلة بالكرة.







في الثمانينيات جرت محاولة استغلال نصف ناجحة لكرة القدم من خلال جانبين: الأول قصص لها علاقة باللعبة.. والثاني إكرامي.. حارس مرمى النادي الأهلي.

القصص التي لها علاقة باللعبة كانت في أفلام مثل 4-2-4، للمخرج أحمد فؤاد (1981)، ومن بطولة يونس شلبي وسمير غانم، في مرحلة مبكرة مما سيطلق عليه بعد ذلك سينما المقاولات، هناك إعادة اقتباس لفيلم "شالوم الرياضي"، عن شخص يرث ثروة من ضمنها إدارة ناد رياضي، ويحاول إنقاذه من الفشل. الفيلم تم اكتشافه بعد ذلك بسنوات عند عرضه على الفضائيات، وأصبح من الأفلام الكوميدية الجيدة التي أنتجتها تلك الفترة.

فيلم آخر يستخدم كرة القدم كجزء من حكايته وهو غريب في بيتي، بطولة سعاد حسني ونور الشريف وإخراج سمير سيف (1982)، إذ يقوم كاتب سيناريو موهوب مثل وحيد حامد باقتباس فيلم أميركي مثل The Goodbye Girl (1977)، والذي يدور حول أم وابنها يعيشان مع رجل غريب، في الفيلم الأميركي يعمل الرجل ممثلاً في مسرح برودواي، في النسخة المصرية جعله "حامد" لاعباً لكرة القدم في نادي الزمالك اسمه "شحاتة أبو كف"، واستغل حالة الصراع بين الأهلي والزمالك حينها كجزء من دراما الفيلم.


الملاحظ في الفيلمين أن كرة القدم يتم تقديمها فيهما باعتبارها مرتبطة بالاستهتار والعمر القصير، إذ يقرر بطل فيلم 4-2-4 في النهاية العودة للريف بسبب فساد الوسط الرياضي والكروي وجشع اللاعبين، في المقابل تسوء أخلاق شحاتة أبو كف ويقرر في النهاية التوظف في شركة بترول باعتبارها وظيفة أكثر قيمة واحتراماً وتأميناً للمستقبل.

الملاحظ كذلك أن الفيلمين كوميديين، وهو ما يحدث أيضاً في محاولة السينما الناجحة لاستغلال "إكرامي" كممثل في أفلام كوميدية، حيث اشترك في 4 أفلام.. اثنان منها حققا نجاحا وظهر فيهما بشخصيته الحقيقية مع توظيفها درامياً بشكل جيد، الأول هو رجل فقد عقله (إخراج: محمد عبدالعزيز – 1980) مع عادل إمام وسهير رمزي وفريد شوقي، حيث يقوم بدور حارس مرمى وشقيقه "زيكو" –عادل إمام- نجم كرة في النادي الأهلي، ويحاولان منع والدهما من الزواج من فنانة تدعى "سوزي". أما الفيلم الثاني فهو يا رب ولد (إخراج: عمر عبدالعزيز – 1984) أمام فريد شوقي أيضاً، حيث يقوم بدوره كحارس مرمى يريد الزواج من ابنه الحاج الأسيوطي بطل الفيلم.

تجربة "إكرامي" كانت ناجحة لحضوره الشخصي، وظهور لاعبين من النادي الأهلي في الفيلمين تم تقديمه وصنع مشاهد به بشكل جيد.

بعد ذلك، ومن دون أسباب، خاصمت السينما كرة القدم تماماً، حتى محاولات تقديم لاعبي كرة كممثلين، مثل شريف عبدالمنعم وجمال عبدالحميد مثلاً، فشلت بشكل كامل وجذري. ولم تعد الكرة للسينما إلا في منتصف الألفية تقريباً.

العودة جاءت أولاً بشكل غير مباشر عن طريق فيلم سيد العاطفي عام 2005، حيث تقوم فيه عبلة كامل بدور مشجعة قديمة للنادي الأهلي، أهمية الصلة بالكرة كانت في التقاط بداية مرحلة الاكتساح الأهلاوي لغريمه الزمالك، ووجودها على شاشة السينما، كانعكاس حقيقي للواقع، وبشكل لم يتم –رغم بساطته وبديهيته- في السينما المصرية كثيراً.

تلك الفترة كذلك كانت بداية انتشار البرامج الرياضية بقوة، وازدياد الحدة والتجاذب وظهور الألتراس، لذلك كانت محاولة استغلال تلك الحالة منطقية في فيلم "الزمهلاوية" عام 2008، وهو فيلم ضعيف جداً يقوم باستغلال عدد من اللاعبين من الأهلي والزمالك، من دون أي دراما حقيقية تذكر.





بعدها، عام 2009، صدر فيلم العالمي، من بطولة يوسف الشريف وإخراج أحمد مدحت، عن لاعب كرة مصري يحترف في نادي فالنسيا الإسباني، ويخوض عدداً من المشاكل والصراعات والإصابات، وفي الفيلم –الذي صور في العام نفسه- يتم استغلال حدة الصراع بين مصر والجزائر على بطاقة التأهل لكأس العالم 2010، ويصبح (العالمي) في الفيلم.. هو الذي يحرز الهدف الذي يصل بمصر إلى كأس العالم في نهاية المباراة.






وأخيراً، في عام 2015، صدر أنجح فيلم مصر عن كرة القدم على الإطلاق، وهو فيلم "كابتن مصر"، تأليف عمر طاهر –الكاتب الساخر الناجح جداً- وإخراج معتز التوني، وبطولة عدد كبير من نجوم الكوميديا المصريين الصاعدين بقوة، مثل علي ربيع وأحمد فتحي ومحمد سلام وحتى بيومي فؤاد، إلى جانب محمد عادل إمام. يدور الفيلم حول نجم كرة مصري يدخل السجن، ويبدأ في صنع فريق كرة محترف من المساجين، ورغم عدم أصالة الفكرة واقتباسها شبة المباشر من فيلم Mean Machine، إلا أن الفيلم نجح بشدة مع الجمهور وحقق إيرادات قاربت 20 مليون جنيه، لدرجة التفكير في صنع جزء ثان منه.





اقرأ أيضاً: هؤلاء أغنى 7 ممثلين في العالم... وهذه ثرواتهم

المساهمون